جري مصر محادثات مع موردي الغاز الطبيعي المسال لتأجيل شحنات متعاقد عليها لهذا العام، وتهدف لخفض المشتريات في 2018 مع ارتفاع كبير في إنتاج الغاز المحلي، وهو ما قلص الطلب على الغاز المستورد الأعلى تكلفة.
ولا تبدو رغبة مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بنهاية 2018 مبشرة بخير للتجار الذين عليهم تحويل كميات من الغاز الطبيعي المسال إلى أنحاء أخرى وسط القلق من تأثير ذلك على أسعار الغاز العالمية إذا لم يتم إيجاد أسواق بديلة لمصر، ثامن أكبر مستورد في العالم للغاز الطبيعي المسال، بالسرعة الكافية.
ويقول محللون وتجار ومصادر في القطاع، إن الشركة المستوردة، وهي المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» التي تديرها الدولة، تريد تأجيل عشرات الشحنات من الغاز الطبيعي المسال التي تم التعاقد عليها لهذا العام.
وخفضت «إيجاس» أيضا خطط مشتريات الغاز الطبيعي المسال لعام 2018 من 70 شحنة إلى 30 شحنة، بحسب ما قاله مصدر في القطاع في إشارة إلى انسحاب أحد المستوردين الأسرع نموا للغاز الطبيعي المسال من الساحة العالمية. ولم تستجب «إيجاس» لطلبات التعليق.
وقال وزير البترول المصري طارق الملا لـ«رويترز»، إن مصر ستؤجل بالقطع شحنات لكنه لم يذكر أرقاما محددة. وقال تيدي كوت كبير محللي أسواق الطاقة لدى «إي.دي.إف»، إنه مع تباطؤ نمو الطلب بين دول آسيوية مستهلكة للغاز مثل اليابان، يشكل القادمون الجدد بقيادة مصر 86% من صافي النمو منذ منتصف 2014.وتابع: «هذا اضطراب في الطلب لا يتجاوز فقط فوكوشيما من حيث النطاق، وإنما أيضا من حيث السرعة» في إشارة إلى كارثة المفاعل النووي في اليابان في عام 2011 وما نتج عنها من إغلاق لمفاعلات نووية، وهو ما ساهم في انتشال الغاز الطبيعي المسال من هبوطه الأخير.
ومن المنتظر أن يقفز الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي المسال بنحو الثلث ليصل إلى 452 مليون طن بحلول 2020. ومع انخفاض الأسعار الفورية في آسيا 72% منذ أوائل 2014 فإن إضافة أسواق جديدة لامتصاص التخمة تعد عاملا مهما لوقف الهبوط.
وفي خضم الجهود المبذولة لإحياء الاقتصاد المصري تأتي سلسلة من الاكتشافات لتشكل دعما محتملا للحكومة في الوقت الذي تنفذ فيه إصلاحات اقتصادية حساسة سياسيا وتكافح لكبح التضخم الذي قفز لأعلى مستوياته في 30 عاما.
وقال آدم بولارد كبير محللي النفط والغاز لشمال أفريقيا لدى وود ماكينزي: «بدأت الاختبارات التي تجريها (بي.بي) في غرب الدلتا مبكرة عن موعدها ويحرز حقل ظُهر العملاق لإيني تقدما سريعا على المسار صوب باكورة إنتاجه من الغاز في وقت لاحق هذا العام، لكن الإنتاج من حقل نورس هو الذي أدهش الجميع هذا العام».
وأضاف بولارد أن حقل نورس لإيني ينتج 900 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا ليصبح بذلك أكبر حقل منتج للغاز في مصر منذ بداية تشغيله في أواخر 2015.
وبدأ الإنتاج من حقلين لـ«بي.بي» في مشروع شمال الإسكندرية بغرب الدلتا، وهما «تورس» و«ليبرا» قبل الموعد المحدد بثمانية أشهر. ومن المنتظر أن تدعم حقول الغاز في شمال الإسكندرية الإنتاج أيضا.
قال تاجر للغاز الطبيعي المسال: «المحادثات مع مصر حول تأجيل شحنات مستمرة.. وهناك أيضا محادثات بين التجار والمنتجين بشأن الأماكن التي سيتم تحويل الشحنات إليها».
وأظهرت بيانات لـ«رويترز» أن مصر، التي كانت في الماضي من بين أكبر عشرة مصدرين للغاز الطبيعي المسال في العالم، ويبلغ تعداد سكانها 92 مليون نسمة، استهلكت نحو 12.5 مليون طن منذ بدأت الاستيراد في 2015. وقالت مصادر تجارية إن «إيجاس» أجلت بالفعل هذا العام ما بين 10 و15 شحنة.
ويشير حجم وسرعة هذا التحول إلى أن الحكومة ربما تقلص كثيرا اعتمادها على الغاز المستورد لكن استدامة ذلك ستعتمد على الطلب المحلي. وقالت آني سوفي كوربو الباحثة بمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية: «شهد الطلب على الغاز الطبيعي في مصر قيودا من الغاز المستخدم في توليد الكهرباء إلى الغاز المستخدم في إنتاج الأسمدة ولذا فإن الطلب على الغاز ربما يتعافى بأكثر كثيرا من المتوقع بداية»، وأضافت: «الإقبال على الغاز الطبيعي المسال في تلك المنطقة ربما يشهد تحديات لكنه لن يختفي».