أرجع بعض المراقبين السياسيين، السبب وراء حجب المساعدات الأمريكية عن مصر، والتي تبلغ قيمتها 290 مليون دولار، إلى مقال الناشطة ومؤسسة جمعية بلادي آية حجازي، الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، مشيرين إلى تزامن حجب المساعدات الأمريكية بعد يوم من نشر الصحيفة مقال “حجازي”.
وهذا هو نص مقال “حجازي” في الصحيفة:
لو طلبت مني أن أسَمّي إنجاز حياتي سوف أجيب بكلمة واحدة: “بلادي”، هذه المؤسسة غير الحكومية التي أسستها مع زوجي في مصر، كانت جزيرة للإنسانية التي كانت تحمي 40 من أطفال الشوارع تعرضوا للإيذاء والاغتصاب.
ولكنها لم تدم طويلاً، فبعد إنشاء المؤسسة داهمت الشرطة مقرها واتهمت 8 منها بجرائم شنيعة وتم حبسنا نحو 3 سنوات، وبهذا دمرت السلطات المصرية حلمنا وأحلام 40 طفلاً، وأثبتوا أنهم مصممون على سحق أي شخص في مصر يعمل لأجل حقوق الإنسان.
دعني أروي من البداية، في يناير 2011 حيث كنت طالبة مصرية أمريكية أدرس القانون بجامعة جورج ماسون، وكنت منبهرة بالاحتجاجات في مصر، وأرغب في أن أرى وطني الأم أصبح مزدهرًا بالديمقراطية، لذلك تخليت عن كل شيء لأنضم للتظاهرات في ميدان التحرير . وفي التحرير التقيت زوجي محمد لنتزوج بعد عامين من اللقاء.
معًا قررنا أن أفضل طريق لتحقيق الحكم الرشيد في مصر هو أن نستثمر في أطفالها، لقد بدأنا مع الأكثر عرضة منهم للخطر وهم أطفال الشارع.
في 75 يومًا فقط رأيت الإمكانيات الكبيرة لبلدي: 40 طفلاً كانوا سيصبحون منبوذين ومشردين أو بلطجية وجدوا لأنفسهم مأوى معنا.
في مؤسسة بلادي، تغيرت هوياتهم وصورتهم الذاتية، أحدهم وهو الطفل صلاح كان منزعجًا لأنه يسمى طفل شارع أخبرته أنه لا ينبغي أن يعتبر نفسه طفل شارع لأنه لم يعد يعيش في الشارع، هو عاش في “بلادي” وكان من أطفال “بلادي”، بعد ذلك رفعنا ملصقًا مكتوبًا عليه “أطفال بلادي” الأمر الذي جعلهم جميعًا فخورين.
وعندما زاره أحد أقاربه وأعرب عن خجله منه لكونه طفل شارع، صلاح رفع رأسه عاليًا وقال: “لا الآن أنا طفل بلادي”.
بلادي أيضًا غيرت وجهات نظر مجتمعية تجاه أطفال الشارع، فبعد أن أخذت 3 من أطفال بلادي للحديث في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، البروفيسور أبلغتني أن تلاميذها غيروا وجهات نظرهم.
ففي أول مرة رأوا نموذج أطفال الشوارع متمثل في فتى محتال يتحرش بهم يتوسل لأجل المال، بدلاً من ذلك رأوا أطفال بلادي الذين كانوا أبرياء.
لقد شعرنا أننا أقوياء كنا قادرين على أن نساعد أطفال الشوارع، وهي مشكلة كان يُعتقد أنها مستعصية على الحل.
ولكن بدلًا من دعم مبادرتي، الشرطة المصرية داهمت بلادي وأنهت جهودنا وألقت الأطفال مرة أخرى في الشوارع، أحد الأطفال يدعى مازن دخل بلادي بعد أن انفصل عن والديه بسبب رغبته في استكمال تعليمه المتوسط، وعندما اصطحبته الشرطة نظر إليّ بائسًا بينما كان يمسك كتبه متوسلاً: “من فضلك أريد أن أؤدي الامتحانات!”.
أثناء التحقيق معي ومع زوجي بشكل منفصل، طلبوا منا أن نتهم بعضنا البعض، فأخبروا زوجي أنه يمكن أن يخرج آمنًا في حال اعترف أني جاسوسة أمريكية، ولو فعل ذلك سوف تساعده السلطات في العثور على زوجة أخرى. إلا أننا حافظنا بقوة على حبنا، هذا الحب وحلمنا الذي كلفنا نحو 3 سنوات في السجن.
بينما كنت في السجن، ذكرتني كلمات أحد أطفال “بلادي” اسمه أسامة بحلمي، لقد كتب لي خطابًا قال فيه: “لن أصدق أبدًا أي شيء سيئ عنك سوف أساندك حتى تحصلي على حقوقك. وبمجرد أن تخرجي من السجن سوف نحتفل ثم ستغادرين هذا البلد الذي ليس فيه عدالة أنت لست مجبرة على العيش في هذا البلد لكننا مجبرون”.