الأحد , ديسمبر 22 2024
المغرب
عساسي عبدالحميد

هلال أبي لؤلؤة المجوسي.

عساسي عبدالحميد :

دول الخليج اليوم أشبه بكيانات كرتونية في طور الاحتراق والانهيار ؛ومن سوء حظ هذه المشيخات الريعية الصهدانة التي فشل بترولها في صناعة اقتصاد قوي منتج؛ حيث يكون العنصر البشري في صلب التنمية ومنخرط في تدبير الشأن العام ؛ من سوء القدر اللعين أن هذه الأنظمة على مرمى حجر من دولة إيران التي تتوفر على مشروع علمي يستند على مقدرات جيوبوليتيكية هائلة.
.
مشروع إيران المتمثل في (( رؤية إيران 2025 )) تم انجازه من طرف جهاز مصلحة تشخيص النظام

الذي كان يرأسه الرئيس الراحل والسابق ”هاشمي رفسنجاني”؛ و نال إعجاب وتقدير كبار الساسة

والاقتصاد بأمريكا؛ لدرجة وصفه بالمشروع العبقري الذي يتناغم ويتماهى مع الأمن القومي الأمريكي بالمنطقة.

مشروع رؤية ايران 2025 والذي نجحت ايران من خلاله على تسويق نفسها كقطب مركزي جاذب 

كفيل بتوفير شروط الأمن والاستقرار ؛ وجلب الاستثمارات عبر أوراش تنموية عملاقة

تعود بالنفع على كل العالم ؛ والمشروع ساهمت فيه أطر ولجان علمية إيرانية من مختلف القطاعات

بتنسيق مع كبار قادة الحرس الثوري ومستشاري المرشد علي خامنائي .

إيران المجاورة لعرب الجزيرة تتوفر على:

تركيبة سكانية تجاوزت 80 مليون نسمة بأعراق واثنيات متعددة؛ وهذا يشكل قيمة مضافة للإبداع والإنتاج.

تجربة ديمقراطية متفردة.


 تمتلك تكنولوجيا نووية مكنتها من دخول النادي النووي من بابه الأرحب؛ وهي موجهة للإغراض السلمية حسب اتفاقية فيينا 5+ 1


 بحوزتها ثروات هائلة وفي مقدمتها ثروة النفط .

 لديها موقع استراتيجي فريد على طريق تجارة الحرير المتجه نحو الصين؛ إيران مطلة على

الخليج الفارسي حيث مشيخات الخليج ذات الاقتصاد الشبعي الريعي البعيد عن الاقتصاد التنموي

المنتج؛ حدودها طويلة مع العراق وهو بوابتها نحو سوريا ولبنان ونافذة البحر الأبيض المتوسط 

وفي العراق لها روابط عقائدية مع الشيعة المتعاطفون والموالون للحوزة ومرجعيات قم

إيران مشاطئة كذلك لبحر قزوين إلى جانب بلدان الاتحاد السوفيتي سابقا

وهي مجاورة لأفغانستان وباكستان و قريبة من المارد الهندي.


إيران تتوفر على منظومة صاروخية ضاربة تغطي نقاطا بعيدة عن طهران بمئات الكيلومترات؛ ولديها جيش

عصري منظم ومدرب بقطاعاته البرية والبحرية والجوية؛ وخبراء عسكريون ظهرت بصماتهم جيدا في حروب

ايران بالوكالة في كل من سوريا والعراق واليمن (( الجنرال قاسم سليماني نموذجا ))؛ وفي انجازات حزب الله

اللبناني العسكرية سواء في مواجهته لإسرائيل أو في مشاركته المتميزة في حربه في سوريا على دواعش

السعودية والتي لم تزده سوى مراسا وصلابة عكس ما كانت تراهن عليه تل أبيب على أنه سينهار وسيتفتت في

سوريا ….)).

 ايران تراقب باب المندب عبر جزيرتين في خليج ميناء عصب بالبحر الأحمر استأجرتهما من دولة اريتيريا,

جاء في تغريدة على التويتر للخبير السياسي والاقتصادي الايراني وعضو مجلس تشخيص النظام ”محسن

رضائي” (( امارات _ متحده يك برج كاغدي است؛ بدون موشك هم فرومى ريزد )) ومعناها بالعربية : الامارات

برج من ورق يحترق دون صواريخ.

لو كان هذا التصريح الخطير كلام مواطن عادي لاعتبرنا الأمر طبيعي ؛ لكن أن يصدر على لسان مسؤول كبير ؛

فتلك قمة الخطورة؛ و في هذا السياق يحضرني تصريح للرئيس الحالي حسن روحاني سنة 1992 عندما كان يشغل

منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الايراني.

كانت المناسبة غذاء عمل جمعه بوفد من الكويت حيث خاطب روحاني مسؤولا كويتيا رفيع المستوى وهو الدكتور

عبدالله النفيسي؛ الذي شغل في السابق مقررا للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة الكويتي

 وبعدها مستشارا في ديوان رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد عبدالعزيز جاسم السعدون …..

قال حسن روحاني لضيفه الكويتي الذي كان يتناول كوب الفروتة المنسم بالليمون ….

