فى قرية ميت ضافر التابعة لمركز دكرنس كان مولد ونشأة نيرة نادر عبدالرازق، تلك الطالبة النابغة التى عاشت مسيرتها فى تفوق لفت نظر الجميع إليها. «نيرة» التى كانت مضرب أمثال القرية فى الالتزام والنبوغ المبكر حرصت على حفظ القرآن كاملاً منذ نعومة أظافرها
وحصدت المراكز الأولى فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وواصلت مسيرة التفوق والنبوغ فى المرحلة الثانوية، وكان حلمها الوحيد أن تدخل كلية الطب لتعالج المرضى البسطاء، لكن القدر لم يمهلها لتحقيق حلمها، وبينما زميلاتها كن يوزعن الفرح والابتسامات بعد نجاحهن فى الثانوية العامة كانت «نيرة» لا تدرى شيئاً عن الدنيا بما فيها بعد أن دخلت فى غيبوبة لا تزال أسبابها غامضة حتى الآن وبعد يومين من إعلان نتيجة الثانوية العامة وحصول نيرة على 98.5% كانت «نيرة» قد تركت الدنيا بما فيها وانتقلت إلى الرفيق الأعلى ليضع الموت نهاية لأحلام طالما تمنت «نيرة» تحقيقها.
أهالى القرية وأسرة «نيرة» لا يصدقون حتى الآن ما حدث من هول الصدمة التى حدثت، فبدلاً من أن تحتفل معهم بتفوقها والتحاقها بكلية الطب ها هى تفارقهم جميعاً.
من يصدق أن الطالبة النابغة التى عرفها جميع أبناء القرية، وكان يشار إليها بالبنان فى تفوقها والتزامها وحبها للخير وحرصها على حفظ القرآن والصلاة وبر والديها تنتهى حياتها قبل أن تعرف نتيجتها. لكنه القدر الذى لا مفر منه ولا مهرب.
والد نيرة نادر عبدالرازق دخل فى حالة بكاء وحزن شديدين، وها هو يتذكر أحلام «نيرة» فى الالتحاق بكلية الطب، تلك الوعود التى كانت ترددها نيرة له فى الالتحاق بالكلية لعلاج البسطاء.
أما والدتها فقد دخلت فى صراخ وعويل لا يتوقف بعد وفاة أصغر فلذات كبدها تلك الفتاة الطيبة القلب البارة بها وكانت تسميها طبيبة المستقبل.
عاشت أسرة «نيرة» معها لمدة 12 يوماً كانت فاصلة بين الحياة والموت بعد أن أصيبت بوعكة صحية، حيث كانت تعانى من مرض الصفراء لكن تحاملت على نفسها فترة الامتحانات وواصلت الليل بالنهار حتى يقترب الحلم من التحقيق، وبعد الاختبارات وتضاعف آلامها توجهت مع أسرتها إلى مستشفى دكرنس العام، وهناك لا أدوية ولا تشخيص مناسب مع الحالة ومن هنا بدأت رحلة المعاناة مع المستشفيات الحكومية والخاصة لتضع نهاية مأساوية لنيرة.
وفى مستشفى دكرنس طلب أطباء المستشفى بالطبع من أهالى «نيرة» أدوية من خارج المستشفى لعدم وجود أدوية به، ثم قرر الأطباء تحويلها إلى مستشفى حميات دكرنس لعدم قدرة المستشفى العام على علاجها بحسب تأكيد الأطباء، وبالتبعية قام مستشفى الحميات بطلب تحويلها إلى مستشفى آخر نتيجة سوء حالتها ودخولها فى غيبوبة كبدية، ثم احتار الأهل ما بين تحويلها إلى مستشفى خاص اشترطت دفع 10 آلاف جنيه لعلاجها وما بين مستشفى الباطنة التخصصى بالمنصورة لاستكمال علاجها بعد أن وصلت المستشفى وهى فى حالة خطيرة وغيبوبة تامة وعجز الأطباء عن علاجها، وها هو والدها يهرول إليها مسرعا لإبلاغها بأن حلمها على وشك التحقيق ويخبرها بحصولها على مجموع 98.5% فى الثانوية ويحاول إفاقتها من الغيبوبة حتى يزف إليها الخبر ولكنها لا تسمع ولا تتحدث ولا ترى.
اصحى يا ابنتى فوقى.. اصحى يا دكتورة.. تحقق حلمك وحلمنا، كلية الطب فى انتظارك، ولكن لا حياة لمن تنادى.. فقد بدأت نيرة رحلة النهاية «الموت».. وأخبره الأطباء بالخبر الحزين.. ماتت «نيرة».. سقط الأب على الأرض.. يتساءل: كيف؟ أنقذوها.. حاولوا.. لن تموت.. ماتت نيرة.. تركت أحلامها.. وأحلام أسرتها.. فارقت الدنيا بجسدها ولكن قلبها ما زال يرفرف ويتساءل من المقصر؟.. ما زالت سيرتها تحوم وتتردد فى أنحاء القرية.. نيرة ماتت.. نيرة لم تدخل كلية الطب.. نيرة الإهمال قتلها.. من المسئول؟ وما زال والدها ينتظر نتيجة التحقيقات.. ربما يصل إلى شىء أو سبب.. ولكن هيهات أن يحدث ذلك