بقلم / حنان بديع ساويرس
يومياً نسمع ونرى عبر القنوات الفضائية المُختلفة بعض الشيوخ من ذوى الفكر المُتطرف مِمَن يَسِبونا ويَسبوا عقيدتنا المسيحية ، عقيدة المحبة والسلام !! ، فيدعون علينا بأبشع الألفاظ ، ويقذفونا بأفظع السباب ولأن الله محبة فهو بالطبع لا يسمع للحاقدين ، ومن يتمنون للبشر الشر والخراب فالله كلى المحبة والعدل تعف أذنه عن سماع الشتائم والتحريض على الأبرياء ، لذا جعل نصيب هؤلاء الشَتَامون الجحيم الأبدى عندما قال عنهم الكتاب المقدس في 1كو”10:6 ” لاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ
لذا قد تعودنا نحن مسيحيى مصر من تجاهل مثل هؤلاء ليس عن ضعف ، بل لأننا نعلم جيداً أن الله قادر على الرد على مثل هؤلاء ، ومن خلال مقالى هذا أحمل أمثال هؤلاء مسؤولية تفجير كنائسنا ، وقتل أطفالنا ، والتطرف والتعصب المُستشرى ضدنا في كل مَناحى الحياة سواء في الشارع أو المدرسة أو الجامعة أو في العمل أو المواصلات العامة أو حتى بين الجيران .
لكن عندما يصل التطاول لإزدراء عقيدتنا ووصفها بالفاسدة ونعتنا بالكُفار فهنا يجب أن ننتبه جيداً فإن تُرك الباب على مَصرعيه هكذا للمتطرفين فكرياً لنستيقظ يوماً كما حدث اليوم فنجد الأفكار تحولت لسلاح وقنابل فهنا لا تلوموا سوى أنفسكم عندما تجدوا الدمار إستفحل ولم يَعد بمقدور أحد السيطرة عليه لأنه حينها سيتحول لدمار شامل يقضى على الأخضر واليابس سيقضى على الجميع دون تفرقة والتاريخ يشهد ، فإن تدمير الأوطان يبدأ بصناعة الفُرقة بين أبناء الوطن الواحد وبَث الفتن والضغينة بينهم وبالسماح لأحد أطرافه بالتحدث بلهجة الإستعلاء !!!
فعندما تترك الدولة بعض المدعوون شيوخاً ليطلوا علينا عبر الشاشات كالمدعو سالم عبد الجليل ليُعين نفسه مكان الله جل شأنه ليجلس عبر برنامجه ليوزع المُسلمين على الجنة وغيرهم من المَسيحيين واليهود على النار !! .. ولم يصمت عند ذلك بل إستطرد مُقِسماً بأغلظ الإيمان قائلاً على حد تعبيره : والله والله والله المشايخ اللى بيقولوا للمسيحيين أنتم مؤمنين ضللوهم وما خدموهم ، هايفرحوكم ويصقفولكم دلوقتى ويوم القيامة هايقولوا.. يارب الشيخ فلان والآئمة فلان وفلان قالوا لنا أننا مؤمنين وأحنا مشينا وراهم .. جايز لو فلان دا قالنا أننا غلط كنا فكرنا فانتبهوا أيها المشايخ !!
– يا سيد عبد الجليل أتعجب بالحقيقة من تصديقك لنفسك بأننا كَمَسيحيين وليسوا بنصارى !! نتبع السيد المسيح أباً عن جد مُنذ أكثر من ألفى عام مُنذ ميلاد السيد المسيح له كل مجد وليس عيسى كما تدعوه ، أي نتبع المسيحية قبل دخول الإسلام مصر بأكثر من سُتمائة عام وتخرج علينا أنت اليوم لتخدع نفسك بأن بعض الشيوخ والآئمة مِمَن يجاملونا حسب إعتقادك عندما يَصِفونا بالمؤمنين وكأن إيماننا المسيحى سببه الرئيسى مُنذ قرون طويلة هو تضليل الشيوخ لنا !! لأنهم أكدوا لنا بأن المسيحية ديانة سماوية وكأن تضليلهم لنا حسب وصفك المُستبيح هو السبب الأساسى في إيماننا بالمسيحية !! وإنهم لو إنتهرونا وقالوا لنا أن عقيدتنا خاطئة وفاسدة كما تبرعت أنت أيها الفارس المِغوار وقلتها بل تردد لكنا ربما قمنا بتغيير رأينا وتركنا المسيحية لا أدرى ما هذا الخيال الواسع !!!!!!!
