د.ماجد عزت إسرائيل
اختلف الكتاب والمؤرخين فى تاريخ مولد عبده الحامولى.فقد ذكر البعض أنه ولد ما بين عام( 1836-1840م)، وهناك آخرون ذكروا حسب ما ورد فى بعض المصادر التاريخية أنه ولد فى عام 1845م، ولكن من الثابت لدينا تاريخ وفاته فى 15 إبريل 1901م، وقد ولد فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية،أى بوسط الدلتا، وكان والده يعمل بائعا للألبان،وعمل الحامولى مساعد له، وفى ذات يوماً حدث خلاف بينهما إنتهى بتركه لمنزل العائلة.
وقد تلقى عبده الحامولى تعليمه بكتاب طنطا وحفظ القران الكريم،وبجانبه حفظ بعض من المواويل والموشحات الدينية، التى كانت سائدة فى ذات العصر، وبعد تركه لمنزل أبيه وبصحبته أخيه قابلا رجلاً بالطريق وكان يعمل قانونجي بطنطا، وهذا الرجل أعجب بصوته وجعله فى فرقته أى الغناء بذات المدينة،وساعده فى التدريب على الغناء، وبعد فتره من الزمن ذهب بها لمدينة القاهرة، وبدأ بزوغ موهبته فى الغناء على المقاهى بالقاهرة،وبين عشية وضحاها ذاع صيته وشهرته للخديو إسماعيل (1963-1979م)،وفى أحدى الحافلات الخاصة للخديوى وعائلته استمع إليه،وبعدها بدأ دعوته من رجال البلاط الخديوى لأحياء أفراح وحفالات أبنائهم وأحفادهم،وأصبح الحامولى حديث القاهرة فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر.
على أية حال، عمل عبده الحامولى بالغناء مع العديد من الفرق الغنائيه (التخت)، فعمل لدى الشيخ المقدم، والشيخ شعبان القانونجى،وهنا أعجب الحامولى بأبنته وتزوجها- كانت الزوجة الاولى- وأيضًا عمل مع الشيخ الرشيدى، والشيخ المنسى، وقد ساهم هؤلاء المتعهدين للحفلات وًحاب الفرق الغنائية فى شهرته المحلية والدولية. وقد كتب له الموشحات والأدوار العديد من المشاهر فى ذات الفترة،نذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر محمود سامى البارودى وإسماعيل صبرى والشيخ عبد الرحمن قراعه مفتى الديار المصرية.كذلك لحن له كبار العازفون وامهرهم فعزف له كل من محمد العقاد على القانون، ومحمود الجرمكس على العود، إبراهيم سهلون على الكمان، محمد كامل الرقاق- ايقاع- أحمد حسنين، على عبد الهادى هجية،واشتهر فى الوسط الفنى المصرى بجمال صوته، وغنى العديد من الأدوار والموشحات.وفى بعض الأحيان كان يقوم بالتلحين والغناء ونذكر على سبيل المثال كنت فين والحب فين، الله يصون دولة حسنك، اشكى لمين غيرك حبك، حبيبى شوفوهو لى يا ناس،الهوى يسقم صحيح،انا عاشق ومغرم يا حبيبى،للحسن ده بالطبع اميل،قالولى الناس على اوصاف جمالك،الهجر يار روحى،يا للى بليت بالهوى،متع حياتك بالاحباب،ستربت الصبر من بعد النصافى، الرب يلطف بعبده،فؤادى اسألك تعلمت الهوى ده منين،اراك عصى الدمع”لإبى فراس الحمدانى”،انا السبب فى اللى جرى،ويا قلب اضناك الهوى، لام العزول وما درى.
وقد أعجب السلطان عبد الحميد (1842-1918م) بعبده الحامولى، وقربه إلية وذهب الحامولى مع الخديو إسماعيل إلى مدينة للأستانة بتركيا، وقدم العديد من المواويل والموشحات الدينية،وذاعت شهرته بذات بتركيا، ومن الجدير بالذكر أن محمد عثمان سافر معه لذات المدينة المدينة،وسجنه السلطان العثمانى بسبب أحد أغنيه التى اعتبرها سياسية أى ضد سياسته التى كان مطلعها: “عشنا وشفنا سنين……. ومن عاش يشوف العجب”.
