بقلم : د- عبداللطيف مشرف
سيادة الدولة هى ركن مهم من اركان الدولة التى تتكون من أرض ثم شعب ثم سلطة ثم سيادة دولة، فتأتى فى أخر أركان مقومات ومكونات الدولة، فسيادة الدولة هى قدرة الدولة بقرار الحفاظ على داخلها وخارجها، فهى ركن مهم، ولكن كيف تكون السيادة ؟ من هنا نبدأ بسؤال، كيف تكون سيادة الدول؟
السيادة الحاكمة التى تتحدث بها ليل ونهار، أمام شعب مسكين يخاف من ضخامة الكلمة والمسميات الكبيرة التى تذيعها على شعب المتعلم فيه غير واعى، فالسياسة هى التى ستجيب ولا احد أخر، العلم والمنهج هو الذى يجيبك، ليس المأجورين هم إعلامي الدولة ،الذين لا يعرفون اسمهم بالكامل ، فهذا نعرفه لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال” سيكون أدنى أمتى قدراً أعلاهم شأنا ” فهذا نعرفه لأننا نؤمن بالله ورسوله لا غيرهما.
فمن الطبيعى أن يظهر على شاشات التلفاز هذه العاهات التى لا تجيد غير نقل وقراءة الكلام الذى يرسل إليها، فالعقول معطلة ما دامت اليد والعيشة والمرتب الفخم بخير، ولكن العلم منصف، والمنهج أصح، فهو سيصدقك القول فى تفسير سيادة الدولة ، لا هؤلاء الذى لا يملكون ثقافة ولا قراءة ولا كريزما ولا ألفاظ، فيجيب العلم من خلال تجارب الدول ليس من خلال عواطف، فيقول أن سيادة الدول تبدأ من فرد واع متعلم متذوق لعدل، مثقف ومنتج واع بما له من حقوق وواجبات، فرد يكبر فى مدارس لديها منهج علمى متقن يفيد حياته العملية، لا يكبر على أوكا وارتيجا وشعبان وصافيناز، فرد لديه قدوة ورجال حقيقيين ملهمين، معلميه الأفكار والفكر الناقد، ليس فرد يربى على خرافات توفيق عكاشة وتفاهات أحمد موسى وتامر أمين وغيرهم العديد، فرد يربى على منهج يحتوى على اقتصاد وسياسة من صغره، لا فرد يتعلم من نفسه سياسة واقتصاد وأن تعلم يكون مثواه معتقل أو زنزانة فردية، أو مرض مزمن، يموت وحيدا مسجونا معتقلا يبكيه أهله، فلنا فى كريم مدحت عبرة وأحمد الخطيب، فرد يربى على عزة وكرامة، فعندما يداهمه المرض يجد دولة توفر له مستشفيات وكفاءات من الأطباء على أعلى المستويات وأحدث التقنيات، لا فرد يربى على مستشفيات الحشرات تسكنها وبدون أطباء وأن وجدوا نسوا فى باطنه المشرط أو الفوطه، ومن كان صاحب مرض مزمن فعليه فى الانتظار ويفترش هو وأهله الرصيف حتى نجد له السرير بعد الشهور.
سيادة الدولة تبدأ بفرد يتعلم فى مدارس ومعلمين أكفاء، ليس فى مراكز تعليمية السفاهة صفة معلميه والألفاظ الخادشه للحياء حديثهم والمزمار والرقص طريق للفهم، سيادة الدولة تبدأ من فرد لديه إمكانيات عقلية وبحثية تتبناه دولته طالب علم تتكلف به الدولة ، لا فرد عندما يجد الغرب فيه هذه الإمكانيات يتخطفونه خطفا، لأنه يعلم إذا بقي فى دولته سيكون مصيره إما فى العباسية وإما داخل المعتقل إما فرد لا يجد ما يكفيه هو وأولاده حتى يعيشون بستر، سيادة الدولة تبدأ من سيادة القانون على الكبير والصغير على القوى قبل الضعيف، على الغنى قبل الفقير ، فلكم في رسول الله أسوة وقدوة، قال صل الله عليه وسلم” وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” هنا العدل مبدأ وأساس على الكبير والصغير ومنهج ثابت للنهوض وفرض السيادة، لك أيتها الدولة الحبيبة ومن يحكمونك، فى عمر بن عبدالعزيز مثال عندما أتته الحاشية الفاسدة كما هى موجودة ومحببه الأن ، قالوا له فى أول أيام خلافته يا عمر إذا أرد الحكم فعليك بالسوط للناس حتى يستقيموا، فرد بعزة وعقل قال والله كذبتم أن الناس فى حاجة إلى العدل وليس للسوط، والله لاتكون من اليوم رفقة فأقلهم، هكذا السيادة، ليس فى حاشية جاهلة ولصوص، يتملقون من أجل أهدافهم حتى لو على حساب جثث الألاف من أبناء الشعب، هكذا كان مبدأ سيادة الدولة ، لا السوط والمعتقل، فكيف تسأل فرد عن وطنية وكرامة وتقول له أرفع رأسك، وهو لا يرى إلا كلام ملائكة وأفعال شياطين، كيف يرفع رأسه وهو لم يقدر على حمل أسرة ولا زواج ولا بناء كيان وصحة مسلوبة، بناء الدول والسيادة تحتاج إلى سياج من أمن جوانبه العدل وسمائها خير وأرضها مأوى وعزة.
