د.ماجد عزت إسرائيل
أرض الأنبا رويس التى بنيت عليها الكاتدرائية المرقسية بمنطقة العباسية بمحافظة القاهرة كان يطلق عليها قديما اسم “دير الخندق” الذي يرجع تاريخ أنشائه إلى عام 969م،عندما شرع جوهر الصقلي قائد جيوش الخليفة المعز لدين الله الفاطمي في تأسيس مدينة القاهرة وبناء قصر كبير بجهة الجمالية ليكون مقرا لإقامة المعز فصادف عند تخطيط القصر ديرا للأقباط في تلك الجهة يسمي “دير العظام” مدفونة به أجساد القديسين فأراد جوهر ادخال هذا الدير ضمن تخطيط القصر فأخذه، ولكنه نقل الأجساد المدفونة بداخله إلي منطقة دير الخندق وبذلك عوض الأقباط عن دير العظام أو “دير العظمة” بدير الخندق الذي أنشيء في القرن العاشر الميلادي.
ويقع دير الخندق فى المنطقة الممتدة من دير الملاك البحري إلي حي العباسية – حاليًا منطقة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية – وكان بهذه المنطقة عدة كنائس من بينها كنيسة للأرمن، وكنيستين تم ترميمهما إحداهما باسم رئيس الملائكة غبريال، والثانية باسم القديس فيلوباتير مرقوريوس الشهيد أو أبو سيفين وهي الكنيسة التي دفن فيها القديس الأنبا رويس عام(1404 م)، وفى الجانب الشرقى من موقع كنيسة الأنبا رويس شيدت كنيسة على اسم السيدة العذراء، وهذه الكنيسة هى التي هدمت فى عام 1965م وشيدت بدلاً منها الكاتدرائية المرقسية والى افتتحت عام 1968م. وكانت تبلغ مساحة دير الخندق نحو(14) فداناً وحاليًا نحو (9) فدادين
وحاولت الحكومة المصرية الأستيلاء على هذه المساحة ما بين (1929-1946م) وهنا تصدي لهذا الأمر حبيب باشا المصري، وكيل المجلس الملي ومستشار وزارة المواصلات،وقام بتقديم مذكرة لإثبات حق الاقباط في تلك الأرض. واثبت أن الأرض الأ قباط منذ القرن العاشر الميلادي.
وفى عام 1946م حصلت الكنيسة على حكم بملكية هذه المنطقة وبعدها تم تشيد القاعة اليوسابية الكبري نسبة للبابا يوساب الثاني.
وبناء مبني الكلية الإكليريكية التى ولم تهدا محاولات الدولة للأستيلاء علي الأرض ففي عام 1953م ارادت الدولة نزع جزء من الأرض بحجة بناء مدرسة لخدمة منطقة عرب المحمدي، ولكن المجلس الملى تصدى لهذه المحاولة وبدأ تعمير المنطقة عن طريق إقامة الحدائق حول الكنائس الموجودة، وأصدر الأنبا يوساب الثاني قراراُ بنقل الكلية الإكليريكية من مهمشة إلى الأنبا رويس.
وعقب تولى المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس البطريرك رقم (116)(1959-1971م) الدار البطريركية،سعى لدى الرئيس “جمال عبد الناصر” (1956-1970م) بالحصول على تصريح بأنشأة كاتدرائية جديدة للأقباط بمنطقة الأنبا رويس، وتحق سعيه ففى 24 يوليو 1965م قام رئيس الجمهورية بصحبة البابا بوضع حجر الأساس لها، وتبرعت الدولة بمبلغ مالى نحو نصف مليون جنية نصفها مادياُ والنصف الآخر عينًا، كمساهمة فى نفقات البناء، وشارك أولاد الرئيس جمال عبد الناصر بتبرعهم بقدر معين من مصروفهم بتشجيع من والدهم.
وفي هذا يذكر الكاتب الصحفى”محمود فوزى” فى كتابه “البابا كيرلس وعبد الناصر” قائلاً: “تعود قداسة البابا أن يزور الرئيس عبد الناصر فى منزلة .. وفى زيارة من هذه الزيارات … جاء إليه أولاده ، وكل منهم يحمل حصالته وقفوا امامه فقال الرئيس لقداسته : ” أنا علمت أولادى وفهمتهم إن اللى يتبرع لكنيسة زى اللى يتبرع لجامع، والأولاد لما عرفوا إنك بتبنى كاتدرائية صمموا على المساهمة فيها، وقالوا حنحوش قرشين، ولما ييجى البابا كيرلس حنقدمهم له، وأرجوا لا تكسفهم وخذ منهم تبرعاتهم.
” ولكن هنا يجب أن نؤكد أن هذا التبرع كان من أجل شراء أرض دير مارمينا العجايبى وليس للكاتدرائية المرقسية. وأيضًا حضر الرئيس عبد الناصر رغم مرضه، حفل أفتتاح الكاتدرائية فى يوم الثلاثاء الموافق 25 يونيو 1968م بمشاركة الإمبراطور “هيلاسلاسيالأول” إمبراطور الحبشة (أثيوبيا) ، وممثلو الكنائس العالمية. وفى 26 يونية 1968م دشن قداسة البابا كيرليس مذابح الكاتدرائية بصلاة القداس،كما أودع رفات مار مرقس الرسول التى أحضرها من إيطاليا تحت هيكلها الكبير.