بقلم: د: عبداللطيف مشرف
عقدت القمة العربية الإسلامية الأمريكية ، القمة الغريبة من نوعها، فهى كوكتيل سياسى غير مفهوم وغير واضح، حيث اجتمع الرئيس الأمريكى مع قادة وزعماء الدول العربية الإسلامية تحت هذا المسمى، كأن الولايات المتحدة ورئيسها يريد أن يقول أننا نساوى كدولة واحدة كل العرب والمسلمين، فمن هنا نطرح عدة تساؤلات حتى تتعلم الأجيال السياسة ويتضح لها الغائب من الأمور، فالسؤال الأول : كيف تكون القمة تحت هذا المسمى؟، والسؤال الثانى : لماذا هذا التوقيت للقمة؟ والسؤال الثالث : ما هى أبعاد هذه القمة؟، والسؤال الأخير : ما هو المقابل لمجيء ترامب إلى الرياض؟.
تئن الشعوب العربية والإسلامية من الجوع والفقر وغلاء للأسعار وبطالة، فحين تقام موائد وقمم بلميارات الريالات ، ويعجب ترامب بحذاء السيسى كأنه إهانة له ولشعبه، فيريد أن يقول له لا تحدثنى عن الفضيلة والشهامة وأنت تلبس حذاء بالآلاف وشعب محروم حتى من الخبز، وهو وغيره من الزعماء الذين جاءوا مهرولين وشعوبهم بطونهم خاوية وأولادهم فى بطالة وجهل وفقر، ولكن حلال على أمريكا أموالنا وحرام على شعوب المسلمين تلك الثروات التى هى منحت من الله لتلك الشعوب وأمة محمد فحرمت منها من أجل أن يعيش زعماؤهم وأولادهم فى رفاهية ليس لها حدود، ويوزعون الأموال من أجل حماية مناصبهم وبقائهم على تلك الكراسى التى ستزول وسيزولون ويصبح مزبلة التاريخ مسواهم.
فجاء ترامب بصيغة ثقيلة خرجت من المراكز العلمية والاستراتيجية، فجاءت القمة الغريبة تحت مسمى القمة العربية الإسلامية الأمريكية، فخبراؤهم وصناعة القرار تأتى من نظريات علمية وخبراء ليسوا كخبراء العرب الذين لا يعرفون حتى كتابة اسمهم صحيح فهم منافقون ومتملقون من أجل أن تملأ جيوبهم، فالصياغة تجعل المذهب مذهبين، والأيدولوجية السياسية أيدولجيتين، فيسير الانقسام حليف لتلك الدول، فتظل ضعيفة تطلب الحماية، وتأخذ الدول الكبيرة خيرها بدون أن تأتى للسيطرة ولا أن تطلق رصاصة، بأن تجعل الانقسام والسفهاء هم من يصنعون القرار فى الأمة الإسلامية، فأردوا أن يحيوا القومية العربية فى مقابل الأمة الإسلامية على مرأى ومسمع من الجميع، وليعلنوا سواء كانت قومية أو أمة فإن الولايات المتحدة هى المسيطرة والأب الروحى لهؤلاء، فجاء ترامب ليقول أن البيت الأبيض ودولته تساوى جميع دول العرب والمسلمين، فجاء هذا المصطلح، وغابت تركيا كدولة إسلامية واعية عن تلك المسرحية الهزلية لأنها تعى سياسة وصناع قرارها أذكياء.
جاء ترامب ليعلن للأمريكان من على الأرض التى خرج منها نبى المسلمين ومشى على ترابها وسار فى صحراءها ليوصل رسالة الإسلام السمحة إلى العالم كله، فجاء ترامب من على هذه الأرض ليعلن وسط تصفيق حار وتصديق من قادة المسلمين والعرب، أن الأرهاب والتطرف وجهان لعملة واحدة تسمى الإسلام، فيقول للأمريكان عليكم أن تصدقوا كلامى وتمنعوا هؤلاء المسلمين من دخول أمريكا، فجعل القادة والزعماء العرب يصدقون على كلامه بشىء عملى للأمريكان، فيثبت أقدامه ويمرر قرارته، ولكن أيضا سيعود بغنيمة كبيرة وثروة طائلة للخزانة الأمريكية، وكأنه يقول للعالم من يريد أن يأخذ شىء من العرب فهذه الفترة هى الأفضل فهم نائمون ومستعدون لبيع خيرات شعوبهم وثرواتهم فى مقابل حماية مناصبهم وبقاء التوريث لأبنائهم، ولايهم قوت شعوبهم ولا الخيرات للأجيال القادمة.
