الخميس , ديسمبر 19 2024

ماجدة سيدهم تكتب : كأس كونياك ..( مناجاة نصف الليل ..)

وحين كانت أجراس الكتدرائية تدق بالأغاني كان على المقهى المقابل يجلس يحتسي الفتى بعضا من النبيذ الأبيض..

تصنع ضحكاته بين المارة نهرا من الهذيان الناصع حين أفرغ كأسا آخر من الكونياك . منتشيا ككل مساء بدوي الإحتفال والزحام والضوء ..ليلة الميلاد ..

لا يعرف أحدا على وجه التحديد بينما بالرقص يصافح كل المارة ..يؤكد لهم أن تهليل هذه الاجرس هو لميلاد كل يوم وللخلاص كل الحين .. ثم بالابتهاج يدعوهم لمشاركته الإيقاع ..

إ عتاده المارة ..عاشق الخمر والملكوت ..تحت قبعة الليل يفك أزرار الروح حين تضج فيه خلايا البهجة بالوفرة وللمزامير يخترع الحانا ماجنة ويصيح :

« ايها الإله صديقي ..أخرج من قبوك القاتل ..أنا هنا .. تحت خمرات المطر انتظرك …هذا المساء مثير جدا للابتكار والتصالح والمسامرة..لذا أدعوك إلى طاولتي وكأس من الكونياك الجيد ..للرقص على ايقاع المارة الطيبين .. للمسامرة ..فلدي ما أحكيه لك هذا المساء أيضا من أسرار وفكاهات مدهشة ..

دع عنك أطراف المدن وبرودة القباب وادخل معي إلى عمق الأرصفة المغبوطة بالسكارى والتعابي والعاهرات والمنبوذين واللصوص والشعراء …إلى عوالمنا المخلصة ..إلى صديقي الذي خذله الوطن فأتقن التشرد ..إلى عشيقتي الناسكة والشاردة بين فمي ودمي ..إلى القطارات المثقلة بأحلام تغادر مقاعدها قبل الوصول .. إلى أطفال صارت بقايا أعضاءهم طعاما للذئاب ..وآخرين شاكرين القدور الفارغة ..

مرحبا بك حيث المحلات المليئة بالملابس الغالية والعطور الثمينة والجوارب النسائية .. قبلات الصبية المتعثرة ..حيث رجال يتطلعون إلى الأفضل ثم يعبرون بالإنكسار ..وآخرون يكبحون الشرور بالموسيقا والعناق ..يعتكفون عمرا لاكتشاف العقاقير المبهرة لحتى تخف آلام المطروحين عبر الشتات ..إلى نساء هدهم البرد وأخريات يكافحن من أجل حق الاختيار ..

هيا إلى حقول لازلت تنبت الخبز رغم الدماء..إلى شعراء شقوا ثيابهم وصارو الكلمة وكل فعل حب يمجدك ويتقدس ..إلى أحلام تشبه الجياد الملجمة والجامحة أيضا ..

إلى حكام ما تذوقوا مرة طعم الخمر فراحوا بثيابنا يمسحون النعال .. إلى العقائد المتصارعة بالتفاخر فوق طموحاتنا البسيطة فسقطت وتهشم معها كل كبرياء بابل .. إلى لصوص اذلهم العوز والبكاء ..إلى غانيات أجادو ترنيمات الخلاص بدمعات منسحقة تحت قروش تجار السلاح والأوطان ..إلى العازفين بالجمال والحب والتطلع لآفاق عناق وسلام ..

..يا يسوع صديقي ..صليب أنا متنقل..وشهادة لك بين أرصفة التسكع والانتظار ..نبي البارات أنا ..اضحك.. اضحك يايسوع بصوت عال.. ولماذا وضعت كل هؤلاء المحبوبين الصادقين أمامي وأنا الصغير والذنديق والحقير و الماجن والأخير في بيت أبي ..وتر مجذوب على كتفك أنا وحلو إسمك بفمي أعلن ..».

راح الجمع يبادلونه الرقص العارم بالبهجة ..صفق الله منبهرا ثم أخذ يحتسي كأس كونياك في انتشاء عميق ..!

 

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.