الإثنين , ديسمبر 23 2024

ماجدة سيدهم تكتب : ” مغادرة “

« تري هل كان من الضرورة أن تنتزع انتزاعا من رحم العشق »

*حين علمت بحقيقة مرضها كان عليها أن تتحلى بفخامة العاشقات المتصوفات ..كانت تدرك بإلهامات ضوئية تباغت روحها أن ذاك الذي انتظرته عمرا وتبتلت حياتها ليقين التحامها به أنه أيضا سيأتي الوقت الذي ستأخد القرار الصعب لتفارقه ..

ظن أنها تهذي كعادتها.. فحين يغلبها نبيذ العشق تذهب تطيح وتخرب وتضحك وتبكي وتشاغب وتركض وتخشع وتجن جنونا كمن تلتهم فريدها التهاما.. ظن أنها تمارس نزالها الأنيق قبل فعل الحب.. فراح أيضا يداعبها.. لكنها هذه المرة ما جنت وما أطاحت وما مالت كعادتها تغمر وجهها بعطر قدميه ولعا ..

هذه المرة تجلدت بالبهجة أو هكذا بدت ..أكدت أنه اختيارها ..قرار الرحيل الذي لم تتوقعه مرة والذي عاهدته أن لاتفارقه مهما امتدت المسافة ..

لم يعرف سببا أو مبررا شافيا …ولما استحلفها راحت تتفرس في عينيه لآخر مرة.. و بعمق مخيف تفتش عن روحها في وهج التفاصيل.. عن رائحة اللقاء الأول بينهما حين كان يخبرها واثقا : « حتما سنلتقي ثانية »

« الأحداث الفاخرة تحدث مرة واحدة في الحياة أو ربما أكثر ..وحدها تحدث معنا فرقا هائلا… على الاّ نسعى لتكرارها كي لاتفقد زهو هيبتها وجلال وميضها » ترى هل كانت مخطئة ..؟

تقبّل قرارها حيال إصرارها« لن اقف حيال اختيارك فقط سأظل امينا لك للنهاية » قال لها.. بينما تعجب من صلابتها وسرعة تبدلها وقناعتها وهو الواثق أنها المولعة والمغرمة به حتى الضنا .. عانقها فامتلأت قوة وشبعا وجلدا عنيفا ..غالبت تعلقها المضني كيلا تبوح بحقيقة الأمر …تقاوم حيرته بثرثرة لا تعني شيئا..تضحك كي تهون من رعدة المغادرة ..

سافر طريقه «كم مطمئن قلبي عليك مع اسرتك الصغيرة »قالت لنفسها ..وفي الاتجاه المغاير تشددت أو هكذا امتثلت ورحلة الرقص مع الألم ومواجة النهاية بينما راحت تذوب في نحيب طاحن ..«لا بأس سأكون بخير ..سأحتمل التوقعات كلها كما يليق بعاشقة متحدية .. سألتحم بالناس أكثر وأعيش مغامرة أخرى مع المرض واكتشاف نقاط افتراسه ..ياله من نزال..»

ثم مضت وانخرطت في العد التنازلي لبداية صارمة لاتعرف على أي صورة ستكون ..

ترى هل كان من الضرورة أن تنزع روحها هكذا من رحم عشقها على الاّ تطلعه بحقيقة الأمر خاصة و أن لديه اسرة رائعة ..و ماعساه أن يفعل حيال الأمور المحتومة… هل ستتذكر ه حقا وتتتواصل معه كلما تاقت ونضجت في الألم أم ستطوي تلك المرحلة كيلا تضعف فتتهاوى ..

في القرارات المستحيلة يكمن شرف التحدي والنضج والتفرد ..أغلب الظن لم يكن هناك خيارا آخر ..هكذا تفعل النبيلات للاحتفاظ بعشقهن والاستمرار بشكل أفضل ..

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.