جاء ترامب بزوجته وبنته ، لغرض سياسى واضح، وقد نجح فى هذا الغرض، بأن العرب ليسوا أصحاب فكر ولا سياسة، ولا يستحقون العطف، فإن الشهوة والمنصب هما المسيطران، فتسابق الزعماء والرؤساء على الزوجة والابنه من أجل الحديث والتقرب، ونسوا ما جاءوا من أجله ، حتى أنه أعلن ان حماس إرهابية وغيرها من المسلمين وسط صمت وعدم ردة فعل من الموجودين لأن جمال حسنائه وفرت عليه كلام كثير وأنجحت صفقته بجمالها وبلهفة وشهوة الجميع، فلنا الله، جاء ترامب ليؤكد أن من يدفع أكثر لأمريكا سينال حمايتها لأن سياسته تبنى على مبدأ النفعية والمصلحة، والذى يدفع أكثر ستكون أمريكا حليفة له وصديقة، فإذا دفعت إيران أكثر فستكون حليفة وتضيع العقوبات فى وسط زحام الأحداث، ويخسر الخليج أمواله، وثروات حرم منها المسلمون وتمتع بها غيره من الغرب، هل هذا عدل ؟، هل هم أذكياء ونحن أغبياء لهذه الدرجة؟، بأن نجعل غيرنا قوة بأموالنا، وأن نجعل الفقر والجوع مرتع فى بلاد المسلمين وهى تمتلك أكثر من نصف ثروات العالم بأكمله.
هل يجوز أن ندفع جزية صريحة وعلانية من أجل حمايتنا لهذه الدرجة فقدنا عزتنا وكرامتنا، ندفع جزية من أجل حماية منصب هل يجوز ؟ ألم تقرأوا التاريخ وتعرفوا ماذا فعل هارون الرشيد بملك روما عندما رفض دفع الجزية ؟، ونحن الآن نصفق وندفع جزية برضا، فنريد أن نعرف من أين الخطأ ، منكم أم من الشعوب ؟، وهل للشعوب خطأ غير أنها رضيت بظلمكم وجهلكم فصنعت منكم فراعنه وأنتم لا تفقهون حتى القول ؟. فليعلم زعماء الداخل قبل الخارج أن المسلمين أصبح لهم شباب واعى ويعلم أن الصهيونية تدير ترامب وبيته الأبيض وهو يدير
رؤو س العرب، فعرف الشباب سياسة وسيكون القوة التى تضرب بيدها على الجميع، وتقول كفا ظلم وكفا لبيع الكرامة والثروة التى تدفعوها حتى يقتلونا بها.
فنجح الغرب بقيادة الأم أمريكا والأب صهيون بأن يحولوا عداءنا مع اليهود والصهيونية إلى سنى وشيعى إلى خليجى وإيرانى وحاربونا بأموالنا وتمتعوا بثروتنا بمباركة كبراءنا، وبل والأدهى أن جاء كبيرهم أن يعلن أننا إرهاب ، من على الأرض التى خرج منها نبينا وسط تصفيق حار من الأخوة العرب وبأموالهم يعود، وبين لنا أننا مجرد أمة همها شهوة ، أنسونا القدس والعراق وسوريا وأوهمونا بإيران وضحكوا أيضا على إيران يقتل بعضنا البعض بمباركتنا وبأيدنا وخيرنا للأسف تمتع بيه غيرنا، لك الله يا أمة محمد. اتهموا كل ما قال أننا أمة ولن نركع الا لله بأنهم إرهاب ليحموا كراسيهم باعوا الدين بالدنيا.
ذهب ترامب لبلاد العرب ووضع “حكام الدول العربية” كلهم فى كفة، ووضع دولة الاحتلال الصهيوني وحدها في كفة رقص مع العرب وصلي مع الصهاينة ، وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب.. وكان رد فعل العرب تصفيق حار ، ووصف كيان الاحتلال الصهيوني ببناة الحضارة بالقدس ،بعد أن قبض مئات المليارات عند بيت الله الحرام ، ذهب ليشكر الرب على هذا الرزق عند حائط البراق “المبكى” وهو يرتدي قبعة الصهاينة .
و يوم من الايام سيصبح المجد لنا فاستعدوا شباب أمة محمد فإن الانهيار قريب وسيكون لكم دور وسيعلمون أنهم كانوا يملكون شباب لو ملكوهم واستفادوا منهم لظلت عروشهم وصارت العزة والمجد لهم بدل من أن يدفعوا أموالهم ويقبلون الأيدى الصهيونية بلباس الأمريكى و جلبوا تاريخ لهم من الخزى والعار أمام أجيال قادمة ستلعنهم دوما عند ذكراهم.
الوسومعبداللطيف مشرف
شاهد أيضاً
صناعة الانحدار !!!
كمال زاخر الخميس ٧ نوفمبر ٢٠٢٤ من يحاربون البابا الحالى هم تلاميذ من حاربوا البابا …