في الغرب يطلقون علي من خرج للتقاعد بأنه قد وصل سن الابتهاج، وهو الوصول إلي مرحلة البهجة والاستمتاع بالحياة، بعد أن بذل جٌل سنوات عمره في كد وكبد، وفي الغرب أيضا يعد الأفراد لهذه السن ويخططون لها من بدايات الحياة حتي إذا وصلوا إليها عاشوها واستمتعوا بها بكل تفاصيلها، فيسافرون بحثا عن البهجة في ربوع العالم من شرقه إلى غربه، تساعدهم في ذلك شركات ومؤسسات نذرت نفسها للمساعدة في توفير أفضل سبل وصنوف البهجة.
أما هنا فهذا هو سن اليأس، سن الاستعداد لمغادرة الحياة، فالخارج للتقاعد، وقد بذل الغالي والنفيس من أجل حياة كريمة إذا به يخرج، وهو بالكاد يتحصل علي ربع أو ثلث ما كان يتحصل عليه من راتبه، فتتحول حياته إلي جحيم بحثا عن سد الفجوة بين ما كان وما هو كائن، وإذا داهمه المرض تحولت حياته إلي قطعة من عذاب هو ومن يعول بحثا عن العلاج والستر بعد أصبح الاكتفاء ترف، والكفاف أمنية، وتحول الاستمتاع والابتهاج؛ ليصبح من مرادفات الكفر البواح.
نعم إذا أردنا أن نسطر لأجيالنا الصغيرة أملا فينبغي أن يري هؤلاء الأطفال نصب أعينهم من أفني عمره في العمل، وهو يعيش حياة كريمة يتوافر فيها الحد اللائق من الطعام والشراب والتأمين الصحي وحدا أدني من توفير وسائل الترفيه لنفوس كدت وتعب وتفانت لسنوات طويلة، وإلا فسوف يصدر لنا هؤلاء الأطفال دوما مقولة ( هم اللي تعبوا خدوا إيه ؟!!)
وأخيرا فإن تحضر ومكانة وقدر الأمم تقاس بقدر رعايتها وحمايتها لمن يتقاعدون، فإذا كانوا في رحابة الابتهاج كانت تلك الأمم تستحق العيش فيها، والتضحية من أجلها، والموت رهن ذرة من ترابها.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط
الوسومأ.د/ عبدالرازق مختار محمود
شاهد أيضاً
كيف نحمي البيئة من التلوث؟
بقلم رحمة سعيد متابعة دكتور علاء ثابت مسلم إن البيئة هي عنصر أساسي من عناصر …