الإثنين , ديسمبر 23 2024

* الطفل السفاح*

ما بين عامي 1871-1872 ظهرت عدة تقارير في بوسطن تفيد بأن العديد من الأولاد تم استدراجهم إلى مناطق نائية , وأوضحت التقارير بأن الأطفال تعرضوا لهجوم عنيف , ومع ذلك فطوال تلك الفترة لم يشتبه بأحد . ورغم أنها لم تكن هجمات قاتلة , إلا أنها كانت جديرة بالذكر بسبب حجم الوحشية التي أستخدمها المعتدي على هؤلاء الأطفال , فقد تم تهشيم وجوهم بقبضة اليد , وجلدوا بواسطة الحزام , وفي حالتين على الأقل تم استخدام سكين .
ومع أن جميع الأطفال الذين تعرضوا للهجوم أجمعوا على أن المهاجم كان طفلا يكبرهم بقليل , إلا أن الشرطة لم تقبض على أحد .
ربما تكون طبيعة المعتدي والضحايا , كونهم جميعهم أطفال , قد دفعت الشرطة للتسامح في متابعتها للقضية , وهكذا فأن المعتدي , وهو فتى في الثانية عشر من عمره يدعى جيسي بومروي , ظل طليقا .
بومروي كان الأبن الثاني للسيدة روث آن بومروي , وكان له شقيق يكبره بعامين .
في عام 1872 أنتقلت روث بومروي مع أبنيها إلى جنوب بوسطن , هناك تواصلت هجمات بوميروي على الأطفال إلى أن ألقي القبض عليه أخيرا وهو متلبس , ومثل أمام قاضي محكمة الأحداث الذي أصدر حكما بتحويله إلى إصلاحية ليمان الداخلية للبنين حتى يبلغ من العمر الثامنة عشر . وقد غطت عدة صحف قضية بومروي ومنها صحيفة بوسطن غلوب ونوهت في السطر الأخير قائلة عنه :”عموما فقد وجد أن الصبي قاصر عقليا” .
أفرج عن بومروي بعد أقل من عامين في فبراير 1874 ورجع إلى أمه وأخيه في جنوب بوسطن حيث افتتحت والدته متجر خياطة خاص بها هناك , أما أخيه الأكبر تشالرز فقط كان يبيع الصحف .
في مارس عام 1874 اختفت فتاة في العاشرة من عمرها تدعى كاتي كوران وأصبحت في عداد المفقودين , ومن جهة أخرى تم العثور على جثة مشوهة لطفل يدعى هوراس ميلن ويبلغ من العمر اربعة اعوام في مستنقع دورشستر باي . وعلى الفور , سعى المحققون وراء بومروي , على الرغم من عدم توفر أدلة تدل على تورطه في الجريمة .
وفي وقت لاحق , تم العثور على جثة كاتي كوران في الطابق السفلي من متجر خياطة الملابس الذي يعود لروث بومروي وكانت جثتها مخبأة على عجل وبلا مبالاة بين النفايات .
#
تم أخذ بوميروي لتفقد جثة الطفل ميلن وسئل عما إذا كان هو من قتله تحت الضغط والتهديد , فأعترف , فبدأت المحاكمات ورفض بوميروي الحق في الاستعانة بمحامي , ومثل بوميروي أمام القضاء الأعلى في 9 – 10 ديسمبر من عام 1874 حيث وجهت له تهمة القتل من الدرجة الأولى , وتم إعلان بوميروي مذنبا في 10 ديسمبر 1874 مع توصية بالرحمة من لجنة التحكيم وذلك لصغر سن المتهم , لكن يبدو أن تلك التوصية لم تجد أذانا صاغية , إذ تم الحكم على جيسي حكما أستثنائيا – لصغر سنه – في فبراير 1875 بالشنق حتى الموت .
هنا بقي على حاكم الولاية توقيع مذكرة الإعدام لكي ينفذ الحكم , لكن الحاكم وليام غاستون رفض التوقيع , وعندها لجأت السلطة القضائية لنظام التصويت في مجلس الولاية من أجل التصديق على الحكم . وكان الحاكم بحاجة لأغلبية بسيطة في المجلس من تسعة أصوات لتخفيف حكم الإعدام , لكن الحاكم فشل في الحصول على هذه الأغلبية في تصويتين , ومع ذلك رفض مجددا التوقيع على حكم الإعدام . وفي أغسطس 1876 صوت المجلس للمرة الثالثة , وهذه المرة حصل جيسي على تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد في زنزانة انفرادية , وكان حينها يبلغ من العمر 16 سنة .
خلال سنوات السجن زعم بوميروي انه تعلم عدة لغات بما فيها العبرية , وزاره طبيب نفس ألماني فدهش من تحدثه الألمانية بطلاقة , وكذلك أخذ جيسي يكتب اشعارا وقصائد , ودرس كتب القانون وقضى سنين يكتب عرائض قانونية من أجل إبطال محكوميته والحصول على عفو , كما أقدم مرات عديدة وبإصرار عجيب على الهرب , حيث وجد في زنزانته ادوات يدوية للهرب كالحبل وادوات الحفر , وفقد بوميروي عينا بعد محاولة منه لتدمير جانب من زنزانته بإعادة توجيه الانابيب التي تمد السجن بالغاز .
في عام 1917 , بعد 41 عاما قضاها وحيدا في السجن الانفرادي سمح لجيسي أخيرا بالخروج إلى باحة السجن والاختلاط ببقية السجناء . لكن لم يطلق سراح جيسي أبدا , ولعله الشخص الوحيد في التاريخ الذي قضى عمرا كاملا , من الطفولة إلى الشيخوخة , في السجن .
في السنوات الأخيرة من عمره جرى نقله إلى مصحة عقلية حيث مات هناك في 29 سبتمبر 1932 . ويعد جيسي أصغر شخص أدين بجريمة قتل من الدرجة الأولى في ولاية ماساتشوستس الأمريكية
محمد السيد طبق

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.