هل وصل بك الأمر لتتفيه وتسفيه إيماننا بالسيد المسيح بأنه لو كان أحدهم قال لنا أن إيماننا خاطئ لكنا تبعناه دون تردد.. هل بهذه البساطة ترى الأمر .. عجباً !!
عجب العجاب، فهل تعتقد أن من بذلوا أرواحهم وسفكوا دماءهم من أجل مسيحيتهم وإيمانهم بأن الله هو المسيح المخلص سيأتى اليوم الذى يتبعون فيه كلام أحدهم صرخ في وجههم وكفرهم مثلك وقال لهم أن عقيدتكم فاسدة وأنكم كفار فما هذه السذاجة !! فكما أنك تؤمن بعقيدتك ولا يستطيع أحد أن يثنيك عن الإيمان بها فنحن كمسيحيين نتمسك بها أضعاف ما تتمسك أنت بعقيدتك وهذا طبيعى .. فتمسك بها آباءنا وأجدادنا وحافظوا على أن يسلموها إلينا لآخر نقطة في دِماءهم ، فالمسيحية لم تستمر إلى يومنا هذا بسهولة أو بدون عناء أو كان الإيمان بها مفروش بالورود بل تاريخ المسيحية يؤكد أن أجدادنا تحملوا ما لايتحمله بشر من أجل التمسك بإيمانهم وعقيدتهم فكان طريق المؤمنين بالمسيحية مُنذ أن رأت النور كرباً وصعباً مفروش بالآلام والدماء ومع ذلك إستمرت وسَتستمر إلى يوم الدينونة العظيم ” حقاً كما قال الرب عنها إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها “
قد يعلم القاصى والدانى كم قاست المسيحية من آلام وسفك دماء مُنذ عهد الرومان إلى يومنا هذا وآخرهم تفجيرات الكنائس بالبطرسية والأسكندرية وطنطا وأتوبيس الأطفال الملائكة الصغار الذين إستشهدوا اليوم على إسم المسيح له كل مجد فالجميع يعلم التاريخ جيداً حتى لو تم تجاهله وإباحة إنكاره !!!!
عندما أتأمل في حادث إطلاق النيران اليوم على زوار دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون بالمنيا لا سيما إطلاقهم النيران على رؤوس ورِقاب الأطفال أتساءل ما يوجد بصدور هؤلاء الأبالسة الشياطين الذين إستبدلوا قلوبهم اللحمية التي خلقها لهم الله بقلوب حجرية لا تشعر ليستبيحوا دماء أطفال لا يدرون شيئاً عن هذه الغابة التي نعيش فيها ، أتعجب كيف نظر هؤلاء المُجرمون في عيون هؤلاء الملائكة ليزهقوا أرواحهم بكل بساطة وبدم بارد بل يقوم أحدهم بتصوير المشهد الدامى بالفيديو ؟!! .. فكم تباكينا على مجزرة مدرسة بحر البقر عام 1970 التي قامت بها إسرائيل ضد أطفال مصر حينها ورغم أننى من جيل لم يُعاصرها لكن مُجرد أن أقرأ عنها أو أشاهد فيلم يسرد هذه الجريمة ربما تغلبنى دموعى ، وهذه الضربة في النهاية من جيش العدو ، لكن ماذا أقول اليوم وهذا يحدث ضد أطفالنا من مصريين وليس من جيش الأعداء ؟!!!
