جمال رشدي
قرأت عبارة قالها احد الرحالة الاوربيين فى عام 1942 ” اذا اردت ان تشاهد حداثه باريس وسحر فيينا وعراقة اسطنبول فأذهب الى القاهرة ” نشرتها جريدة الاهرام وقتها.. وكم مناثر بى ان اعرف ان القاهرة كانت بحق ارقى مدينه فى العالم وكانت الاولى فى مسابقة اجمل مدن العالم وذلك عام 1925 ..وفى عام 1942 عندما كان يتم تجميل لندن اوباريس كانوا يفتخرون انها اصبحت راقية ونظيفة مثل القاهرة.. هذه حقائق يجدها من يتصفح الجرائد القديمة..
رجعت للواقع فكم تغيرت الحقائق واصبحت القاهرة تعانى من عدم النظافة فى شوارعها وازدحامها الشديد والباعة الجائلين فى كل مكان .. إلا ان روعة الصورة اخذتنى لاتصفح مرة اخرى اخبار زمان وروعة المكان جعلتنى اتخيل نفسى فى هذه الفترة ..فكان خيالى ياخذنى الى اجمل الفترات التى كانت تعيشها مصر الى ايام الزمن الجميل من اخلاق وفن وشخصيات عظيمة اثرت فى تاريخ مصر، فكانت دائما لها طابع ساحر وفريد ، طابع يذكره كل من عاصر تلك الفترة .
استوقفتنى اخبار كثيرة .. صراحة كنت فى منتهى الدهشة هل هذه مصر التى اعيش بها الان ، لقد كانت اكبر مصدر للقمح فى العالم ولكننا نستورده الان ، وكانت تنتج اجود واندر انواع القطن فى العالم وكانت الدول تستدين كى تستورده ، وكان الجينه المصرى يساوى واحد جنية ذهب .
واستغربت حين عرفت ان مصر كانت اول دولة فى العالم لديها محطة لتوليد الطاقة الشمسية فى المعادى عام 1911 وكانت كهرباء اسوان ثمنها مليم واحد للكيلو وات فى عام 1954 ونحن الان نعانى من ثقل المبالغ المالية لاستيراد مواد الطاقة.. فيا لها من ايام جميلة.
و فى الوقت الذى نعانى فيه من ديوننا الخارجية التى تؤثر على اقتصادنا الحالى اجد ان مصر اقرضت بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية 50 مليون جنية .
وكان الطلاب الطلاينه واليونانيون يأتون الى مصر ليعملوا حلاقين وجارسونات بدلا من هروب شبابنا الان الى ايطاليا بطرق غير شرعية وتكون النتيجة محزنه .
وكانت الموضه تظهر فى مصر قبل باريس و الان يقوم الشباب بالتقليد الاعمى للموضة الاوروبية ،و فى عام 1935 كانت مصر اول من انتج فيلم رسوم متحركة عربى فى التاريخ .
ومن الاخبار المدهشة التى قراتها عام 1954 صدر بيان للمشير عبد الحكيم عامر يعلن فيه ان مصر تصنع اسلحتها بأيديها وتمد الدول الصديقة بالعتاد الحربى اى اننا كنا لا نحتاج الى امريكا او غيرها من الدول الاخرى حتى تمدنا بالاسلحة وتملى شروطها علينا.
فأين ذهب هذا الجمال وكيف اختفى من حياتنا ؟ فهل السبب ان الناس اصبحوا لا مباليين بوطنهم واهميته ام ان طبيعة الشعب تغيرت ؟ هل كان الشعب فى الماضى اكثر حرصا وحبا لهذا البلد عن وقتنا هذا؟ اخاف القول إن السبب هو تغير هوية شعب.. اخاف القول إن السبب هو تجريف وتجريد ثقافة شعب.. انحدرت أمه عظيمة بتاريخها من القمة للقاع. وأصبح الصراع بين ابو الهول وابو جهل هو صراع حضارات وثقافات بل ووجود. حتما سوف ينتصر ابو الهول لكن بعد تعب ومشقه وربما وقت طويل.. نعم من الذي تسبب وساعد ابو جهل على أن يناطح عظمة ووجود ابو الهول صاحب الوجود والشاهد على التاريخ . نريد وضع أيدينا على الإجابة لكي نستطيع مساعدة ابو الهول على الاستمرار في الحرب والانتصار والرجوع بمصر التي كانت مرة أخرى.عوامل تعرية كثيرة أصابت الثقافة المصرية تغير الفلكلور الثقافي للمصريين في المظهر والمضمون. المبادئ. الأخلاق. السلوك. التعاملات. الفنون الشعبية.. كل شئ سقط من قمة الجمال الي قبح القاع صراخ عويل ضجيج حالة غريبة وعجيبة تحتاج إلى مراجعات ودراسات وتشخيص سليم. والمنهج والمعلم هم مربط الحصان .
تمنيت ان اعيش فى هذا الزمن الجميل فكم احببته وادعو الله ان تعود مصر مثلما كانت ويعود لها الجمال والرقى اللذان كانا فى الماضى فامة بلا ماضى .. امه بلا مستقبل
الوسومجمال رشدي
شاهد أيضاً
تفاصيل الحكم النهائي الصادر في حق القاضي قاتل زوجته “المذيعة شيماء جمال”
أمل فرج أصدرت محكمة النقض المصرية، الاثنين، حكمها النهائي بإعدام المتهمين أيمن عبد الفتاح، و …