الإثنين , ديسمبر 23 2024
ماريا ميشيل اخصائية نفسية

دمية كلارك.. أفاق خطيرة حول العنصرية .

كما ان الحقل يحتوى القمح و الزوان،، و السماء تحتضن الطير من كل بستان،، و البحر يضم الاسماك من كل طائفة و مكان،، و الروض يتأنق بالزعفران و الريحان،، و ها التعدد و الاختلاف يفض اسرار جمال الكون التى يستلهم منها كل فنان،، كذلك الحال لبنى الانسان،، قد تختلف لغة اللسان،، تتعدد الدول التى يتوطنها السكان،، يتنوع ما يتبعونه من عقائد و ملل و اديان،، تصطبغ بشرتهم و شعورهم و عيونهم بعدة الوان،، بينهم الغنى و الفقير و سليل الاعيان،، البسيط و المثقف و الذى يطلق للعلم العنان،، فإن اختلفت السمات الخارجية فللجميع نفس الكيان،، فالاختلاف هو صمام الامان،، لولاه لتوقفت الحياة فهو رمانه الميزان،، فما اجمل ان نحيا فى كون لا يعرف للتفرقه عنوان،، و هذا ليس للقصص الاسطورية او للمدينة الفاضلة اعلان،، فهذا الواجب ان نكرسه فى عقول صغارنا بكل بيان،، لنحد من العنصرية التى هى اخطر من سم الافعوان
كينيث كلارك أول عالم نفس أمريكى من أصول إفريقية يحصل على الدكتوراة فى علم النفس من جامعة كولومبيا، واشتهر هو وزوجته بإجراء تجارب لدراسة سلوكيات الطفل باستخدام الدُمى.
وأجرى كلارك وزوجته عام 1939 تجربة شهيرة تُعرف باسمه، وهى تجربة “دمية كلارك”، وتقوم فكرتها على إحضار أطفال لونهم أسود.
وضع دميتين امامهم إحداهما بيضاء والأخرى سوداء و تطرح تلك الاسئلة:
ما الدمية المفضلة أو التى تحب أن تلعب معها؟
ما الدمية اللطيفة أو الجميلة؟ ما الدمية التى تبدو شريرة؟ ما الدمية التى تبدو كطفل أبيض؟ ما الدمية التى تبدو كطفل ملون؟ ما الدمية التى تبدو كطفل زنجى؟ ما الدمية التى تشبهك؟
المؤلم بالتجربة ان اغلب الاطفال اختاروا الدمية السوداء على انها الدمية الشريرة و الدمية البيضاء هى الدمية اللطيفة و التى يفضلون اللعب معها
حين يُطرح السؤال الاخير على الاطفال ما الدمية التى تشبهك كان الكثيرين يرفضون الاختيار او ينهار بعضهم ويجهش بالبكاء ويهربون, و منهم من يبدو عليهم الحيرة و الخجل ,و اخيرا طفلة اكتفت فقط بالاشارة الى الدمية السوداء وتتمتم بصوت منخفض بعدها “الشريرة”..حقاً
د. كلارك اراد إثبات ان التفرقة العرقية بالمدارس تجعل الأطفال يختارون الدمية البيضاء بإعتبارها الدمية اللطيفة و اعيدت التجربة عام 1950 شارك فيها 300 طفل، و ايضا 63% من الاطفال اجابتهم انحازت للدمية البيضاء
وساهمت هذه التجربة فى إقناع المحكمة العليا الأمريكية أن التفرقة القائمة على العرق واللون فى أمريكا ضد القانون، وذلك كإحدى الخطوات المبكرة لإلغاء العنصرية
وبالرغم من أنه تم إلغاء العنصرية،، وما زلنا نمارس ذات العنصرية فى مجتمعاتنا بأشكال اخرى عديدة وذلك ما اثبته العالم النفسى كيرى ديفيس بتكراره نفس التجربة عام 2006 و المؤسف انه حصل على نفس النتائج
فالبرغم من الغاء العنصرية و التقدم البشرى و انشطة جمعيات حقوق الانسان الا انها مازلت تسيطر على تفكير الكثيرين!!
عنصرية اللون ما هى الا احدى الورقات لشجرة العنصرية الهائلة التى تتفرع اوراقها و تتنوع ما بين التمييز على اساس اللغة ,الجنس, الدين, العادات و الثقافات, التعليم, الطبقات الاجتماعية .. و هكذا و ما يعمق جذور تلك الشجرة المسمومة التربية القائمة على التفريق و التى يتوراثها الاجيال باختلاف الزمان و المكان
اخصائية نفسية
ا.ماريا ميشيل
mareya2000@hotmail.com

18447655_10212044463483378_6683987379726011594_n

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.