ماجد سوس
أكثر الأسئلة شيوعا بين البشر ، من يوم أن حُكِمَ على الإنسان بالموت ، وحتى يومنا هذا هو التساؤل عن ماهية الموت و ماذا بَعد الموت ؟ وعندما يموت أحباؤنا أو أقرباؤنا أو نسمع عن حادث أليم نفقد فيه أخوة لنا يتملكنا حزن شديد
ووجع قلب أشد !
يخطر على بالنا العديد من التساؤلات :ماذا حدث بهم و لهم بعد الموت؟
هل يتعذبون، هل يتألمون ؟ هل هم مرعوبون ؟ هل يروننا، يشعرون بنا ؟
هل يمكننا مساعدتهم؟ وهل سنراهم مرة أخرى قريباً؟.
كثيرون حاولوا تقديم أجوبة عن هذا التساؤلات فبعضهم يُعلِّم ان الإنسان الصالح يذهب الى السماء
اما الشرير فيحترق في نار العذاب.
آخرون يعلِّمون بأن الناس ينتقلون عند الموت إلى عالم الأرواح ليكونوا مع أسلافهم.
كما ان هناك معتقدات قديمة تُعلّم أنّ الموتى يذهبون إلى عالم سفلي ليُحاكموا على افعالهم
ثم يتقمصوا او يولدوا مجددا في جسم آخر.
على أن مرجعنا الصحيح هو كتابنا المقدس فحين تمرد آدم وأخطأ و طرد من الجنة و حُكم عليه بالموت قال الله:
«إنك تراب وإلى تراب تعود». (تكوين ٣:١٩) فجسد الموت يعود الى التراب. فآدم من تراب الارض
وعاد إليها فالموجودُ صار غير موجودٍ لأن الموت كان طريقاً للفناء.
بعدها تساءل أيوب “إن مات رجلٌ، أفيحيا؟” (أيوب 14: 14) طرح سليمان الحكيم فكرة أن الموتى
لا يعلمون شيئاً فكتب يقول «الاحياء يعلمون انهم سيموتون، اما الأموات فلا يعلمون شيئا». (جامعة ٩:٥)
هكذا كان الموت وكأنه يبتلع الناس أحياء و كان سلطانه يسود على كل كائنٍ حي .
قبل أن يعلق الرب على الصليب علم أن لعازر مات ورفض الرب أن يسميه موتاً فأسماه نوماً فأيقظه من نومه
بسلطان لأهوته المحيي .
تخيَّل معي لعازر يجلس بين اهله و جيرانه فيسألونه عن الموت فلا يجد إجابة فالموتى في ذاك الوقت
كانوا لا يشعرون سوى بظلام الجحيم و قتامته فالكلمة نور العالم محجوباً عنهم .
أما وأن قام لعازر ووجد أن مقيمه هو مالك الحياة و ملكها فأمسك به وتشبث وعرف سلطانه على الموت
و حين سيم لعازر أسقفاً لاحقاً كان يكرز و يُعلِّم عن الموت الذي اختبره ورب الحياة الذي عرفه و أحياه .
تجسد الحياة رئيس الحياة في جسد الموت وارتضى ان يلبس الترابي كيما يجتاز به الموت و يعبر إلى جدة الحياة.
ما أعجبها معادلة معثرة لغير المؤمن فكيف يصلب الإله و كيف يذوق الموت !!
آه يا أخي لو عرفت قيمة الصليب الذي لولاه لظل الموت يحصد كل حي ليميته مرة أخرى ملقياً إياه في ظلام الجحيم .
أما و أن غير الزمني خالق الزمن أخترق الزمن و صار فوقه ليملأه كاسراً شوكة الموت
ويحوِّل الموت الى رقاد في سلام أو نوم عميق و يحول الخوف الى نياحة و راحة.
أصبح الموت يا عزيزي مَعبَراً من آلام الزمان الحاضر إلى راحة المجد العتيد أن يستعلن فينا
” طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. «نعم» يقول الروح: لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم”. (رؤ14 : 13)
فإن شعرتُ يوما أن الحياة قصيرة فتذكر كلمات الكتاب و ضعها امام عينيك باستمرار
” استعد للقاء إلهك ” (عاموس 12:4) ، فاليوم آتٍ آتٍ .. ولا بد أننا سنقف بين يدي الله الديان
وما أرهب تلك اللحظات و أكثرها ظلمة على من يبتعد عن منبع الحياة و النور و مصدرهما
فلا نبكي شهداء المسيح وقد كتب لهم لا ان يجتازوا الموت إلى مجدٍ أبدي فحسب بل ليتبئوا منزلة
عظيمة تفوق قامات روحية كثيرة و يجلسوا في منصة شفعاء الكنيسة يطلبون من أجلها بدمائهم الزكية
في شركة حياة لانهائية
إنها ساعتنا لنستيقظ من غفلتنا نحن الأحياء إن كنا نبغي نحن أيضاً أن نجتاز الموت بنوم هاديء
بلا خوف أو اضطراب لنحيا خالدين في محضر الرب يسوع و شركة أحباءنا القديسين..
الرائع في الأمر رغبة وإرادة الله نفسه لخلاص أعده لجميع البشر بجدول مواعيد يعرفه هو وحده
وقد يسرع أحياناً لتسكينك معه أو يبقيك أياما أو شهورا او سنيناً ، وقد يأخذك عليلاً أو صحيحاً أو شهيداً .
قل له مسبحاً ما يحسن في عينيك افعل وانا بين يديك
عزيزي، وان كنا نعيش للموت لكنّا نموت للحياة.