بقلم. شحات عثمان كاتب و محام
شاى يا بيه ليس وسيلة لكرم الضيافه او دعوة من صاحب المنزل لضيفه عند الزياره ، الشاى هنا عروسه ارتدت فستان الفرح حتى تظهر بكامل اناقتها والعروسه هى الرشوة التى لعنتها كل الأديان.
من مِـنّا لم يدفعها أو يتعامل بها فى حياته ، لا أظن !
يأبي عقلى تصديق ذلك فقد أصبح واقع الحال يجعل هذا الشاى أسلوب حياه
يحضرني قول الشيخ عبدالحميد كشك فى احد التسجيلات الصوتيه الموجوده فى الأسواق (إذا اردت ان تنجز فعليك بالوينجز ) وما زال كلامه يطبق فعلياً ، لكن هذه المره بشراب الشاى وبدلا من فتح ادراج المكاتب والقاء بعض العملات فى خلسة او وسط بعض الاوراق فى الخفاء الى التسليم العلني والمطالبه بها جهراً و تكثر اللقاءات على المقاهى والغرز .
من مـنّا لم يشرب الشاى أو يقوم بتقديم الشاى لبعض الفئات التى تخصصت فى هضم حقوق الناس بسبب الصلاحيات الممنوحه لهم فى المجتمعات .
شاى هذا العصر وكل العصور هو من قال عنه رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم ذات يوم (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) رواه أحمد والطبراني من حديث ثوبان رضي الله عنه
ومعناها :دفع المال في مقابل قضاء مصلحة يجب على المسئول عنها قضاؤها بدونه ويشتد التحريم إن كان الغرض من دفع هذا المال إبطال حق أو إحقاق باطل أو ظلماً لأحد .
وقد نهى الله عز وجل عن أكل أموال الناس بالباطل، فقال سبحانه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[2]
وقال سبحانه: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[3]
والرشوة من أشد أنواع أكل الأموال بالباطل؛ لأنها دفع المال إلى الغير لقصد إحالته عن الحق.
والقوانين فى كل البلدان تؤثم هذا الفعل وتضع له عقوبات صارمه وتم إنشاء أجهزة رقابيه وأجهزة لمكافحة الفساد الإدارى ورغم ذلك يستمر مدمني الشاي معاقرة الشاي بلا رحمة وبلا هواده .
إذا أردت أن تتولي منصب أجعل غيرك يشرب شاى وإذا أردت أن تترقي فى وظيفتك أشرب شاي وإذا أردت أن تنجز أى شئ فى حياتك أشرب شاي ، ليس المهم أن يكون الشاي بالنعناع أو الياسمين المهم أن يكون شاي يعدل المزاج والجيب .
تختلف نكهات الشاي أيضا هنا بين الشاي الورقي والشاي الجسدي والشاي اللفظي وكلها نكهات موجوده ولا تخفي على القارئ الكريم
هناك دول تم بيعها بالشاى وهناك زعماء تم بيعهم بالشاى وهناك كرامه تم بيعها بالشاى وهناك أجساد تم امتهان قدسيتها فى صورة شاي .
ويبقي الشاي هو المشروب العالمي لقضاء المصالح وقد قدمنا فى حياتنا الكثير من الشاي وارتوينا وارتوت أجسادنا بالشاي واصبح الشاي أسلوب حياه .
وللقضاء على هذا المشروب المحتوي على مواد مخدره تسري فى عظام المجتمعات الفاسده يجب أتباع بعض الوسائل منها ما يلي :-
اولا . توفير مصدر دخل يتناسب مع متطلبات الحياه .
ثانيا . الدين والاخلاق الكريمه فى الشرائع السماوية المعطله وتفعيل المؤسسات الدينيه ودور العباده والقيام بدورها .
ثالثا . الرقابه الصارمة من أعلى درجات السلم الوظيفي حتى ادناها
رابعا . أنهاء خدمات من يثبت تورطه محتسيا للشاي المقصود فى المقال وجعله عبره لمن يعتبر .
خامسا . تعديل القوانين والتشريعات لتصلح أن تكون قواعد تطبق على الجميع ولا يتميز شخص عن آخر بسبب ثغراتها .
فى الختام كاتب المقال ليس مثاليا فقد قام بتقديم الشاي للكثير بغرض قضاء مصالحة العالقه للحصول على حق له دون هضم لحقوق الأخرين ولكنه لم يتجرع يوماً كوب شاي وهضم حقوق اخرين .
غفر الله لنا ولكم