الإثنين , نوفمبر 25 2024
وائل فؤاد نجيب

فاطمة وماريكا وراشيل – حسن ومرقص وكوهين .

لم يكن كتابه مقالا صحفيا بالامر الهين لانه حينما تمسك بالقلم لتكتب تتلاحق الافكار وتتصارع حتي تفرض احدها نفسها علي وتاخذني الكلمات لتشير الي الموضوع الذي ايضا يصارع مواضيعا اخري من اجل ان يحتل مركز الصدارة في سباق الموضوعات وعاده ما يحدث هذا معي حينما اريد الهروب من تاثير بعض البوستات علي الفيس بوك او التويتر او غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي واثناء هذا التصارع بين الموضوعات او افكار المقالات انجذبت الي موضوع قديم جديد حديث الالف من البشر وقنوات التلفزيون الي ان فرض هذا الموضوع نفسه علي تمام ولم اعد استطيع الفكاك منه فهو كما قلت قديم جديد وحديث الساعه في المجتمع المصري ويشغل موقعا هاما جدا في الدستور المصري وهو مفهوم المواطنه

اعلم ان الكتابه في هذا الموضوع ليست بالامر البسيط والهين لكن اثناء مشاهدات لبعض القنوات التلفزيونية تداول عليها مفهوما تداول وشغل اهل السينما والتلفزيون والمسرح في الاربعينات والخمسينيات من القرن الماضي في مصر من خلال فيلم فاطمه وماريكا وراشيل وحسن ومرقص وكوهين وكان المجتمع المصري في هذا الوقت والتوقيت يتناول قضية المواطنه حيث نجد فنانين مصريين يتقمصون شخصيات امتلاء بها المجتمع المصري في هذ الوقت حيث كانت مصر يظهر فيها الموضه قبل عاصمة الجن والملائكه باريس وكانت القاهرة اجمل من عواصم اوروبا وكانت مصر ملقبه بمصر العظمي حيث اعتاد الغرب ان ياتي الي ملك مصر لطلب المساعده الماليه مثل المملكه المتحده . لم تكن مصر في هذا التوقيت بلدا عاديه ولكنها كانت مملكه ذات ثقل علي المستوي الدولي كما كان لخريجيها من كلية الطب امتياز ان يلتحقوا بالعمل في اي مستشفي في اي مكان في العالم . اعود اقول ان انشغلت السينما والمسرح والتلفزيون فيما بعد بعرض قضية التنوع الثقافي في المجتمع المصري في هذا الوقت ومع هذا التنوع نجد ان لليهود واللبنانيين والسوريين والمسلمين والمسيحين دورا مهما جدا في المجتمع المصري حيث انتشرت المستوصفات والمستشفيات وسلاسل محلات الملابس والاثاث والحلويات

في وسط العاصمه القاهرة وفي شوارع الاسكندريه طولها وعرضها لم تكن تهدف هذة الاعمال الفنية الا انعاكسا لحالة من المزاج العام المصري في هذة الحقبه حتي بعد ثورة يوليو وانتهاء حقبة الملكية بالرغم من كل انجازاتها
اعود اقول ان هذة الاعمال الفنيه كانت تعكس حالة التوافق والتفاهم والمحبة والود بين جميع عناصر الشعب المصري للدرجه التي يقبل ابناء الشعب علي كافه اطيافه واتجاهاته تصوير العلاقه العضوية بين المغني محمد فوزي وفاطمه وماريكا وراشيل ليختار احداها زوجه له وهو مايعبر عن اتساع افق الشعب وقلبه لقبول المختلف عنه فكرا ومعتقدا وايمانا بكل احترام وود بين كل المحتلفين لم يكن هذا غريبا علي المجتمع الذي اعتاد ان يشتري من شيكوريل وصيدناوي والفاليرو والكازار وشملا واعتاد ان يري ماري كويني تنتج افلاما واسمهان تغني وفريد الاطرش يبدع لم يكن هذا غريبا علي مجتمع متشع الافق يقبل الاختلاف في المعتقد والطباع والثقافه والتصرفات ولا يهين الاخر ولايقلل من شانه

