بقلم : د: عبداللطيف مشرف
انتهت الانتخابات الفرنسية منذ قليل ، وانتهت بفوز المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون الذى لا يتجاوز عمره الأربعين عاما ، كأصغر رئيس لسابع أقوى دولة في الاقتصاد العالمي، وهو ما سطره الفرنسيون وقالوا كلمتهم، لا للتطرف اليمني، لا لأفكار العواجيز التى لم تجعل التقدم خلال السنوات الماضية فى فرنسا شيء يشعر به الجميع، بل شعر الجميع ببطئ الحركة التى تشبه كبرهم فى السن، فهنا الوعي قال كلمته، واالثقافة والدراية عامل مهم فى تغيير الأنظمة، الشعب الواعي المثقف قادر أن يكون جرىئا فى قراره ويقبل التغيير رغم ما يمكن أن يناله من خسارة، ولكن قالوا نعم للشباب ، نعم للحيوية والفكر، قالوا للعواجيز والتطرف اتركوا الأبناء من الشباب يطمحوا ويحكموا لعل فرنسا تشعر بحركة ونشاط مرة أخرى، بعد أن كان البطء والكسل سمة لكبار السن، دعوا الشباب يخوض التجربة حتى لو أخطأ فهم أحق بأوطانهم، فرغم العنصرية الواضحة مع المسلمين فى فرنسا، إلا أننا يجب أن نقف تحية تقدير وإجلال للشعب الفرنسي، الذى كتب تاريخا جديدا باختياره رئيسا صغيرا، لعل النشاط والهمة تعود لفرنسا وتعود الأمجاد لتصبح من جديد من أولى الدول كما كانت عبر تاريخها.
ولكن هذا حال الغرب وتقدمه وجرأته فى الاختيار، ولا يختار سوى الكفاءة والمحق، أما إذا نظرنا إلى الشرق ومن يحكموه، نرى كل من يعتلي الحكم فيه، كأيدلوجية غير واضحة الرؤى وغير واضحة الفكر السياسي، وكمستوى ثقافى نراه معدوم فى الكثير منهم، وكمستوى فكر اقتصادى نرى الجميع تابع، وكمستوى تعليمى لا أحد فيهم يستحق، وكإنجاز بطولي وعسكري لا أحد يملك تلك الإنجاز، وكرؤية للتطوير والنهوض بالتعليم والصحة، لا شىء يذكر فيه، كأنهم خائفون أن يعلموا شبابهم، حتى لا يطلبوا حقوقهم ويعرفون أن من يحكموهم لا يستحقوا ولا يستطيعوا أن يحكموا بيت، لأن هؤلاء الكبار السن وأصحاب الشيخوخة في الفكر، لا يعرفون أن الأمم قوية بموردها البشري وبعقول شبابها وليس بما تملكه من وفرة فى الموارد الطبيعية، فاليابان لا تمتلك ثروات طبيعية، ولكن استغلت عقول أبنائها وشبابها لتصبح قوة اقتصادية وعسكرية الجميع يحترمها، ورغم أنها إمبراطورية إلا أنها لم تخف من العقول والعلم وأيقنت أن قوتها فى تلك العقول وليس بتدميرها واعتقالها وقتلها، أما الشرق وخاصة العرب وهم من يملكون غالبية الثروات والموارد الطبيعية، إلا أنهم فى قاع الدول ويسمون دول العالم الثالث رغم ما يملكون، فهنا يكمن السر، إن القوة ليس بالمورد والثروة إنما القوة بمن يحكموا ورؤيتهم للأمور، فهذه النتيجة لأمة تملك كل شىء ولكن لا تملك قرارها، لأن حكامها أحياء جسدا وأموات فكرا ورؤية وسياسة، أعقمت نساء أمة بأكملها ؟ ، أن تلد مثل إيمانويل ماكرون، أم ماذا؟ الأمة يوجد بها أقوى من إيمانويل فكرا وقوة إيمان وثقافة وسياسة، لكن شباب الأمة حكامهم قتلوا فيه الطموح، وجعلوا الاعتقال لكل من يتكلم فى شؤون الحكم والسياسة، كأن تلك البلاد جعلت إرثا لهم ولأحفادهم.
ومن يفكر أن يكون إيمانويل يكون التشرد والاعتقال نصيبه، أو النفي خارج البلاد أو رصاصة طائشة، حكموا العواجيز فى أمة الشباب فكانت النتيجة أمة ضاع منها كل شيء، وحكموا الشباب فى أمة العواجيز فصاروا قوة فكرية واقتصادية، رغم أن العجز وكبر السن فيهم سمة ، ألم يأن أن يحكم الشباب أوطانه ؟، ألم يأن أن نعلم الأجيال الاقتصاد والسياسة من الصغر ؟، ألم يأن لهؤلاء الحكام العواجيز وأصحاب الدبلوماسية الزائفة انعزال السياسة والبعد عن مصادر اتخاذ القرار، أن يرحلوا ونقول لهم شكرا على ما قدمتموه لضعفنا، وجعلتم الغرب يأخذ علنا ثرواتنا، وبغبائكم ضاعت كرامتنا وأراضينا من الشام للخليج للمغرب، فأنتم لا تحكموا فأنتم مجرد أخشاب مسندة يتحكموا فيه الغرب وفقا لسياستهم، نحن لا نحكم الشعوب ولكن نحكم من يحكم الشعوب، فجيل الأمة وعى ذلك بدون أن تشعروا، تئن الأوطان منكم، تهتك الأعراض فى أمتنا وأنتم تشاهدون، يقتل الطفل والشاب وتبكى الأم، وأنتم تلهون، تضيع الأرض والعرض، وأنتم نائمون، الأسرى فى كل السجون فى الداخل والخارج وأنتم تنهبون الأوطان، ارحلوا سامحكم الله، غير مأسوف واعملوا لأخرتكم، فإن البطون تئن رغم كثرة خيرات أمتها، ارحلوا وانظروا إلى قبوركم، أرحلو فأنتم لا تقدرون على الحديث وغير مؤهلين له فكيف تتحدثون باسم أمة الشباب والنشاط ؟، أنتم عاجزون الحركة فكيف يتقدم الاقتصاد بكم ؟، أنتم لا تمتلكون شهادات علمية فكيف ينهض التعليم بكم ؟، فحان الوقت ليحكم جيل جديد ، شباب واع لا ينتمى لأى حزب أو قبيلة أو عصبية، ينتمى لعقيدة واضحة الرؤية والمبدأ وهدفها الإصلاح، فحان الوقت أن يحكم كل الأقطار( ماكرون) عربي مسلم، ويرحل العواجيز الذين قهروا الأمة .
الوسومعبد اللطيف مشرف
شاهد أيضاً
من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!
كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …