بقلم / مايكل عزيز البشموري
الفكر الأرثوذكسي الذي يحاول البعض تصديره لنا عبر إختزال العقيدة فى عدد محدود من آباء الكنيسة ، أحيط حولهم هالة من « التآليه » طيلة السنوات الأخيرة ، هو فكر غير عقلاني وغير سليم . فالبضاعة القديمة التى يروجها لنا جيل الشباب « المغبون » بفعل البنوة الروحية المتأثرة بعرابيّهم المتشددين ، باتت تُمثل حجرة عثرة نحو تقدم الأقباط ، وحاجزاً منيعاً لإيقاف تقدم « المشروع الاصلاحي » الذي يسعى لتنفيذه البابا تواضروس الثاني والذي يتلخص كالآتى
( تأسيس كنيسة عصرية تتواكب مع معطيات العصر الحديث بفكر منفتح على الجميع
وبصورة تحفظ آصالة الكنيسة اللاهوتية والآبائية والرهبانية ) ، وبتلك الرؤية الثاقبة
نجح قداسة البابا تواضروس بالانفتاح نحو الكنائس العالمية لإجل غاية مقدسة وهو
« الوحدة المسيحية » فنرى حرص قداسته التعامل مع الكنائس الآخري لاسيما الكاثوليكية واللوثرية
بأسلوب برجماتيى لم نشاهده من قبل بالعهود السابقة
وهو الأمر الذى أزعج وبشدة جيل الأقباط الذى ترعرع على الطائفية والانغلاق تجاه الكنائس الآخرى
ولا سيما الجيل المتأثر بالمدرسة الشنودية التى أرساها البابا الراحل .
وبالنسبة للحملات « القبطية » الممنهجة التى تستهدف شخص البابا ، فيقودها تياراتً عِدة
داخل المجتمع القبطي تتبع توجهات : « كنسية ، سياسية ، ثورية ، وغيرها »
ونستطيع القول بأن أصحاب تلك التوجهات يسعون جاهدين نحو إضعاف شخص البابا
وإهتزاز صورته أمام شعبه دون الاكتراث للتداعيات الخطيرة الناتجة عن ذلك
ولعل من أبرز تلك المخاطر
تقسيم المجتمع القبطي من الداخل عبر الأقباط أنفسهم ، والذين يُعانون بالأساس مشكلات متراكمة لا حصر لها .
ويترائ لنا على الصعيد الخارجي نجاح البابا تواضروس الثاني نحو توطيد علاقات الكنيسة القبطية
مع الكنائس الخارجية والتقارب معها من أجل « الوحدة المسيحية »
وهو أمراً يُحسب له بطبيعة الحال ، أما بالنسبة للصعيد الداخلي فهناك « مآخذ »
كثيرة فى تعامل قداسته مع عدد من الملفات الهامة ، أبرزها :
١- تعامله مع الدولة المصرية .
٢- سن القوانين الخاصة بالمجتمع القبطي .
٣- دور العلمانيين الأقباط داخل الكنيسة .
٤- وأخيــراً مواجهته مع « الشنوديين » .
وتلك الملفات الأربعة المذكورة عالية تحتاج منا الى شرحا وافى ، ويؤسفنى عدم شرح أبعاد كل ملف
على حده نظراً لضيق الوقت ، ولكن ما أريد أن أصبو إليه ، هو مواجهة البابا تواضروس
لتلك التحديات الأربعة باتت تتم بشكل منفرد ، نتيجة العُزلة التى أحيطت بالبابا من قِبل رجال
« الحرس القديم » داخل الكنيسة الذين نجحوا عبر مليشياتهم الخاصة – إيقاف – مساعي البابا المُضنية
فى التعامل مع تلك الملفات ومن ثم إيجاد حلولاً لها ، فهدف هؤلاء هو « إفشال » البابا
وقد تيقنت ذلك الأمر متأخراً بعد زيارة بابا الفاتيكان الى القاهرة
فاللغط الكبير الذي أثير حول الزيارة ، والهجمة الشرسة التى شُنت من قبل ميلشيات الحرس القديم
فى السوشيال ميديا ، إزاء توقيع بيان برتوكولي بين البابا تواضروس الثاني
ونظيره البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية ، وما أثير خلالها من قضية الاعتراف بمعمودية الكاثوليك
ترائ لى بعد كل ذلك أننا أمام : « بطريرك مُحاصر من الداخل والخارج »
ولا سبيل أمامنا الان سوى دعمه
ودعم مشروعه الاصلاحي ، حرصاً منا على سلام الكنيسة ووحدة الاقباط ، فصحيح
نحن لدينا مآخذ على قداسة البابا فى عدد من الملفات وأبرزها الملف السياسي
ولكن علينا كأبناء محبين ومخلصين للكنيسة القبطية إعمال صوت العقل
واستبعاد أية خلافات بالوقت الراهن ، والنظر لمصلحة الاقباط وسلام كنيستهم بالوقت الحالي
وعكس ذلك يعني الانضمام ضمنياً الى معسكر « الحرس القديم » وعواقب ذلك ستكون وخيمة بالمستقبل .
ويبقى السؤال هنا :
هل سينجح قداسة البابا تواضروس الثاني بإجتياز التحديات الأربعة آنفة الذكر ؟ وأي ملف
سيبدأ حين عودة قداسته سالماً إلى أرض الوطن ؟
أتمنى أن تصل الرسالة إلى أصحابها