بقلم : اسحق فرنسيس
أثارت شخصيه (ابوبكر البغدادي) الغامضة الكثير من علامات الاستفهام كونه قائدا لأحد الفصائل المسلحة السرية التي انبثقت عن تنظيم القاعدة ، الذي أسسته عدد من أجهزه المخابرات خلال الفترة( أغسطس 1988وأواخر 1989 / أوائل 1990) بقياده اسأمه بن لادن ، وأطلقت على نفسها ( ألدوله الإسلامية في العراق والشام) وقد بدأت الحقائق تتكشف تدريجيا بعد إلقاء القبض على عدد من المقربين منه خلال المعارك الأخيرة في الانبار وكذلك المعارك الطاحنة في سوريا بين الفصائل الإسلامية الذي اندلع خلال الأشهر الأخيرة وأعادت التذكير بمشروع الصحوات في العراق ودرجه اختراق أجهزه الاستخبارات لهذه التنظيمات وتوجيهها وفق لأجندات مسبقة.
لم يكن مستغربا ان يبتسم احد مقاتلي هذه التنظيمات العرب الذي سقط بقبضه جهاز مكافحه الإرهاب في العراق مؤخرا حين سأله المحققون إن كان في (داعش) او( القاعدة) او (النقشبنديه) اوغيرها فأجاب : نحن لا نعلم فبين كل حين وآخر يطلب منا ان ننتقل من تنظيم لآخر ونخضع لقياده جبهة الى أخرى وقد اختلط علينا الأمر فأصبحنا نقاتل بعضنا البعض ونخون بعضنا الأخر ونكفرهم …!!!
واستنادا لمصادر متعددة غربيه وشرق أوسطيه وعراقيه غير رسميه فان لبغدادي وجميع مساعديه عراقيون ولا يقبل البغدادي أي قيادي ميداني من جنسية أخرى لأنه شديد الحذر والتوجس من الاختراق والغدر به . ويتألف مجلسه العسكري ما بين (8 -13قياديا) ويترأسه ثلاثة أشخاص من جيش صدام السابق منتمين لحزب البعث لكن القائد الفعلي والمخطط والعقل الرئيس للتنظيم هو عميد سابق في الحرس الجمهوري يلقب (العقيد حجي بكر).
والبغدادي معروف لدى المخابرات الامريكيه التي نشرت قبل أسابيع عبر وسائل الإعلام صورته واسمه الحقيقي وتأكد الأمر بعد ان ألقت القوات العراقية في الرمادي في وقت سابق القبض على من يسمى (وزير الأمن في دولة العراق الإسلامية) المدعو (حازم عبد الرزاق الزاوي) الذي كشف أثناء التحقيق معه عن الهوية الحقيقية لزعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو بكر البغدادي ووزير حربه الناصر لدين الله سليمان”.
ووفقا لهذه المصادر فان أبا بكر البغدادي هو في حقيقة الأمر المدعو ( الدكتور إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي) ويلقب (بابي دعاء) أما وزير الحرب الملقب بالناصر لدين الله سليمان فكان يشغل منصب (والي الأنبار) سابقا في التنظيم تحت اسم (أبو إبراهيم) واسمه الحقيقي (نعمان سلمان منصور الزيدي). وأظهرت الأدلة أن السامرائي والزيدي كانا معتقلان في سجن( بوكا) في البصرة وقد غرس فيهما الفكر التكفيري من قادة التنظيم الذين كانوا معتقلين آنذاك بعد اعتقالهم من قبل القوات الامريكيه والذين نجحوا في تجنيد المئات من قاده التنظيمات التكفيرية إمام أعين وسمع الأمريكيين!!!!
انضم العقيد حجي بكر(لدولة العراق الإسلامية) عندما كانت بقيادة (ابوعمرالبغدادي) الذي قاد التنظيم بعد مصرع الزرقاوي ) أو (أحمد فاضل نزال الخلايلة )- (30 أكتوبر 1966 – 7 يونيو 2006) الذي قاد معسكرات تدريب لمسلحين في أفغانستان..و أسس ماسمي بتنظيم “التوحيد والجهاد” في التسعينيات وعرف لاحقا بزعيم تنظيم مايسمي “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” الذي هو فرع تنظيم القاعدة في العراق، بعد أن “بايعت” جماعة “التوحيد والجهاد” (وهو الاسم الأول للجماعة), أسامة بن لادن عام 2004.و قاد التنظيم حتى مصرعه بغاره للطائرات الامريكيه في يونيو/حزيران 2006. حيث عثر بحوزته على أرقام هواتف مسئولين عراقيين كبار في قمة السلطة .!!!!
