عرضت شبكة “بي بي سي” البريطانية فيلماً وثائقياً بعنوان ” أمراء آل سعود المخطوفون” تناول القصص الغامضة لاختفاء 3 أمراء سعوديين كانوا يعرفون بانتقاداتهم اللاذعة للنظام الحاكم وللعائلة المالكة السعودية.
بين فرنسا وألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة، قاد الفريق الصحفي التابع للشبكة تحقيقاته بشأن هذه القضايا والتقى بمقربين وأصدقاء وموظفين عملوا مع الأمراء وعايشوهم أو “اختطفوا” معهم كما حصل على شهادة هامة من رابع الأمراء المنشقين خالد بن فرحان آل سعود اللاجئ السياسي في ألمانيا. جدير بالذكر أن السلطات في السعودية وكذلك في المغرب قد رفضت التعليق على محتويات الشريط الوثائقي.
سلطان بن تركي بن عبد العزيز
منذ انتقاله إلى جنيف عام 2002 (التي خرج إليها بحجة العلاج)، بدأ الأمير سلطان بانتقاد النظام السعودي علناً عبر مقابلات إعلامية. قادته سيارة إلى قصر في ضواحي جنيف يعود لعمه اللك فهد لتناول الإفطار مع ابن عمه الأمير عبد العزيز بن فهد وبحضور وزير الشؤون الإسلامية صالح آل شيخ. وخلال اللقاء طلب عبد العزيز من سلطان العودة إلى السعودية لكنه الأخير رفض. وبعد فترة وجيزة داهم رجال ملثمون الغرفة واختطفوا الأمير بعد أن تعرض للضرب وتلقى حقنة مخدرة في رقبته لتسهل السيطرة عليه. بعد أيام استيقظ سلطان في أحد مستشفيات العاصمة الرياض. كان ذلك في العام 2003.
لكن الأمير عاود الظهور في كانون الثاني/يناير 2004 في اتصال مع قناة الجزيرة القطرية قال فيها إنه تحت الإقامة الجبرية واتهم عدداً من المسؤولين والأمراء بتدبير الأمر، من بينهم مضيفاه في قصر جنيف. وكانت القناة قد التقت بموظفين عملوا مع سلطان في بريطانيا وبمحاميه في الولايات المتحدة أكدوا إنه كان يحاول إدخال تعديلات في السلطة. إثر تدهور صحته، سمحت السلطات للأمير سلطان بالسفر للعلاج في الولايات المتحدة عام 2010 وهناك رفع سلطان دعوى قضائية في المحاكم السويسرية حول قضية اختطافه سببت حرجاً كبيراً للنظام.
في كانون الثاني/يناير 2016، أقام الأمير تركي في فندق باريسي فخم وكان ينوي زيارة والده في القاهرة. عرضت عليه القنصلية السعودية طائرة خاصة تنقله فوافق رغم ما حصل معه في السابق. ومجدداً، حطت الطائرة في الرياض حيث كان بانتظارها جنود مسلحون سحبوا الأمير وسط جو من الفوضى والخوف بينما كان الأمير يصرخ في مرافقيه طالباً منهم الاتصال بالسفارة الأمريكية. أما أفراد المرافقة وهم 8 أجانب فقد تم احتجازهم وصودرت هواتفهم وجوازات سفرهم لمدة 3 أيام وبعدها تم إطلاق سراحهم. اتصل محامي الأمير بالسلطات السويسرية لتتدخل لكنها لم تفعل شيئاً.
تركي بن بندر آل سعود
رائد في الشرطة ومسؤول عن العائلة المالكة. لكن خلافاً على الإرث أدى به إلى السجن ثم خروجه إلى باريس وبدأ في عام 2012 يدعو إلى الإصلاح في السعودية مدعياً بامتلاكه وثائق خطيرة عن الفساد. حاولت العائلة استمالة الأمير ودعوته للعودة، إلا أنه سجّل المكالمة التي تلقاها من مسؤول في وزارة الداخلية وقام بنشرها على الانترنيت مما زاد في إحراج النظام. في أواسط عام 2015 اختفى الأمير تركي تماماً ولم يعرف مصيره إلى أن تلقى أحد أصدقائه اتصالاً من داخل المملكة يخبره أن “الأمير عندنا” فعرف الصديق أن تركي قد اختطف بدوره. وبحسب الأمير خالد بن فرحان، فإن الأمير ذهب إلى المغرب ليبدأ مشروعاً اقتصادياً لكن النظام المغربي احتجزه في المطار وسلمه للسعوديين.
سعود بن سيف النصر
أمير غير بارز ينظر إليه كمحب للقمار والفنادق الأوروبية الباهظة. في 2014 بدأ بالتغريد منتقداً النظام السعودي والعائلة المالكة تحديداً داعياً إلى محاكمة المسؤولين السعوديين من مؤيدي عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي. نهاية عام 2015، نشر أمير سعودي وصف نفسه بأنه “من أحفاد الملك المؤسس” عبد العزيز على الانترنيت نداءين يدعو فيهما إلى الإطاحة بالملك سلمان وكان لهما أثر بالغ على الرأي العام السعودي وفي أوساط النظام.
لم يجد النداءان من مؤيد غير سعود بن سيف النصر الأمر الذي يرجح أن يكون ساهم في تحديد مصيره مستقبلاً. بعد أيام نشر سعود آخر تغريداته في 10 أيلول/سبتمبر 2015 دعا فيها “الأسرة” و”الشعب” إلى تحويل النداءين إلى “ضغط شعبي يكون وسيلة تدفع المترددين من أبناء العم للعمل بما جاء فيها”. ثم اختفى الأمير. وبحسب أحد المقربين منه، فإن سعود كان يشعر بالخطر المحدق به وكان يرجح أن يتم اغتياله في إيطاليا أو أن يتم خطفه. مرة أخرى، أدلى الأمير فرحان بشهادته حول ما جرى للأمير سعود دافعاً بفرضية “فخ محكم” نصبته له شركة روسية إيطالية عبر المخابرات السعودية.