اعود اقول ان هذة الاعمال الفنيه قامت علي حرية الراي والتعبير والمعتقد قامت علي احترام الاختلاف دون ان يفسد للود قضية قامت علي حرية المعتقد لان الدين لله والوطن للجميع هكذا كان شعار حزب الوفد حزب الشعب الحزب الذي ظل يلعب دورا حاسما في تاريخ الحياة السياسيه المصرية انتصرت هذة الاعمال الفنيه لفكرة احترام الاخر وعدم تجريحه انتصر كتاب هذة الاعمال الفنيه لفكرة احترام حرية العقيده والمعتقد واحترام حرية الفرد فيما يعتقد دون تجريح او اهانه بل انهم رغبوا في ابراز التنوع والاختلاف وامكانية التوافق علي القواسم المشتركة بين ابناء من يتشاركون الوطن الواحد بالرغم من اختلاف خلفياتهم الدينية والثقافيه والفكرية وعلي اختلاف جنسياتهم لقد اجتمعوا علي ان الاختلاف هو وسيلة اثراء المجتمع ليس وسيلة لضرب الاخر ونفيه واستبعاده واهانته ان الاختلاف هو سنة الكون وسنة الحياة ان الاختلاف هو ما يعطي للمجتمع المصري في ذلك الوقت طعما جميلا متميزا مذاقا متحضرا مثقفا محبا شفوقا رحوما يعلي قيمة المواطنه والوطن قبل مفاهيم الاختلاف وعلي راسها الدين مسلم او مسيحي والنوع ذكرا او انثي

لقد كان الفن ودور العباده تنشر الفكر غير المتشدد من اجل مصلحه الوطن وتحقيقا لمصالحه ولما انشغل الشعب بكل هذة الافكار تبؤات مصر مكانه مرموقه وصارت ام الدنيا قولا وفعلا وقبله لكل من حولها شرقا وغربا لقج انشغلت بالعلم والثقافه والتنوير وان تكون مثالا لليابان لكي يطبق اليابانيون تجربة مصر في بلدهم واعتقد انهم نجحوا حيث الان نقول كوكب اليابان الشقيق بالرغم من اننا كنا مثالا لهم يحتذوا به

لقد كان التنوع امرا ليس بغريب علي المجتمع المصري ليس لظروفا سياسيه او نمط حكم ملكي لكن لان سنة الكون هي التنوع ولان قول الزعيم احمد عرابي لايزال يتردد داخل كل مصري لقد خلقنا الله احرارا ولن نستعبد بعد اليوم ولم نخلق اثاثا يورث لم يخلقنا الله ارث لاخرين يتحكموا فيه بل خلقنا احرارا لا نستعبد الا لله الواحد الاحد الصمد في الاسلام والواحد الجامع في المسيحيه واليهودية لقد اقتنع المصريين في ذلك الوقت حكمة الله من التنوع والتعدد والاختلاف ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر

لقد راي الشعب المصري طول تلك الحقب التاريخية المصرية رايا واحدا ان الاختلاف لايفسد للود قضية ان الاختلاف سمه الكون ان الاختلاف اثراء انه ليس هناك وجهة نظر واحده ليس هناك من يقول ان الاخر اقل قيمة او شأن او صفه لان الوطن كان متسعا جدا لدرجه انه يستوعب بكل تقدير واحترام كل من هو ليس من اصلا مصريا خالصا كل من هو من ثقافه مختلفه او ديانه مختلفه او معتقد اخر ان الاختلاف سنة الكون وقبولها يدل علي النضوج ورفضها لن ينفي وجودها او يمحيها او يلغيها او يلغي من يؤمنون بها كفكرة تحكم تصرفات كل مواطن مصري يحترم نفسه وبلده ووطنه واهل وطنه كل مواطن يري ان الدين لله والوطن للجميع يحيا الهلال مع الصليب وتحيا مصر حياة ناضرة مزدهرة يافعه قوية شابه تتبؤ مكان الصدارة في مصاف دول العالم
وائل فؤاد نجيب

شاهد أيضاً

لماذا تصلي الكنيسة على المنتقلين !؟

جوزيف شهدي في الايمان  الارثوذكسي أن الكنيسة الموجودة على الارض تسمي الكنيسة المجاهدة وأن أبناءها  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.