بقلم د: عبداللطيف مشرف
في 15 تشرين الأول/أكتوبر، أرسلت البحرية الروسية حاملة الطائرات الوحيدة لديها، «الأميرال كوزنستوف»، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط. واستناداً إلى (الشركة الاستشارية لإدارة الأعمال) “أي إتش أس جاينز”، ترافق حاملة الطائرات “السفينة الحربية «بيوتر فيليكي»، والسفينتان الكبيرتان المضادتان للغواصات «سفيرومورسك» و «فايس أميرال كولاكوف»، إلى جانب سفن دعم”. وكان المسؤولون الروس قد أعلنوا للمرة الأولى عن هذه الخطة في 21 أيلول/سبتمبر، بإشارتهم بأنه سيتمّ اللجوء إلى «كوزنستوف» لضرب أهداف في سوريا.
وفي حين أن نشر السفن الحربية سيسهّل على الأرجح العمليات الروسية دفاعاً عن نظام بشار الأسد، إلا أن نشرهما ربما يكتسي أهمية أكبر باعتباره دليلاً على استعادة موسكو النفاذ إلى الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط. فتواجد روسيا المحدود ولكن المتنامي مهم بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة – حيث سيواجه الرئيس الأمريكي منافساً من خارج المنطقة يمكنه تعقيد حرية المناورة التي تمارسها الولايات المتحدة في المنطقة لدرجة لم تُعرف منذ نهاية الحرب الباردة. ونتيجة لذلك، ستكون واشنطن بحاجة إلى نشر المزيد من الأصول العسكرية في المنطقة من أجل تنفيذ المهام نفسها، في وقت تطالب فيه مناطق أخرى بمطالب أكبر من هيكل القوة الأمريكية المنتشرة بأقصى طاقتها.
ونجد أن غالباً ما يُترجِم الرئيس فلاديمير بوتين تصرفات الغرب على أنها محاولات لتطويق روسيا والإطاحة به من السلطة، تمشياً مع يؤمن به بأن الغرب ينسق تغيير الأنظمة في جميع أنحاء العالم. وكان ردّ فعله قوياً إزاء هذا الاحتواء المتُصوَّر على مدى العقد الماضي، حيث عمل على تعزيز قدرات بلاده العسكرية وأقدم على تنفيذ العديد من التدخلات في الخارج. وكان غزو جورجيا في عام 2008 إيذاناً ببدء الإصلاحات العسكرية الرئيسية، وبحلول عام 2014، بدت القوات الروسية التي وصلت إلى أوكرانيا أكثر استعداداً (للمشاركة في عمليات عسكرية)، على الرغم من مكانتها كقوات نخبة. وفي الوقت نفسه، جاءت العمليات الغربية في ليبيا والخسارة اللاحقة للحليف معمّر القذافي في البحر المتوسط في عام 2011 لتعزّز جنون ارتياب بوتين.
ووفقا للتحليل الجيوساسى أن اندلاع الحرب في سوريا سوى تضخيم تصور بوتين لهذا الاحتواء في الوقت الذي عملت فيه الدول الغربية على وقف عمليات نقل الأسلحة الروسية وإمدادها للأسد.
ومع تطوّر الحرب، عزّزت واشنطن ضغوطها الدبلوماسية لتقويض دور روسيا العسكري المتنامي. وعقب إعلان موسكو في أيلول/سبتمبر 2015 بأنها ستطلق طائرات قتالية من القواعد الروسية لدعم الأسد، فاجأ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نظيره الروسي سيرغاي لافروف بتحذير من توسيع العمليات العسكرية. وبعدها، حثّت إدارة الرئيس أوباما كلاً من بلغاريا واليونان على إغلاق مجالهما الجوي أمام أي طائرة روسية متوجهة إلى سوريا، وقد وفاقت بلغاريا على ذلك.
والدليل القاطع على الأطماع الروسية فى المنطقة والهدف التوسع هو أن موسكو كثفت تواجدها الإقليمي خلال الحرب في سوريا عبر نشر قواتها البحرية مسبقاً في المنطقة، وتطوير علاقات عسكرية مع حكومات مختلفة، والإمساك بزمام المبادرة بشأن قضية الأسلحة الكيماوية، وبناء قواعد عمليات جديدة. وقد شكّلت إعادة نشر أسطولها في البحر المتوسط خطوة رئيسية في هذه العملية. فقد وصلت السفن الأولى إلى شرق البحر الأبيض المتوسط في عام 2013، مباشرة بعد إيقاف بريطانيا إرسال مروحيات “مي-25”. وبعد عامين كان الأسطول مكتملاً.
نرى أن بوتين قد ضمن دوراً لجيشه أيضاً ومجالاً إضافياً للمناورة عبر التطوّع للإشراف على تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية للأسد في عام 2013. وفي وقت لاحق، ضَمَن حقوق الرسو في موانئ قبرص لتوفير دعم على الرصيف البحري لحاملة الطائرات «الأميرال كوزنستوف»، ورتّب أولى التدريبات البحرية المشتركة على الإطلاق بين روسيا ومصر، وأرسل سفناً للتوقّف في ميناء الإسكندرية للمرة الثانية فقط منذ عام 1992، كما جدّد النفاذ البحري والمبيعات العسكرية إلى الجزائر.