 (( أنتم في الضفة الأخرى يعني الساكنون في الجهة الغربية من الخليج الفارسي مثل الفروتة، رائحتها زكية…

وبلعها سهل… و هضمها أسهل … فتأمل )) ، و أضاف روحاني في خضم حديثه الذي نزل كقطعة ثلج باردة على

رأس ضيفه الكويتي :أنتم في الضفة الأخرى من الكويت حتى سلطنة عمان ستعودون لحضن الوطن الأم (( الذي

هو ايران ))

نعم هذا ما قاله روحاني سنة 1992 وهو المحسوب على الحمائم والتيار المعتدل لضيفه الكويتي الدكتور عبدالله

النفيسي …فكانت بمثابة الصفعة التي أفقدت الدكتور النفيسي توازنه وجعلته يتعرق …

فلا غرابة إن أبدت مدعشات الخليج توجسا من هلال أبي لؤلؤة المجوسي الآخذ في التوهج والتمدد الى ما وراء

خليج فارس ؛ فالمنطق والحتمية التاريخية تشير وبكل وضوح بأن الساحل الغربي للخليج سيذوب بطريقة

أوتوماتيكية في الوعاء الايراني؛ والمنطق يقول كذلك بأن إيران دولة مركز نافعة للشركات العالمية الكبرى؛ وأنها

هي الحليف الاستراتيجي والمستقبلي لأمريكا ان أرادت واشنطن الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية و أمنها القومي

في المنطقة.

نحن اليوم على أبواب مرحلة سنعاصرها مع أبنائنا وأحفادنا حيث سنشهد موجات بشرية آتية من ايران ستستوطن

الساحل الغربي للخليج الفارسي و ستصير اللغة الفارسية سائدة في الشريط الممتد من الكويت حتى امارة رأس

الخيمة .

عندما يلتفت قادة السعودية وعلى رأسهم الحاكم الفعلي محمد ابن سلمان؛ ويديرون وجوههم

من شرفات قصورهم

و يخوتاتهم نحو الساحل الشرقي للخليج الفارسي؛ ينتابهم هلع شديد عندما تلوح لهم صورة

أبي لؤلؤة المجوسي وهو يمسك ععكة اليورانيوم الصفراء بيد، وفي اليد الأخرى مسودة مشروع رؤية

ايران الذي نال اعجاب واشنطن وفرنسا وألمانيا وانجلترا وكل أوروبا؛ والتي باتت

كلها ترى في ايران حليفا مستقبليا نافعا لأمنها القومي

ومصالحها الإستراتيجية في المنطقة.(…)

أنظمة مشيخات الخليج اليوم في حالة ارتباك قصوى وحكامهم تشتت فكرهم بشكل فضيع؛ ولعل أوضح مثال على

هذا هو اقدام السعودية منذ أيام على ارسال وسيط الى ايران تطلب دعمها في إيجاد تسوية مع تنظيم أنصار الله

باليمن ؛ وهذا ليس تعقلا من طرف السعودية بل شعور بالخيبة والهزيمة في حربهم العدوانية على اليمن؛ والتي

تدخل عامها الثالث؛ وهي مغامرة كان يراهن عليها النظام السعودي أنها منتهية في غضون أيام ويتم نزع سلاح

الحوثيين وتطويع الشعب اليمني ؛ لكن الوقائع تؤكد أنهم خسروا الرهان.

محمد جواد لاريجاني عالم فيزياء ايراني و أحد منظري ايران البارزين و الخطيرين، يشغل الآن منصب أمين لجنة

حقوق الانسان المنضوية تحت لواء السلطة القضائية التي يترأسها أحد أشقائه ،ابوه هو المرجع الديني آية الله

ميرزا هاشمي أمولي وهو صاحب نظرية الطريق الى مكة عبر المنامة، أي المنظر لنقل مركز العالم الاسلامي من

مكة الى قم الايرانية،

بالأمس كان لا ريجاني يثير حفيظة صقور الحوزة و قيادة الحرس الثوري نظرا لليبراليته الزائدة و انفتاحه على

الغرب المبالغ فيه حسب منتقديه ، أما اليوم صار لاريجاني جوكير المرحلة القادمة بدون منازع ومطلوب لدى أكثر

من جهة كقناة للتواصل مع واشنطن والغرب وهو المعجب بالثقافة الأمريكية والناطق بالانجليزية بطلاقة …..ومن

المحتمل جدا أن يكون محمد جواد لاريجاني رئيس ايران المقبل خلفا لحسن روحاني ….

داخل الكونجرس الأمريكي يتواجد لوبي قوي يدعو صناع القرار بواشنطن لاعتماد ايران كحليف قادر على الانخراط

في شراكة تعود بالمنافع على الاقتصاد الأمريكي ومصالحه بالمنطقة؛ وهو لوبي لا يقل قوة ونشاطا عن اللوبي

اليهودي .

المشروع الايراني بالمنطقة هو مشروع متكامل وماض عن قدم وساق بموازاة مع المشروع الأمريكي المسمى

بالشرق الأوسط الجديد؛ ونصيب العرب من المشروع خيمة من وبر الجمال ومعلقات طللية على ايقاع ربابة حزينة؛

اما تركيا مصدر تهديد الهوية الأوروبية فسيتم قص جناحيها؛ والباب العالي سيتم تشميعه ؛ و سيدخل الرجل

المريض غيبوبة ثانية قد لا يستفيق منها

هناك قوتان ستقتسمان نفوذ المنطقة في المستقبل القريب وستكونان بمثابة حارس الأمن القومي الأمريكي ؛مملكة

داوود و عاصمتها أوروشلايم؛ وامبراطورية الفرس وعاصمتها قد تكون بغداد.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.