•
أعود لتصريحات الشيخ عبد الجليل الذى يقوم بتعزيتنا اليوم في مَصَابنا الفادح فَينطبق عليه المثل القائل : يقتل القتيل ويمشى في جنازته ، فقد أكمل حديثه قائلاً : يايهود ويا نصارى أنتم طيبين وبشر وهانعاملكم كويس وزى الفل وأخواتنا في الإنسانية لكن الفكر والعقيدة اللى أنتم عليها فاسدة .. أرجعوا لربكم ، نعيش في هذا العالم متسالمين متحابين لكن من حيث العقيدة فهى مش صحيحة عشان متقولوش محدش قالنا …. مش كانوا بيقولوا عيسى هو الله وينتظرون عيسى يخلصهم .. مش هايلاقى عيسى ولا حد يخلصوا ومش هايلاقى غير ملائكة العذاب تقبض روحه ويبدأ يقلق وعايز يرجع لكن مش هاينفع الندم .. هذا ملخص كلام عبد الجليل .
-الرجل سَيَمن علينا وسَيضطر أن يُعاملنا جيداً رغم أننا كُفار وعقيدتنا فاسدة .. الحقيقة ، أكثر الله لنا من أمثالك ياشيخ !! لكن يبدو أن سافكى دماء أطفالنا اليوم قد فهموا مَقصدك النبيل بالخطأ وكان ردهم على مُعاملتك الطيبة التي أتحفتنا بها وكأنها مِنة أو هِبة مَنحتنا إياها ، وكأننا لا نتساوى مع سيادتك في الوطن والمواطنة أقول جاء الرد سريعاً على تصريحاتك لتهييج أصحاب النفوس المريضة والقلوب الشريرة فقد وصلتهم رسالتك وفهموها جيداً ونفذوها بكل أمانة وإمتنان ولم يخذلونك !!!!
بالطبع ياشيخ لن نجد عيسى كما قلت ليخلصنا ، لكن سنجد السيد المسيح له كل مجد الذى صُلب ومات وقام في اليوم الثالث من أجلنا مُخلصاً وهو من إستقبل شهداءنا اليوم وإستقبل جميع شهداء المسيحية مُنذ أن أستُشهد أول شهيد في المسيحية وهو إسطفانوس الذى رآه أثناء ركله بحجارة اليهود وقبل أن تُزهق روحه قائلاً ” ها أنا انظر السموات مفتوحة وإبن الإنسان قائماً عن يمين الله “
فأتعجب يا شيخ أن تتجرأ وتَتطَرق لهذه المنطقة الشائكة والشديدة الحساسية والتي تأسست عليها المسيحية ، فكان يجب عليك إحترامها وعدم الإقتراب منها .
فالذى أحبنا وتجسد وأخذ صورة البشر من أجلنا لم يخذلنا أبداً كما تقول أنت فهذا إيماننا وهذه عقيدتنا ويجب على الجميع إحترامها سواء صدقوها أو لم يحتملوا تصديقها .
أما عن ملائكة العذاب التي ستقبض الأرواح فلن تقبض أرواحنا من أجل إيماننا فحسب ، بل ستقبض أرواح كل شرير وخاطئ وكل عديم الإنسانية والضمير وكل من يفجر نفسه في البشر وكل من يجول بطول الأرض وعرضها سافكاً دماء الأبرياء ، مُزهقاً أرواح الأطفال وكل من يترك خلف إجرامه وإرهابه أم ثكلى أو أرملة مكلومة أو طفل يتيم وكل من دمر أُسر بأكملها وكل من سرق ونهب ونشر الكراهية والبغضاء بين الناس .. فطوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون .
فمن المُستحيل أن يتخلى عنا ضابط الكل صانع السلام الذى قال عنه الكتاب ” لا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته.
قصبة مرضوضة لا يقصِف، وفتيلة مدخّنة لا يُطفئ .. لا يمكن يا شيخ أن يتخلى عنا صانع الخيرات الذى قال عنه الكتاب “كان يجول يصنع خيرا”