بقلم : إسماعيل حسنى
نظام المواريث الذي ورد في القرآن والقائم على مبدأ “للذكر مثل حظ الأنثيين” ليس تشريعا إلهياً ابتكره الإسلام حتى يُتهم الإسلام بالتمييز بين الرجال والنساء بل كان معمولا به قبل الإسلام ليلبي متطلبات المجتمع القبلي الذكوري القائم على التمييز بين الرجل والمرأة ويعكس وضع المرأة المهمش في العالم بأسره آنذاك
فمن المعروف أن الإسلام لم يبتكر أية شرائع جديدة سواءً في المجال التعبدي أو في المجالات الإجتماعية والإقتصادية والعقابية والعسكرية بل اصطفى من بين العبادات والشرائع والأعراف المعمول بها آنذاك وسائل يؤلف بها بين أحوال الجماعة الوليدة ويمنع نشوب الخلافات والنزاعات بين أفرادها ، ولم يمنع تطويرها أو استحداث غيرها كلما تطور المجتمع واختلفت متطلباته ، لهذا كان الرسول يقول “أنتم أعلم بأمور دنياكم”.
ولقد أدرك الصحابة هذا جيداً وعرفوا أن الأحكام الواردة في القرآن ليست ديناً وعقيدةً بل هي وسائل لتنظيم المجتمع يمكنهم تعديلها أو إلغائها واستحداث غيرها ، لهذا قاموا بإيقاف العمل ببعضها مؤقتا كحد السرقة في عام الرمادة ، وإلغاء بعضها نهائيا وبشكل دائم وأبدي كنصيب المؤلفة قلوبهم في الصدقات وتوزيع أرض السواد وغيرها ولم يشعروا أبدا أنهم قد ارتكبوا معصية أو خالفوا شرع الله.
فقد اختلف نظام المواريث عند العرب قبل الإسلام حسب القبائل ، فمنهم من كان لا يورث النساء ، ومنهم من كان يجعل للذكر سهمين وللأنثى سهما وهو ما وافق الإسلام خاصة وأن في بداية الإسلام وقبل اكتمال القرآن كانت القاعدة “شرع من قبلنا شرع لنا” وكانت شريعة اليهود تقوم على توريث الأبناء الذكور فقط حتى أمرهم موسى باسم الرب أن يورثوا البنات فكانوا يورثوهن شرط أن يتزوجن من العشيرة.
ومن ثم فلا غضاضة أن نعيد النظر اليوم في تشريعات وردت في القرآن ولم تعد تناسب ظروف عصرنا كاعتبار شهادة المرأة نصف شهادة الرجل بينما هي اليوم ترأس الدول والوزارات ، وكإعطائها نصف نصيب الرجل في الميراث بينما هي اليوم تعمل وتعول كالرجل تماما ، بل تؤكد الإحصائيات أن أكثر الأسر المصرية تعولها نساء
خاصة أنه لا يوجد تشريع ديني يلزم الرجل زوجا كان أو أب أو أخ بالإنفاق على المرأة حال طلاقها مثلا فنرى رجال يلقون بالنساء وأولادهن في الشوارع إن طلقوهن فلا تجد المرأة في هذه الحالة من ينفق عليها ، ويوجد رجال كثيرون يتعرضون للبطالة أو المرض أو الإدمان فتخرج نساؤهن للعمل وإعالة الأسرة
ناهيك عن أن أغلب الشباب اليوم يبحثون عن فتاة عاملة للإرتباط بها حتى يتيسر لهم الزواج وتكوين أسر جديدة.
الخلاصة : كل الأحكام الواردة في القرآن (في غير العبادات) هي مجرد وسائل وليست مقاصد ، والله ألزمنا بمقاصد الشرع وليس بوسائله … فوسائل النقل المذكرة في القرآن هي “والخيل والبغال والحمير لتركبوها” ونحن لم نلتزم بهذه الوسائل وقمنا بتطويرها إلى سيارات وطائرات ، ومن ثم يمكننا تطوير وسائل تنظيم مجتمعنا تبعا لتطوره وليس في هذا اي أثم أو غضاضة.
المبدأ الأساسي هو أن التشريع اليوم لا يجب أن يميز بين الرجل والمرآة لأي سبب كان.
هذه ليست فتوى بل موضوع للمناقشة.