الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
دونالد ترامب
دونالد ترامب

توماس فريدمان قريباً سيتحول الشعب الأمريكى الى سنة وشيعة .

نشر الكاتب الأمريكى توماس فريدمان الحاصل على جائزة بوليتزر في الصحافة مقال بجريدة نيويورك تايمز تحت عنوان «نحن الشعب» الأميركي!
كشف فيه الانقسام الأمريكى محذراً من وصول الشعب الأمريكى الى سنة وشيعة

واليكم نص المقال

منذ أيام قليلة حضرت مؤتمراً في مونتريال، وسألني رجل كندي، يحاول استيعاب ما يحدث لأميركا: «ما أكثر شيء تخشاه هذه الأيام؟». قلت: «أخشى أننا نشهد الآن نهاية الحقيقة، لدرجة أننا لم نعد قادرين على الاتفاق حول الحقائق الأساسية. وأخشى أن نتحول إلى سنة وشيعة في أميركا، أي ديمقراطيين وجمهوريين.. فالطائفية التي دمرت دولاً وطنية في الشرق الأوسط، تنتقل عدواها إلينا الآن».
كان معتاداً أن يسمع المرء أن أناساً لا يريدون لابنتهم الزواج بشخص من دين آخر أو عرق مختلف، وهو أمر سيئ للغاية، لكن ما يحدث الآن أننا عندما نسمع كلمة «آخر» فإننا نفهم أن المقصود هو شخص منتم لحزب آخر.
لذلك عندما عدت إلى داري بعد انتهاء المؤتمر، اتصلت بمعلمي وصديقي «دوف سيدمان»، مؤلف كتاب «كيف» والرئيس التنفيذي لشركة LRN التي تساعد الشركات والزعماء على بناء ثقافات أخلاقية، وسألته: كيف ترى ما يحدث لنا؟ فرد قائلا: «إن ما نعانيه حالياً هو اعتداء على الركائز التي يقوم عليها مجتمعنا وديمقراطيتنا، وتحديداً ركيزتي الحقيقة والثقة». ثم أضاف: «ما يجعلنا أميركيين هو اتفاقنا على الارتباط بالمثل التي هي أعظم منا، وبالحقائق الواضحة كليا. وجميع ذلك يشكل أساس رحلتنا المشتركة نحو أمة أكثر كمالاً، المصدر الوحيد للسلطة الشرعية فيها تجسده عبارة نحن الشعب». وأضاف سيدمان: «لكن عندما لا يكون هناك (النحن) لأننا لم نعد نتقاسم الحقائق الأساسية، فمعنى ذلك أنه لم تعد هناك سلطة شرعية ولا أساس موحدا لمشاركتنا الدائمة».
كانت لدينا انهيارات للحقيقة وللثقة في تاريخنا، لكن ما يجعل المرء يشعر أن الانهيار الحالي على قدر كبير من الخطورة، هو وجود عوامل أخرى تفاقم منه، تتمثل في التقنية وطبيعة الإدارة الأميركية الحالية. فشبكات التواصل الاجتماعي، والقرصنة الإلكترونية، تساعدان المتطرفين على نشر سمومهم، كما تساعدان على نشر الحقائق الزائفة.
وبعد أن جرى الحط من قدر الحقيقة المشتركة، وتضاؤل الثقة في القادة بتنا في أميركا نواجه «أزمة كاملة في السلطة ذاتها»، على حد وصف سيدمان الذي يفرق بين «السلطة الرسمية» و«السلطة الأخلاقية». وفي حين أن نظامنا الأميركي غير قادر على العمل من دون قادة مزودين بسلطة رسمية، فما يجعله يعمل بالفعل هو «أن يتمتع مثل هؤلاء القادة في مجال السياسة، ومجال الأعمال، ومجال التعليم، والرياضة.. بسلطة أخلاقية. فالقادة الذين يتمتعون بسلطة أخلاقية يعرفون ما الذي يمكنهم طلبه من الآخرين، وما الذي يجب أن يبثوه من إلهام، كما يفهمون أن السلطة الرسمية يمكن كسبها، لكن السلطة المعنوية يجب اكتسابها يومياً من خلال الطريقة التي يقودون بها».
والحقيقة أنه بات لدينا عدد قليل للغاية من هذا الصنف من القادة لدرجة أننا نسينا كيف يبدون. والقادة أصحاب السلطة الأخلاقية يشتركون، كما يقول سيدمان، في بعض الصفات: «فهؤلاء القادة يثقون في الناس من خلال إمدادهم بالحقيقة، سواء كانت مشرقة أم قاتمة، ويتحركون انطلاقاً من قيم (خصوصا قيمة التواضع) ومن خلال مبادئ مثل الاستقامة، تمكنهم من عمل الأشياء الصائبة، وخصوصاً عندما تكون هذه الأشياء صعبة وغير مرغوبة، كما يجندون الناس من أجل قضايا نبيلة». ويضيف سيدمان: «هناك حكمة تقول: أطلب أمانتي وسوف أعطيك ولائي وأطلب ولائي وسوف أعطيك أمانتي. لكن ترامب لم يكن مهتماً بأمانة كومي، وإنما كان مهتماً بولائه، إذ اعتقد أن لديه سلطة رسمية تخول له طلب هذا الولاء». لكن الولاء الحقيقي، كما يؤكد سيدمان، «لا يمكن نيله من خلال الأوامر وإنما يمكن الإيحاء به فحسب».
الجانب الإيجابي في المنصة السياسية التكنولوجية لعالم اليوم، هو أن القادة يمكن أن يبرزوا من أي مكان وبسرعة. وما علينا سوى النظر إلى الرئيس الجديد في فرنسا كي ندرك هذا الأمر.
وفي المدى الطويل، فالشيء الوحيد الذي سينقذنا هو أن يتمكن المزيد من الناس، بصرف النظر عن أعمارهم وألوانهم وجنسياتهم وأديانهم، من بناء سلطة أخلاقية، كلٌ في مجاله، واستخدامها لعمل أشياء مفيدة.. وبذلك فإنهم قد يتمكنون من مساعدتنا على وضع الـ«نحن» مرة أخرى في صيغتها التي عرفناها دائما، وهي «نحن الشعب».

شاهد أيضاً

الحكومة المصرية تعلن لا حاجة لزيادة قرض صندوق النقد في الوقت الحالي

رد المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، على إمكانية زيادة القرض الذي تحصل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.