تولى قياده التنظيم بعد الزرقاوي ساعده الايمن وصديقه ابو عمر “البغدادي”(1959-2010) او (حامد داود محمد خليل الزاوي). امير تنظيم”دولة العراق الإسلامية” من (21 رمضان, 2006 لغاية 2010). والذي عمل سابقا في (مديريه الأمن ألعامه) ثم طرد منها بعد ان اعتنق الفكر السلفي الجهادي وكان من أبرز منظريه و طورد من قبل نظام صدام حسين لكن انقلاب عقيدة القيادة العراقية بعد (عاصفة الصحراء) عام 1991 نحو التدين والاسلمة قادت لتقارب عزة الدوري مع التيار السلفي وجعلته يواصل نشاطه. بعد الاحتلال الأمريكي للعراق أصبح أميراً( لجيش الطائفة المنصورة) ثم بايع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي شكل فيما بعد مع مجاميع أخرى عرفت (بمجلس شورى المجاهدين) الذي ولدت من رحمه ألدوله الإسلامية في العراق .
لابد من الإشارة هنا إلى أن (مجلس شورى المجاهدين) تأسس في يناير/كانون الثاني 2006 وتم اختيار عبد الله رشيد البغدادي لأمارة المجلس. وضم في حينها كلا من( تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين. جيش الطائفة المنصورة.سرايا أنْصار التّوحيد.سرايا الجهاد الإسلامي.سرايا الغرباء.كتائب الأهوال.جيش أهل السنة والجماعة -) وكان الغرض المعلن للمجلس “إدارة الصراع في مواجهة المحتل الأمريكي والعملاء من المرتدين) .
في منتصف أكتوبر/تشرين عام 2006 صدر بيان من قبل (أبو حمزة المهاجر) يفيد بحل مجلس شورى المجاهدين، لصالح ما أطلق عليه (دولة العراق الإسلامية) والتي أعلن أنها (بذرة لإعادة تأسيس الخلافة الإسلامية) استنادا لمصادر غربيه فان ذلك القرار تم بإيعاز من جهاز مخابرات إحدى الدول العربية التي خصصت ملايين الدولارات لدعم هذا التنظيم بطرق سريه لمواجهة المشروع الأمريكي في العراق وتفجير الصراع الطائفي ومنع تكرار تجربته السياسية في دول أخرى في المنطقة.
لم يكن قائد( داعش) اليوم ابو بكر البغدادي ضمن قياده التنظيم حتى مصرع ابو عمر البغدادي وكان يعيش حسب هذه المصادر في محافظة الانبار وتحديدا في الفلوجه . في تلك الفترة الساخنة الداميه من المواجهة بين التنظيمات المسلحة والقوات الامريكيه والعراقية تقدم وسطاء باسم شخصيه غامضة إلى ابو عمر البغدادي هو المكنى ( العقيد الحاج بكر) والذي عرض خدماته العسكرية على تنظيم البغدادي للاستفادة من خبرته السابقة في الجيش . وقام هؤلاء بتزكيته أمام القائدين الفعليين (أبو عمر البغدادي وأبو حفص المهاجر)و تم قبوله دون ان يلتقي الطرفان بشرط تعريفهم بقيادات ومعلومات مفيدة حول ضباط لجيش الذين يمكن ضمهم للتنظيم ولم يكن هناك اي معرفة سابقة بين البغدادي والعقيد السابق ولكن وسطاء نجحوا في إيصاله الى أبو عمر وتحقق اللقاء بينهما بعد شهور وكان مقدمه لتغيير نوعي في العمليات الإرهابية .
