وفجأة تعطل الحساب ..هي غير المتقنة لأمور التقنية الحديثة ..لم تفطن لأي شيء أو عرض تقني ما قد يحدث ..وهذا وارد ..ولأنها مشجوجة الرأس ومختمرة الولع به وله وفيه لذا فقدت الرؤيه عداه ..اختزل الحس فيها إلاّه ..وفي ذات اللحظة بعينها ذهب عنها العقل .. هرب كل اتزان وتروي بل سقطت لتوها فريسة لمخالب الظنون المخربة وغير المنطقية بالمرة والتى صدقتها ..مسكينة .. مطعونة بالهوس الشارد ..وكيف لمضطربة إذا أن تراسله الآن لتتحقق وقد تعطل الحساب ..
هكذا وفي لحظة مضنية جدا تكثفت الصور كلها.. الكلام كله .. تفاصيل الساعات والأيام والضحكات والتوقعات المحتملة و غير الممكنة كلها كسوط حاد ينهال يجلد ملخصها في إطاحة واحدة ..ظنت ماظنت وأطاحت بما أطاحت..وتهذي « إذا قد قام بحذفي .. لا أجد صفحتى .. أين أنا ..كيف حدث ..لا بأس .. قام بحذفي …ما عساي أفعل الآن .. قد قام بحذفي ..»..
يالها من جرعة حريق تجمد فيها الاشتعال حين تنزلق دفعة واحدة لتفتك بخلايا السؤال وتحيلها ..المسكينة.. إلى كرة مذبوحة.. ملتهبة بالزيغان والصراخ المكتوم ..تشخض في اللاشيء .. تتدحرج هكذا بعشوائية التصدع حيث لا مستقر …تهرب سريعا من عاصفة التفاصيل.. تنازل الهزيمة عن عشق جن جنونه فجأة فتعطلت فيها الحواس.. وكيف تركت كل شيء ووهبت كل شيء وتلاشت وذابت وماتت وقامت فيه عشقا فصار لها الملء والوجود ..
تقاوم رعدتها وتتجلد.. تتحلى بهدوء كاذب ..وكأن أمرا لم يحدث « لا بأس ..سأستمر .. سأوصد كل عيون التساؤلات ..ولن اسمح بكبريائ يسخر مني ..عشيقات غيري دمرهن العشق والنبل معا ..سأكون بخير ..فقد انتهى كل شيء..كل شيء إذ قام بحذفي ..لا بأس ..له مايريد …قام بحذفي ..»تكرره بهذيان المذبوح ..
تجرب حسابها مرة أخرى وفجأة يهاتفها وكعادة ضحكاتة :«كيفك وحشتيني »
ضاحكا منها : بالله عليك حتى لو تعطلت صفحة لخطأ ما فالحجب يكون للجميع وليس لأحد بعينه ..
فيما استمر ضاحكا منها : كيف أفعل وكنا نتهاتف من ساعة فقط .. وكعادتك صدقتي ظنونك الجنونية والوهمية ..دائما تظلمينني …لكن عرفتك وفهمت دواخلك وألوانك جدا …إذا أنت رمادية المزاج الآن ..اسمعيني ..لدي بصعة دقائق فقط قبل الإنشغال .. أهاتفك الآن لأطلعك سرا هائلا .. كم أحبك اليوم أكثر من ذي قبل ..
ولأنها مشجوجة الرأس فقد راقت لها لعبتها المفضلة لعبة الاحتراق ..تخترع قصتها وتعيشها بإخلاص ..
إذ قامت بحذفه وانخرطت في حفلة من البكاء الشديد ..!