بقلم / أمل فرج
في مقالك السافر عن عدم الاحترام والتقدير لشعب تمتد حضارته لأكثر من سبعة آلاف من الأعوام تحدثتِ بما تعلمين فيما لا تعلمين ، تحدثتِ في أول سطور مقالك الخاص بقضية تيران وصنافير بأدب يتضح من بقية سطوره أنه أدب مفتعل ، بل ومفتعل على مضض ، جئتِ لتتحدثين عن تيران وصنافير ، ولكن الحقيقة أنك أردت النيل من كرامة المصريين ، وتحقيرهم ، ومعايرتهم بفقرهم وحاجتهم ، نعم يا عزيزتي نحن شعب فقير ” فقير أووووووي” وهذا قدرنا ، رغم ثراء أرضنا وخيراتنا ، وبرغم ذلك نحن نختلف كثيرا عن كل شعوب الأرض ، الشعب المصري يعرف عيوبه جيدا ، ونواجه بها بعضنا بعضا ، وقد نهاجمها أيضا ، ولكن أن يتدخل من الخارج من يتطاول علينا ، وعلى كرامتنا ، وحضارتنا ، وتاريخنا ، والتقليل من قيمتنا وحجمنا ، أيا كان قهر ظروفنا لنا ، فليس حقا لكِ أو لغيرك ، بل أقل ما يوصف به ما أقدمتِ عليه بأنه العيب بعينه ، ولا أعلم هل جهلتِ أم تجاهلتِ أن المصريين هم من علموكِ كيف يُمسك القلم ، وكيف تسطرين ، يبدو أنك لا تقرئين يا عزيزتي ؛ لتعرفي فضل المصريين عليكم ، إذا فلتسألي آباءكِ علّهم يكونون أكثر منك إنصافا ، ويذكرون لكِ فضل مصر في إطعامكم وكسوتكم وقتما كنتم بدوا في الصحراء ، إنهم المصريون ، شئتِ ام أبيتِ إنه التاريخ ، اسألي أجدادك عن محمد علي الذي كان يرسل لكم المعونة حتى لا تموتون جوعا ، اسألي العمران حولكِ ، والقصور الفارهة التي بنيت بسواعد مصرية وغير مصرية ولكنها أبدا ليست بأيديكم ، اسألي التاريخ قبل أن تتحدثي ، خاصة وانك تتحدثين عن معلميكِ وأصحاب الفضل عليك وعلى آبائك وأجدادك، المصري الذي يسافر إليكم أيا كانت أسبابه ، وغالبا ما تكون من أجل لقمة العيش ، آثر أن يعمل في بلدكم بكرامته ، يقدم لكم عملا متميزا لا تقوى عليه العمالة السعودية ، جاء ليعلمهم الكفاءة في العلم والعمل ، ويأخذ أجره بكرامته مقابل ذلك ، فأي عيب في هذا ؟ بل على العكس هو صاحب فضل في أن يقدم لكم ما عجزتم أنتم على تقديمه لأنفسكم ولأبنائكم ؛ فلا تليق كلماتك برد الجميل لمعلميكِ ومعلمي آبائك وبناة وطنك . تحدثتِ في مقالك عن أنكم الآن لستم بحاجة للعمالة المصرية بعد أن كنتم في الماضي تعتبرونها كنزا، أما اليوم فلا ، أقول لكِ بأنك قد أخطأتِ الصواب ؛ لأنكم ستظلون دائما أبدا في حاجتنا ، وإن أخذكم الغرور لبعض الوقت للاعتراف بغير ذلك ، ليس لأنكم ستحتاجون لزيادة العمالة ولكن لأنكم ستحتاجون لكفاءة العمالة ، فانتم تفتقدون كثيرا للكيف بغض الطرف عن الكم ، جودة العمل ومهارته وتقنيته لا يستطيع أبناء السعودية تقديمه بالشكل الذي يرضي الرقي ومواكبة العصر ، رغم توفر الإمكانيات ، وقد جاء المصريون ـمنذ القدم ـ ليعلموهم الرقي والتحضر في كل شيئ ، حتى في الحركة والكلام وحتى التفكير ، نحن من علمناكم أن في رءوسكم جهازا للتفكير يسمى المخ ، عذرا؛ فقد يبدو كلامي جارحا ، ولكنه الواقع ، ويعلمه كل سعودي في قرارة نفسه ، وإن أخذه الغرور لإنكار ذلك ، وألفت انتباهك جيدا إلى أنك قد أخطأت خطأ لن تنسيه حين عايرت المصريين بفقرهم وحاجتهم للعمل في سوق العمل السعودي ؛ لأن الأيام دول ، وقد باتت السعودية وشيكة من نوائب الدهر التي لا تعلمين ماذا ستفعل بكنم ؟ وقد تفكرين يوما كما يفكر العالم في وقت الأزمات في اللجوء لمصر ـ حضن العالم ـ الذي هو مأوى من لا مأوى له ، وانظري حولك جيدا كيف تحتضن مصر إخواننا السوريين والليبيين واليمنيين وغيرهم ممن طالتهم الابتلاءات التي أودت بأوطانهم ، لم تكتظ بهم بلد سوى مصر ، ومرحبا بهم أخوة لنا في وطنهم الثاني ، وأهلا بك كذلك حين تدور عليكم الدوائر.. رسالة أخيرة لك .. تمنيت لو ناشد قلمك حكومتكم الموقرة بإنقاذ المسلمين المستضعفين في بورما والصومال وسوريا وغيرها ، كان الأجدر بك المناشدة لإمداد هؤلاء بالمعونة والأموال ، بدلا من هذا الهراء الذي تكتبين .. أين أنتم بأموالكم من هؤلاء المسلمين أيها البلد الإسلامي العظيم وإخوانكم تسيل دماؤهم وتمزق أشلاؤهم ، أكانوا هم أولى بالمليارات التي منحتها السعودية لترامب مقابل الحماية أم ماذا تعتقدين ؟ أالله أولى بالركوع والسجود أم أمريكا ؟ عزيزتي .. اقرئي جيدا الحاضر والتاريخ قبل ان تكتبي ؛ فكثيرا ما تفضح سطورنا جهل أفكارنا وضحالة ثقافتنا ، أما عن قضية تيران وصنافير ، فأنت تحدثت عن دهشة المصريين من الصمت السعودي وكأنه صمت لاحترام العروبة ومشاعر الأخوة ، لا يا عزيزتي ؛ فالصمت السعودي لأنكم لا تملكون وثيقة واحدة تبرهنون بها حقكم في الجزيرتين ، أما عن ردة فعل الشعب المصري في ذلك، فأيا ما كان هو شأن مصري ، وليلعن بعضنا بعضا فيه فلا شأن لكِ أو لغيرك فيه ، ولن يسمح لكِ بالتطاول مجددا علينا به أو بغيره ، أخيرا اذهبي واستغفري ربك لخطئك في أرض الكنانة ومهبط الأنبياء ، المقدسة بتشريف ذكر رب العالمين لها كثيرا في كتابه العزيز .. عذرا للشعب السعودي ولكنه حق بلادي في أن أرد الخطأ وأكشف الغطاء لمن لا يعلم .
الوسومأمل فرج
شاهد أيضاً
مهرجان الفوضى الخلاقة ؟
نجيب طـلال كــواليس الفـوضى : ما أشرنا إليه سلفا حول المهرجان الوطني للمسرح (؟)(1) اعتقد …