تم تقريب العقيد بكر تدريجيا من قيادة دولة العراق كمستشار عسكري في البداية بعد ان خطط لعمليات نوعيه هزت بغداد والعديد من المحافظات وأغرقتها بالدماء والأشلاء ونجح التنظيم في اغتيال شخصيات سياسيه وعسكريه في ألدوله . واظهر الحاج بكر تمسكه بفكر القاعدة الجهادي وأعلن وتوبته من حزب البعث. وقام لاحقا بتزويد قيادة التنظيم بمعلومات عسكرية خطيرة و وربطهم عبر وسائل الاتصال بقيادات عسكرية سابقة تابعة لفلول حزب البعث وبعضها عاد للقوات الأمنية.
قاد دهاء العقيد وحنكته وخبرته المذهلة الى تقريبه سريعا من قيادة دولة العراق في غضون أسابيع قليله من انضمامه لهم بحيث شعرت أنها كسبت كنزا عسكر وقياديا متميزا ضليعا في شؤون الإرهاب والاغتيالات وجمع الإتاوات للحزب التي وصلت خلال أشهر إلى ملايين الدولارات . .
كانت ألفرصه سانحة للعقيد بعد مصرع المهاجر وابو عمر البغدادي بعد 50 يوما فقط من تكليف الحاج بكر بمهمة التخطيط والقيادة الميدانية للعمليات حين سقطت عليهما قذيفه في وكرهما المموه في الصحراء قرب( الرزازه ) دون ان يتعرض العقيد حجي بكر لأي أذى وصرع القياديين اللذان كانا من اكبر وابرز قيادات القاعدة بلحظة واحدة ليصبح العقيد بكر القائد الميداني الفعلي للتنظيم وعقله المدبر رغم عدم تسلمه قياده ألدوله الإسلامية .
في تلك الفترة التي تعرض فيها التنظيم لنكسه قويه كادت ان تقصم ظهره لم يسال احد من كوادر ألدوله الإسلامية وخلاياه النائمة المنتشرة في العديد من المحافظات العراقية كيف نجي العقيد بكر من تلك الغارة باعجوبه ولماذا لم تطارده الاجهزه الأمنية العراقية التي عرفت دوره الكبير في تنفيذ ما عرف بالأيام الدامية في بغداد عام 2009 ولم يتعرض لأي أذى في تلك الغارة المباغتة رغم انه كان ملازما دوما لقائدي التنظيم وقد كشفت زوجه البغدادي الكثير من إسرار الدور الخطير للعقيد بكر ؟؟؟
لكن الفراغ القيادي وقدره العقيد على جمع التنظيم والقيام بعمليات نوعيه في بغداد وفرض سيطرته على الموصل وديالى وأجزاء كبيره من الانبار وصلاح الدين جعله ينال تقدير الجميع رغم ان القيادة كانت شاغرة . وظهرت في تلك الفترة شخصيه أخرى بدأت تتردد على قياده التنظيم السرية وهو صديق لحجي بكر و ينادونه العقيد ( مازن نهير) كان يظهر بين الحين والأخر مع صديقه حجي بكر ويحضر معه بعض اللقاءات مع ابو عمرا لبغدادي والمهاجر بصفته كمتعاون مع التنظيم و (عضو غير رسمي) وكان دوره اختراق النظام والمؤسسة الأمنية الحكومية وكان حريصا على ان لا يظهر مع قيادة التنظيم ولا مجالسة ويتجنب ان يراه الكثيرون حتى من المقربين من ابو عمر البغدادي .
كانت المفاجاءة التي أذهلت الكثيرين في دوله العراق الإسلامية ان العقيد حجي بكر ورفيقه مازن نهير باغتا الجميع بقرارهما خلال اجتماع عقدته قياده التنظيم سرا بأنه بايع أميرا جديد لقيادة دولة العراق إلا وهو (ابوبكر البغدادي) وكان هذا الموقف كفيلا بان يحث الآخرين او يضطرهم لمبايعه ابو بكر البغدادي ما دام العقيد بكر واثقا منه . لتبدأ صفحه جديدة مع اندلاع العنف في سوريا قبل ثلاثة أعوام وانتقال العشرات من مقاتلي ألدوله للقتال في الشام .