د.ماجد عزت إسرائيل
اهتم الأقباط بالأديرة اهتماماً بالغاً، وأسبغوا عليها من الهبات ما ساعد على استمرارها، بحيث تحولت من مناطق للزهد والتقشف إلى منارة للتعلم ونسخ المخطوطات وكتابة العديد من المؤلفات للمحافظة على التعاليم الأولى
للمسيحية التى تدعو للمحبة والسلام. وقد بدأت الرهبنة في مصر في قلالي صغيرة منقورة في التلال
والصحراء في أول أمرها،كما نشأت غالبًا في جميع أنحاء القطر المصري عامة،وكانت تلك القلالي متقاربة
وتمارس معيشة فردية ثم أملت الظروف الطبيعية على ملتجئ تلك القلالي من النساك ضرورة العمل
على التجمعات المقاربة تدريجيا إلى أن تمت فكرة التجمع بعد ذلك داخل الأديرة بقصد حماية الرهبان
والدفاع عنهم عندما بدأت الغارات العدائية عليهم من البدو.
وكان الدير المعلق بصعيد مصر نموذجاُ لهذه الأديرة.
ويقع الدير المعلق شرق محافظة أسيوط،وبالتحديد بالضفة الشرقية لنهر النيل، شمال قرية المعابدة
بنحو 3 كم، ويبعد عن مدينة أبنوب بنحو 25 كم ، وقد بنى الدير فى منتصف واجهة الجبل
المعروف بجبل فودة ، ويقع على ارتفاع يقد بنحو 170 متر عن سطح الأرض، وإطلق على الدير
اسم الدير المعلق نظراً لأنه معلق في حضن الجبل،ويرجع الفضل
لتسميته بهذا الاسم إلى البابا “أثناسيوس الأول” (328-373) البطريرك رقم 20 فى تاريخ البطاركة
فقد عاش في مغارة هذا الدير فترة نفيه للصعيد مصر عن كرسيه البطريركى
فقد دشن الكنيسة الأثرية على اسم الشهيد مار مينا الذى عاش فى ذات المغارة فترة توحده بالبرية الشرقية فى أبنوب.
وربما نشأت الرهبنة فى هذه البقعة المقدسة فى أواخر القرن الثالث الميلادى.
على أية حال،تضم مبانى الدير العديد من نذكر منها كنيسة الشهيد مارمينا، وبها حامل الأيقونات الأثري
وباب الهيكل يشبه باب النبوات الموجود بدير السريان بوادى النطرون، وأيضًا توجد مجموعة من الأيقونات ذات القيمة الفنية والأثرية التى تعبر على موهبة الفنان القبطى.
كما توجد كنيسة على اسم السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل
وهي عبارة عن مذبح منحوت في الصخر،وأيضًا توجد كنيسة البابا أثناسيوس الرسولى
والأنبا أرسانيوس التى توجد بالحصن الأثرى،الذى شيدته قام ” الملكة هيلانة ” 244-330م)
أم الملك قسطنطين(274-337م) وهو ملاصق للصخور الجبلية، وهو عبارة عن ثلاثة طوابق
ومحتفظ بشكله من القرن الرابع الميلادي حتى يومنا هذا. والإضافة
إلى ذلك توجد مجموعة من القلالى الخاصة بالآباء الرهبان، ويضم الدير مجموعة من المبانى الخدمية
نذكر على سبيل المثال مجمع الدير، وبيت الخلوة للشباب، استراحة للزائرين.
وتنوعت مصادر التمويل بالدير المعلق،وياتى فى مقدمته استغلال الموارد الزراعية
عن طريق تسويق منتجاتها لتوفير عائد مادى،وأيضًا مزرعة الدير لتربية الطيور
وكذلك إنتاج الشموع التى تستخدم فى الأديرة القبطية والكنائس
وصناعة الأثاث التى تحتاج إليها الأديرة والكناس،بالإضافة إلى النذور والتبرعات والأوقاف
وربما لا يكفى هذا الدخل الأنفاق على هذا الدير،الذى يعد من بين أحد الآثار القبطية الهامة
فى صعيد مصرنا الحبيبة.
تعليق واحد
تعقيبات: أزمة هوية الفن القبطي ..وأجراس الخطر !! – جريدة الأهرام الجديد الكندية