الإثنين , ديسمبر 23 2024
Abdel Fattah El-Sisi
السيسى

هل يسير السيسي على خطى ضياء الحق؟

بقلم : مجدى خليل

عندما تحدث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي فى يناير 2015 أمام شيوخ الأزهر عن ضرورة إحداث ثورة دينية داخل الإسلام، تفاءل كثيرون فى الغرب بحديثه وأخذوه على محمل الجد.

لكن ثبت بعد ذلك أن الرئيس المصري كان يوجه رسالته إلى الخارج من أجل دعم شرعيته كشخص معتدل جاء بعد رئيس إسلاميّ متطرف.

أما فى الداخل، فهو يتبنى خطابا وسلوكا دينيا محافظا، ويزايد فى أسلمة المجتمع المصري لكى يرسل رسالة أخرى إلى المصريين تقول إنه ليس أقل إسلاميةً من الإخوان الذين طردهم من الحكم.

أنتجت الصحوة الإسلامية التي بدأت فى الستينيات من القرن الماضى، كنتاج تحالف بين الملك السعودى فيصل وجماعة الإخوان المسلمين، ثلاثة أنواع من الإسلام: الإسلام الراديكالي الحركي الإرهابي، والإسلام السياسيّ الذى يسعى إلى الحكم، والإسلام المحافظ الذى يسير على نهج القرن الأول للإسلام. وينتمى السيسي إلى هذا الإسلام المحافظ. وقد ذكر السيسي بنفسه فى لقاء له قبل الرئاسة أنه تربى على أفكار الشيخ الشعراوي، وهو أبرز رموز التطرف فى الصحوة الإسلامية فى مصر. ولهذا تتجسد مفرادات الخطاب الدينيّ الإسلاميّ فى معظم خطابات السيسي وأحاديثه. وإذا عدنا إلى مقتطفات من أحاديثه، يتضح أن دوره هو تقوية دور الدين فى الدولة، وليس العكس. بل إنه كرر أكثر من عشر مرات أن مهمته هى حماية الدين والدولة. فهو يقول فى أحد أحاديثه: “الدولة التي ننادى بها هى التي تعرف صحيح الدين وتصون منظومته القيمية والأخلاقية، وتحافظ على الصورة الحقيقية لديننا الإسلاميّ وتشكل عقول المسلمين ووجدانهم”، أى أنه بوضوح يتحدث عن الدولة الحارسة للإسلام. وفى خطاب آخر يقول: “للدولة وقائدها دور فى حماية الدين والقيم والمبادئ فى المجتمع.” وفى حديث ثالث يقول: “قمنا بـ 3 يوليو لإنقاذ الإسلام ومصر من الإخوان.” ويقول: “دوري هو حماية الدين والدولة معا.” وفي حديث آخر يقول: “نحن قوم نخشى الله، وأي شخص يعتقد أنه يمكن أن يهزم أولئك الذين يخشون الله فهو واهم.”…. يوضح كل هذا وغيره الكثير أن السيسي يقوي سلطته بالدين المحافظ، وليس بالإصلاح كما يدعي.

فعلى أرض الواقع، لم يتجسد خطاب السيسي الإصلاحى فى أي عمل إيجابى. بل على العكس، تراجعت مساحة الحرية الدينية والعامة عما كانت عليه في عهد مبارك. وفى نفس عام 2015 الذي تحدث فيه السيسي عن الإصلاح الدينيّ، تم الحكم على 12 شخصًا بالسجن فى قضايا ازدراء الإسلام، وما زال 14 شخصًا آخر قضاياهم منظورة أمام المحاكم. فهو بالتالي من أسوأ الأعوام فى مصر في ما يتعلق بهذا النوع من القضايا، حيث تم حبس خمسة أطفال أقباط نتيجة سخريتهم من كليب مدته 26 ثانية من داعش، وتم حبس أدباء ومصلح إسلاميّ، وهو إسلام البحيرى. وعلاوة على ذلك، قام بإخراج العديد من الإسلاميين المتطرفين من السجن من بينهم محمد الظواهرى، شقيق أيمن الظواهرى، وفتح حوار مصالحة مع حماس، مع صدور حكم المحكمة المصرية بحق الأحزاب الإسلامية المطالبة بتطبيق الشريعة فى الوجود السياسيّ.

وعندما وجه خطابه للإصلاح الدينيّ طالب أن يقوم الأزهر بالمهمة، رغم أن الأزهر جزء من المشكلة، ومن الصعب أن يكون جزءًا من الحل. بل عندما تدخَّل السيسي لمساعدة مجلة للتنوير، تدخل لدعم مجلة (نور) الإسلامية الصادرة عن الأزهر، وهى مجلة تحاول تجميل صورة الإسلام وليس إصلاح الأصل. وهذا هو ما يشغل السيسي فعلا .. تحسين صورة الإسلام فى الخارج، وليس إصلاح الأصل.

على أن أخطر ما يتعلق بشخصية السيسي هو مزجه للعسكرية مع الإسلامية. فهو دائم الفخر بتدينه المحافظ وبقيمه العسكرية فى نفس الوقت، مع خلط كل ذلك بهلوسات إسلامية خطيرة. ففى إحدى التسريبات من لقاء له مع رئيس تحرير المصري اليوم، يقول إنه حلم أنه حمل سيفًا أحمر مكتوبًا عليه “لا إله إلا الله”، وهو كلام خطير يحمل معاني خطيرة فى شعوره الداخلي من أنه سيحمي الإسلام بالدم على طريقة القائد العسكري المسلم الشهير خالد بن الوليد.

وختام القول هو أن السيسي لا يملك القدرة ولا الرؤية ليكون مصلحًا إسلاميًّا. ويبقى السؤال الحقيقي: هل سيتحول السيسي إلى رئيس إسلاميّ كما فعل البشير فى السودان وضياء الحق فى باكستان؟ هذا هو الخطر الحقيقى.. فالسيسي يخلط جنون العظمة بهلوسات إسلامية ذات نزعة عسكرية. وهذا خليط شديد الخطورة… وكما استيقظ ضياء الحق عام 1988 مدعيّا أنه رأى رسول الإسلام فى الحلم وطالبه بتطبيق الشريعة، وعاشت باكستان منذئذ في كارثة، كذلك يمكن أن يفعل السيسي شيئًا مشابهًا. وكما حلم السيسي بالسيف الأحمر المكتوب عليه “لا إله إلا الله”، يمكن أن يطور حلمه إلى حكم إسلاميّ كامل. وعندها ستكون الكارثة الكبرى على مصر وعلى المنطقة.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

تعليق واحد

  1. السيسى تحالف مع السعودية الوهابية ضد الإخوان وهو يمثل مصالح الجنرالات فى إدارة الفساد المنظم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.