وبحلول منتصف آب/أغسطس عام 2016، كانت روسيا تقوم بشن هجمات جوية في سوريا باستعمالها قاذفات القنابل من طراز “تي يو22 أم3” التي كانت تُقلع من قاعدة همدان الجوية في إيران، مما يدل على التزام بوتين بإستراتيجيته وتقاربه الذي لم يسبق له مثيل من طهران. وبالفعل، قد يعني تحسّن علاقات موسكو مع قبرص وإيران ومصر والجزائر وغيرها من الدول بأنها رسّخت وجودها الإقليمي على المدى الطويل، حيث أن ميناء طرطوس السوري يمثّل من جديد مركز شبكة لوجستية يصل امتدادها إلى الإسكندرية وليماسول وربما الجزائر العاصمة.
ونرى من النظرة الأستراتيجية للبعد السياسي والعسكري أن التحسينات التي تمّ إدخالها إلى الجيش الروسي ساهمت في توسيع خيارات بوتين. ، فإن القوات الروسية التي شقّت طريقها لتشغيل عملياتها في سوريا تتمتّع بقدرة أكبر بكثير من تلك التي أظهرتها في جورجيا وأوكرانيا خلال حملات سابقة. ويبدو أن الجيش الروسي قوياً حالياً بما بما فيه الكفاية للحفاظ على موقف بوتين الجديد ومكانته في الشرق الأوسط.
لقد كان بسط السيطرة الجوية مهماً بشكل خاص – حيث أن استحداث فقاعات دفاع جوي إقليمية كبيرة قد سمح لروسيا بتثبيت حريتها في المناورة بشكل فعّال وتعقيد أي استخدام مستقبلي للقوة الجوية الأمريكية. يُذكر أن المنظومات المتنقلة لـ “أس-300” موجودة الآن في الجزائر ومصر وإيران تحت إشراف محلي، في حين تمّ نشر أحدث منظومات “أس-400” الخفية المتنقلة في شبه جزيرة القرم وسوريا تحت سيطرة روسية. وكان نطاق هذه المنظومات وقدراتها المتنامية قد عزّزت المخاطر بالنسبة للعمليات الجوية الأمريكية في البحر الأسود، وشرق البحر الأبيض المتوسط، وما يصل إلى 90 بالمائة من منطقة الخليج.
من المثير للاهتمام أن المناقشات الروسية الرسمية حول سوريا كما ورد في وسائل الإعلام الخاضعة لرقابة الدولة تتجاهل إلى حد كبير البُعد السني / الشيعي. فوفقاً لهذه النظرة التبسيطية المشوّهة، تدور الحرب بين الحكومة الشرعية برئاسة بشار الأسد والمعارضة الإرهابية.
فهذا أكبر دليل على أن مناطق النفوذ ى الشرق تتوزع وبأتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، فالسنة والشيعة مجرد قضية لبسط النفوذ، وهذا ما يعيده التاريخ، عندما عقدت معاهدة سايكس بيكو لتقسيم البلدان العربية، وهما وزير خارجية بريطانيا وفرنسا ونجحوا بالفعل فى التقسيم، وذلك بعد أن اشعلوا المنطقة بالثورة العربية على يد الشريف حسين وأوهموه بأنه بديل الخلافة العثمانية فتقاتل المسلمين والعرب،فخرج خاسرا وسقطت الخلافة العثمانية ونجحت فرنسا وبريطانيا، بأن تقسم البلاد العربية بينهم وثرواتها بعد الحرب العالمية الأولى، كأن التاريخ يعيد نفسه ولكن العرب لا يقراءون والغباء وعدم المعرفة التاريخية حليفة من يحكمون، فكأن سايكس بيكو جديدة أمام أعيننا مع تبديل طرفى القوة بريطانيا وفرنسا بروسيا والولايات المتحدة، فأن ما يحدث ليس صراع بين القطبين الكبيرين بقدر ما هو تقسيم مناطق ثروات العالم المتمثلة فى ديار العرب ، فأشعلوا الصراع المذهبى والأيدولوجى كالعادة ومن ثم يدخلون لحله والسيطرة بأسمه على الكنوز والثروات.
فالعرب لا يقراءون تاريخ ومن يحكموهم لا يعرفون سياسة ، فهم اذا قراءوا لا يفهموا وأن فهموا لا يعملوا بما فهموا، فعلينا العمل على استنهاض الهمم من الشباب وتوعيتهم بما يدور فى المنطقة ، ويعرفوا أن ما يحدث هو تطويق للمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وليس صراع بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وروسيا، فأنما تمثلية على المسلمين والعرب كالعادة، فليعى الجميع بما يحدث لأن الجميع سيخسر ونفقد الملايين من أرواح المسلمين بدون أن يقذف الروس والأمريكان رصاصة واحدة من مدافعهم بل بأيدينا وغباء من يديرون الأمور، ثم يسيطرون ويجنون الثروات ، كما فعلت بريطانيا وفرنسا، قسمت العرب واسقطت خلافتهم بدون أن تتدخل بقوات عسكرية صريحة ، فجعلت العرب يحاربون الأتراك ويقتل المسلم أخوه المسلم، من أجل أحلام الشريف حسين الذى كان لا يدرى بما يفعله، فكان كل همه أن يظهر على الساحة وأن يكون حليف الغرب، فخسر وخسر كل المسلمين أراضيهم وثرواتهم، فخذوا أيها العرب وحكامهم من التاريخ عبرة حتى ننجوا جميعا ونرحم الأجيال القادمة من غدر الغرب وضياع ثرواتنا..
الوسومعبد اللطيف مشرف
شاهد أيضاً
جهاد الكريسماس
وتم بحمد اللات أول تفجير إرهابي موفق بمناسبة أعياد الكريسماس بتاعة المسيحيين بألمانيا وسيوافونا بالتالي …