ذكر تحليل نشرته صحيفة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، أن تعديل مجموعة الدول العربية الأربعة التي تضم السعودية ومصر والإمارات والبحرين، لمطالبها الثلاث عشرة التي كانت طرحتها على الدوحة منذ أكثر من شهر، وإصرارها بدلا منها على ستة مبادئ، كان محاولة من تلك الدول لإقناع القطريين بمكافحة التطرف والإرهاب، ومنع التعبير عن التحريض على العنف، ووقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والامتناع عن دعم الكيانات غير القانونية.
ورأى كاتب التحليل، نواف عبيد، الزميل الزائر في مشاريع الإستخبارات والدفاع بمركز “بيلفر” للعلوم والشئون الدولية في جامعة هارفارد الأمريكية، أن القضية الخلافية الرئيسية لا تزال في دعم قطر لجماعة الإخوان، موضحاً أن تحالف الدول الأربعة يكشف ما أثبتته تجارب العديد من الانظمة الإسلامية في أن الإخوان ما هي إلا حركة معارضة لا تمثل شكلاً من أشكال الحكم ولا تقدم سوى القليل من البرامج الاقتصادية والاجتماعية، بل على العكس من ذلك فقد ارتبط معظم اعضائها بالعنف والإرهاب، وأشار التحليل إلى أن جماعة الإخوان شُكلت في مصر عام 1928 وانتشرت عبر منظمات تابعة لها في تونس والمغرب وسوريا والأردن وفلسطين وغيرها.
وأوضح أنه للأزمة الراهنة سياق جيوسياسي وتاريخي ديني، فتعتبر قطر دولة جزرية صغيرة يبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة (أقل من 10 % منهم من الرعايا)، الذين شعروا منذ فترة طويلة بأنهم يخضعون بدرجات كبيرة لدول عربية كبرى مثل المملكة العربية السعودية ومصر، ولفت إلى أن قطر، التي تغذيها الرغبة في ممارسة النفوذ الضخم والشعور بأهميتها الخاصة، تأوي منذ فترة طويلة قادة الإخوان ودعمت محاولاتها للاستيلاء على السلطة في مختلف الدول العربية، كما أن أمير البلاد السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كان قريبا جدا من الزعيم الروحي الحالي لجماعة الإخوان “يوسف القرضاوي”، الذي يعيش في قطر منذ عام 1961، وبالإضافة إلى ذلك، مولت قطر شبكة الجزيرة الفضائية، التي وفرت منذ فترة طويلة منصة عالمية للقرضاوي وآخرين لتعزيز البيان السياسي للحركة.
ويرى الكاتب أن الجماعة غير قادرة على العمل بنجاح بشكل سلمى ضمن النظم السياسية السيادية الراسخة، مرجعا الأمر إلى ثلاث عوامل، الأول تركيزها على الأيديولوجية الدينية بدلا من الاقتصاد التنموي ما أدى إلى إغراق السكان العرب الذين لديهم تفضيل للحكم المدني والفعال، إضافة إلى عدم قدرتها على إبقاء فروعها العديدة في خطوة أدت إلى تصور أنها مليئة جدا بالاقتتال الداخلي لحكم متسق؛ وأخيرا لم تتمكن من القضاء على الشكوك المتعلقة بصلتها بالعنف المتطرف، ولفت إلى أن الإخوان لم يحصلوا أبدا على السلطة في مصر، إلا لفترة قصيرة بعد ما يسمى بالربيع العربي عندما ثبت أنهم غير قادرين على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مشيرا إلى أن فروع الجماعة فشلت إلى حد كبير في الحصول على السلطة في دول أخرى لنفس الأسباب التي عرقلت الإخوان في مصر.
وذكر المحلل، أن القطريين يلعبون لعبة خطيرة، لها وجهين، ففي حين أن القطريين يدعمون وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة من خلال الديمقراطية والحديث باستمرار عن الديمقراطية كونها مستقبل العالم العربي، لم يفعلوا شيئا لتعزيز الديمقراطية في قطر، مشيرا إلى أن الدول المناهضة لقطر ترى هذا محاولة من القطريين لكسب نفوذ غير مبرر في العالم العربي من خلال سيطرة الإخوان المسلمين على الحكومات الإقليمية، وشدد على ضرورة وقف دعم الدوحة للإخوان، موضحا أنه كما أن الولايات المتحدة على حق في الضغط على دول أخرى لقطع دعم تنظيمي داعش والقاعدة، فإن تحالف الدول الأربعة (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، على حق في الضغط على قطر لإنهاء دعمها لجماعة الإخوان.