عيد ميلاد سعيد كندا
من مذكرات مصري في كندا
احتفلت كندا بعيد ميلادها الـ 150 منذ أن نشأ الاتحاد الكونفدرالي “دومينيون كندا” بموافقة البرلمان البريطاني اول يوليو عام 1867 بين 4 مقاطعات كندية فقط، هم ” أونتاريو وكيبك ونيو برونزويك ونوفا سكوشيا” ثم انضمت لهم باقي المقاطعات تباعا، وكان أول رئيس وزراءها هو “سير جون ماكدونالد” ولكن بدون صلاحيات على العلاقات الخارجية ومنها المشاركة في الحروب.
واستمرت كندا في نوال استقلالها عن بريطانيا تدريجيا، وعام 1921 تولى رئيس الوزراء “ليون ماكنزى كنج” الذي صمم على الاستقلال التام عن بريطانيا، ورفض مشاركة كندا لبريطانيا في الحرب على تركيا عام 1922 ووقع اول معاهدة خارجية مع أمريكا عن صيد الأسماك عام 1923.
وفى عام 1982 انتهت علاقة الدستور الكندي بالبريطاني تماما بتوقيع الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا ورئيس وزراء كندا “بيير ترودو” وسمى يوم الاستقلال بـ “كندا داى” بدلا من “دومينون داى” واسم كندا يأتي من لغة السكان الأصليين “كاناتا” بمعنى مجتمع او قرية.
عشت في كندا أكثر مما عشت في مصر، سعدت وعانيت وتعلمت وخدمت جيش مصر أكثر من 3 سنوات كملازم اول وكبير أطباء مطار حربى في القوات الجوية، كما انى عانيت وسعدت وانجزت في كندا أيضا، واستخدم جواز السفر الكندي أينما رحلت ولكنى مصري كندى ولست كندى مصري، ربما لأن فترات السنوات الأولى تحدد شخصيتك بالأكثر.
من قبل هجرتي كانت لا اتفق مع بعض الطباع المصرية وكنت أتطلع للهجرة.
وبعد معيشتي في كندا اختلفت مع بعض القيم الكندية كذلك، وآليت على نفسي أن انتقى بعض القيم التي تعجبني واحتفظ ببعض القيم المصرية مع ترك ما لا يوافقنى من الجانبين.
في السنوات الأولى من هجرتي لكندا ترددت كثيرا على مصر، وبمرور السنين وبعد بضعة زيارات فهمت أننى لم أصر مصريا تماما كما تركت مصر، وأصبح بي بعض الطباع التي ربما تضايق الاهل هناك كما ان بعض طباعهم هناك اصبحت لا افهمها ولا استسيغها.
وعندما غضب منى أحد الآباء الأساقفة المشهورين من جملة قلتها له، اضفت له أنه يبدو أن اسلوبنا أصبح -بدون أن ندرى-غير متلائم مع الطباع المصرية، فهدأ غضبه لأنه أدرك أنه هناك فرق لم يحسبه.
ولكن قلبي دائما قبطيا ينتفض لمعاناة أهلها واتابعهم دائما، ولهذا السبب كنت مشاركا عام 1997 في إقامة جمعية الانبا رويس الخيرية لدعم أخوة الرب المحتاجين في مصر، واعتز دائما أن شهادة توثيق هذه الجمعية بها ثلاثة امضاءات اولهم قداسة “البابا شنودة” ووقعها بعده قداسة “البابا تواضروس” ثم قدس “ابونا رويس عوض” ثم توقيعي.
واعتز ايضا أن كتاب “سوسنة وسط الاشواك” عام 1998 باللغة الإنجليزية والعربية كان هو المرجع الأول او الوحيد عن الكنيسة القبطية في الـ “ريفرنس ليبرارى” من مكتبة تورنتو العامة.
وتبعه كتاب سوسنة خارج مصر عن بعض من تاريخ الكنيسة القبطية في كندا عام 2001 وقال قداسة البابا شنودة لأبنى الذي قدمه له، لماذا لم يرسله لكي اراجعه قبل الطباعة؟ ولكنه وعد بقراءته ووجدته بعدها يعلق باستحسان على بعض النقاط التي ذكرتها.
والقلب المصرى النابض في كندا كان أيضا هو السبب الوحيد الذي قامت لأجله جريدة الأهرام الجديد الكندية في مارس عام 2008 بمباركة قدس “ابونا انجيلوس سعد” وقدس “ابونا مرقس مرقس” ثم معظم باقي الآباء الكهنة بعدها، وأكبر لقاء صحفى اعتز به كان مع قداسة البابا شنودة في شهر أكتوبر عام 2008.
كندا بلد ديمقراطي حر، به صعوبات الهجرة التي تتطلب النفس الطويل والجهد الكبير المتواصل الدؤوب بدون يأس، قوانينه رادعة وتطبق على الكبير والصغير، ولا يستطيع رئيس وزراءها أن يفعل شيئا ضد حكم المحكمة او ضد الإرادة الشعبية، والمجتمع يتيح لك حرية التعبير في حدود عدم كراهية الأخر.
الجيل الثاني في الهجرة هو كندى مصري وليس مصري كندى، وقد يكون هذا سبب خلاف أيضا بين الجيلين وكلما أدرك الجيل الأول للهجرة هذا الاختلاف وسعى لتذويبه كلما قل عدم توافق الجيلين.
الضرائب الكندية مرتفعة ولكن الخدمات الاجتماعية واسعة أيضا، ويشهد لي محاسبى طوال هذه السنين الأستاذ “محسن غبريال” أننى لم اتذمر ابدا على أي ضرائب ادفعها وأقول له دائما “من يدك يا كندا وأعطيناكى”
عام 2017 كنت أحد المكرمين من مستشفى “سان جوزيف” بتورنتو لقضائي 30 عاما في خدمة المستشفى واعتز بالشهادة النحاسية التي أعطوني إياها وأعلقها في عيادتي، ولم أنسي وقتها ذكر أسمي الدكتور “سعيد سلامة” والدكتور “جيمس وات” اللذان قدما لي يد المعونة في البداية. كما اذكر اسم الأستاذ “وديع فخري” أول من ساعدني للعمل بمستشفى سان جوزيف.
عيد ميلاد سعيد كندا من قلب قبطي كندى.
د. رأفت جندي
تعليق واحد
تعقيبات: صورة للطبيب المصرى الذى تغيرت بسببه قوانين بريطانيا العظمى هى الأكثر انتشاراً – جريدة الأهرام الجديد الكندية