وبعد الأفراج عنه ومن معه عاد عبده الحامولى لمصر الحبيبة، وقدم بعض الأغانى التى جمعت ما بين التراث الموسيقى الغنائى التركى والمصرى. وقد تأثير العديد من المغنين فى عصره بطريقته فى الغناء نذكر منهم على سبيل المثال، يوسف المنيلاوى، وعبد الحى حلمى،وأصبح صاحب مدرسة موسيقية وله العديد من تلاميذه المبدعين. حيث أدخل أدوار جديدة ونغمات فى الغناء المصرى كالحجاز كار والنهاوند، العجم.
ومن الجدير بالذكر أن عبده الحامولى تزوج خمسة مرات،كان أولها أبنه المعلم شعبان القانونجى من طنطا، وارتبط مع الفنانه المظ – سكينه سليمان الحلبى – بقصة حب جمعت بينهما فى حفلات الخديوى إسماعيل وشاعت بينهما مداعبات فنية، حيث كثيرا ما جمعت بينهما حفلات كبار العائلات، فحين اجتاز النيل أرض مصر، غنت المظ له أغنية:” عدى بالمحبوب وتعالى …. وإن ……. اجيلك انا ، وفى حفل آخر” ياللى تروح الوصال وتحسبه امر ساهل وانى صعب المنال وبعيدى عن كل جامل. ورد امامها قائلاً: “روحى وروحك حبايب من قبل دا العالم” وأدت كثرة المداعبات إلى أثارة الحب بين القلبين. وكانت ليلة زفافهما من الليالى الخالدة والتى حضرها خديوى مصر،وقد كانت ألمظ سببا فى أزمة ما بين عبده الحامولى والخديوى إسماعيل، فقد كان الخديوى كتير التقدير لموهبة ألمظ الغنائية، فى حين أن الحامولى حرم على زوجته عدم الغناء بعد زوجهما ،وهذا ما أغضب الخديوى وعادت ألمظ للغناء،بعد تدخل كبار رجال القصر الخديوى.
وعلى الرغم من هذا الحب الشديد الذى جمع ما بين ألمظ والحامولى،إلا أنه لم يمنعه من الزواج للمرة الثالثة من زوجة تقطن بقرب الإمام الشافعى، وانجبت له اأبنا يدعى” محمود”،أما الزوجة انجبت له بنات فقط وفى النهاية،أما الزوجة الخامسة فكانت أمراة تركية اسمها “جلنار هانم”. وقد تأثير الحامولى لوفاة “ألمظ” فغنى” لما شربت الصبر من بعد …….مر الحال وما عرفت اصافى”،واتصف الحامولى بالاحترام لنفسه ولعائلته،وكان كريماً ومحباً للآخرين، ولا أحد ينكر موهبته الفنية كأول مغنى مصرى حفظ حركة الغناء بالإشارات التى تقوم مقام الحكاية وكان شديد الحفظ فمجرد أن يسمع النغم يحفظه على الفور.
وعبده الحامولى لم يعتمد على مهنة الغناء فقط بل مارس العديد من المهن الآخرى حيث أفتتح لشركة لتجارة الأقمشة،ولكنها لم تستمر كثيراً. وقد حظى بالتقدير والتكريم فى المحافل فقد قربه الخديو إسماعيل إليه وشجعه لتنمية موهبته،وأصطحبه لتركيا للغناء،ومنحه يخت خاص،وهو الذى قام بإحياء أفراح الأانجال عام 1873م.كذلك غنى على مسرح دار الأوبرا عام 1885م .وأيضًا كرمه السلطان عبد الحميد ومنحه الكثير من الأموال.
ومنذ أن حدث خلاف ما بين عبده الحامولى والخديوى إسماعيل أصيب بصداع شديدنوأيضًا بالسكر وفشلت محاولات الأطباء لعلاجه، عن طريق نصائحهم بالسكنى فى الشتاء بصعيد مصر لشدة درجات الحرارة عن شمال البلاد، فسكن بمدينة سوهاج وتحسنت صحته،ولكنه عاد للقاهر ليسجل أحد الأسطونات،وبعد رجع للأقامة بمحافظة المنيا،وبعد ففترة قليلة تركها وسكن جنوب القاهرة بمدينة حلوان وتوفى بها فى 12 مايو 1901م .
الوسومد.ماجد عزت إسرائيل
شاهد أيضاً
من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!
كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …