الإثنين , ديسمبر 23 2024
إيرينى سعيد

حينما قرر شعب مصيره .

بقلم : إيرينى سعيد
تتخطى اليوم ثورتنا المجيدة عامها الرابع , و سط حالة من المتغيرات و الحراكات , تشهدها الساحة المصرية على كافة الأصعدة السياسية , الاقتصادية و حتى الاجتماعية , كنتيجة لمجموعة من الإجراءات الإصلاحية , و التى تتبناها القيادات التنفيذية , و ثمة أربع لاءات
لا بد و أن تؤخذ فى الحسبان ,فى ظل تزامن هذه الإصلاحات مع ذكرى الانتفاضة النزيهة ..
أولها : لا للمزايدة على الثورة و ثوارها , أو حتى التشدق بأحاديث غير مسئولة , فيكفى كونها ثورة حملت فى طياتها المقتضيات السليمة و اللازمة لقيام ثورة حقيقية , صحًحت مسارات و أوضاع , و أعادت وطن أُُختطف من قبل أنظمة أرادت يوماً تغيير هويته , إن لم يكن العبث بمقدراته , و الأهم تمكنت من تفويت الفرص على الكثير من المغرضين و المتربصين بمصر .
و ربما تجلت عظمة ال30 من يونيه , ليس فى كونها ثورة واجهت حكماً امتلك المعايير الكاملة للنظم الشمولية و الاستبداية , و لكن لكونها ثورة استطاعت احباط مخططات دولية و إقليمية , أٌُعدت من أعتى الدول و أقواها .
اختلف المصريون عن غيرهم من الشعوب , تميزوا بالتحدى و الصمود , فغيرهم انتفض لإزاحة حاكم , لكن من تمكن من مواجهة دول و إفشال مؤامراتها ؟!.
و لعل بداية هذه المخططات و المؤامرات جاءت بالمنطقة ككل , عقب أحداث ال 11 من سبتمبر الشهيرة , و مساعى الرئيس الأمريكى الأسبق ” جورج بوش الابن _ للتدخل فى الشرق و شئونه , بحجة محاربة الإرهاب و التطرف , و استخدامه ما يعرف بمصطلح ” دمقرطة الشرق” , حينما طرحت الإدارة الأمريكية وقتها مشروع ” الشرق الأوسط الأكبر ” , يهدف إلى إدخال الشرق فى دائرة الدمقرطة العالمية بالمعايير الأمريكية , و التى بدأت منذ إدارة ريجان فى بداية الثمنينات , و هو ما ظهر بقوة عندما تحدث بوش فى خطابه فى السادس من نوفمبر 2003 , و اضعاً مقاييسه للمجتمعات الديمقراطية , و التى ابتعدت كثيراً عن معظم المجتمعات العربية .
وقتها سعت أمريكا بشكل واضح إلى فرض الديمقراطية على العرب , ضمن أجندة استهدفت أول ما أستهدفت الحرب على العراق , لتكون أول من تم كسره بالمنطقة , للتوالى التدخلات الأمريكية بالمنطقة , فى إطار المبادرة الشهيرة و التى أطلقها وزير الخارجية الأمريكى ” كولن باول ” و التى حملت عنوان ” مبادرة للشراكة بين الولايات المتحدة و الشرق الأوسط , بناء الأمل للسنوات القادمة ” , على عكس ما يروج الكثيرون أن هذه المبادرة جاءت بعد إتفاقيات عقدت بين هيلارى و اخوان برعاية أوباما , و مع اختلاف الإدارات تظل المصلحة الأمريكية هى المحرك لهذه المبادرة .
خطة ممنهجة اكتملت بما يعرف بالربيع العربى , لتنال من معظم دول المنطقة تونس , سوريا , ليبيا , اليمن , , لتبقى مصر وحدها راسخة بفضل ال30 من يونيه .
ثانيها : لا لتناسى أدوار طالما ساهمت فى إنجاح هذه الثورة , بديهى أن يكون أولها دور الشعب المصرى , و بالتوازى معه دور المؤسسة العسكرية _ دعونا نكون محقين _ ممثلة فى وزير الدفاع وقتها الفريق أول ” عبد الفتاح السيسي ” و معاونيه , و لولا هذه المؤسسة لاستمرت إراقة دماء المصريين حتى يومنا هذا , معه أيضاً المؤسسة القضائية و انتفاضاتها المتتالية و التى مثلت ثورة بذاتها ضد جماعة أرادت تحييده و تسييسه و النيل من استقلاليته , و هو ما تجلى واضحاً فى أبرز اشتباكات القضاء مع الجماعة , عقب الإعلان الدستورى و الذى أصدره الرئيس المعزول ” محمد مرسى ” 2012 , مخولاً لنفسه بمقتضاه صلاحيات عدة , ربما نالت من استقلال القضاء ذاته .
و عن قطبى الأمة ” الأزهر و الكنيسة ” فأنصاعا طواعية لرغبة مصر و المصريين , و يكفى ما دفعته الكنيسة من ضريبة مضاعفة و أثمان غالية .
ثالثاً : لا لتجاهل إنجازات أعقبت هذه الثورة , ومعظمها برز خلال حكم الرئيس ” السيسي ” أهمها الانتهاء من تنفيذ خريطة المستقبل باكتمال النصاب المؤسسى للدولة بكافة سلطاته _ تنفيذية , تشريعية و قضائية _, إلى جانب العديد من المشروعات القومية العملاقة , بالإضافة إلى سياسة خارجية متزنة , تمكنت مصر خلالها من الحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن إلى جانب ترأسها لجنة مكافحة الإرهاب به , كما جمعت مصر بين عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ , و غيرها و غيرها من المشاركات فى المؤتمرات الدولية و الجمعيات العمومية للأمم المتحدة , و تبادل الزيارات مع كبريات الدول .
رابعاً و الأهم : لا للاستخفاف بمعاناة المصريين و آلامهم , _نعم معاناة المصريين _, عجزهم عن الوفاء بأبسط احتياجاتهم الضرورية و ما يمسهم فى قوت يومهم .
يصعب علينا كمصريين و نحن نحتفل بالذكرى الرابعة لثورتنا , أن نستيقظ على قرارات حكومية مفاجئة , تقر غلاء جديد و ارتفاع متوالى للأسعار .
فإن سلمنا بصحة ما أشيع عن الزيادة فى أسعار الوقود هى لصالح الطبقات الفقيرة , و ذلك عن طريق توجيه دعم من المحروقات إلى السلع التموينية و الأساسية , فهل ستظل تعريفة المواصلات كما هى ؟! , السلع أيضاً المنقولة هل ستظل أسعارها هى الأخرى كما هى ؟! , و عن التجار و جشعهم فى ظل الغياب التام للرقابة , هل سيظل خارج السيطرة ؟! .
كان بالأولى وضع إستراتيجية و رؤية متكاملة من قبل الحكومة و وزاراتها المعنية , منذ و أن أقرً الرئيسى السيسي خلال الأيام القليلة الماضية قرارات الحماية الاجتماعية و التى تضمنت زيادة الدعم المادى و النقدى للأفراد بنسب تخطت 110% , إستراتيجية من شأنها الإلمام بآثار هذه الزيادات على الأفراد , فى حالة رفع أسعار بعينها .
أخيراً يظل سؤال يفرضه الواقع , هل يستحق المصرى صانع ال30 من يونيه , كل هذه المعاناة ؟!

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.