كيف تنظر من فرد قتلته عندما قال لا لظلمك ونعم لرأى ورأى الآخر، كيف تنظر من فرد قتلت حلمه بعد ثورة قامت على دماء إخوانه وحلم له أن يرى وطنه يحتضنه ويعود له من عصابة، وبعد أن شعر أنه يبنى بلده ويذهب لاستفتاء تلو الاستفتاء ودستور وانتخابات ورئيس لأول مرة من خلال صندوق، فتأتى فى لحظة أن تهدم كل ما هو واقع وتهدم أول طابق فى البناء، تهدم عليه حلمه وطموحه، وتقتل فيه الأمل، وتسلب منه حريته ووطنه، وتقول أنك غريب، ونحن أصحاب هذه البلاد، تفرق بينه وبين أخيه وتقول هذا إخوان وهذا عسكر، هذا مسلم وهذا مسيحى، تفرقه، بعد أن لم الشمل وقسموا القسم على الرفعة وتقدم الأوطان وفدائه بروح والدم.
تهدم عدالة اجتماعية حرية عيشة بكرامة، تقتل الفرد تلو الفرد، تقيم حفلات المذابح بعد احتفالات نصر شرعيته وعودة وطنه لحضنه، تحرق الجثث لأنها قالت لا للعودة للوراء والتخلف والفقر والمرض، لا للتجارة فينا لا للحبوب المسرطنة لا لجشع عصابة تسرق قوته، وتحرمه من خير بلده، تطيح بالكل حتى الفتاة والطفل فى مدرسته إذا تحدث برأى وقال لا لما يحدث، يكون مثواه اعتقال وهو طفل يريد أن يلعب ويحضن تراب وطنه، تحرمه من طفولته وفرحته، تفقد الحرة شرفه فى سجون بلادها، تجعل الفرد يترك كل شىء وعلمه ليفر إلى بلد آخر حتى يسلمه الله من معتقل أو رصاصة طائشة، تهجر بشر من أرضهم وتحرق زيتون، وتقتل أطفال نساء كبار صغار تهدم مساجد من أجل وهم صنعتموه يسمى إرهاب، فالإرهاب هو مافعلتموه، وأن فعل الآخر إرهاب وفجر ودمر واعتدى نرفضه، ولكن أنت من موته وهو حى ، قتلت فيه الأمل والطموح فبدل من أن تستغله جعلته يفجره بيده، كيف تنتظر من فرد جعلته مشردا بعد أن كان بين أسرته مطمئن مرتاح يرى أطفاله يكبرون أمامه ينظر إلى بسمتهم ويتمنى أن يكبروا فى وطن يبتسم لهم من بعد عناء أبيهم، فكان جزاءه حلمه ورفع صوته أن يترك عش بيته وبسمةأولاده ويصبح مشردا ًمطارداً فى جبال وصحراء، فعندما ينقطع الأمل ويدمر كيان ومستقبل الأسرة فيكون مثواه أن يفجر نفسه وذلك من منظوره يريد أن يبرد ناره، ماذا تنتظر؟ من شعب هجرته من وطنه ودمرت أرضه وقتلت طفله وامرأته وحرقت زيتونه، بزعم وجود الإرهاب تخيل كمية الغيظ بداخله وضع نفسك مكانه ماذا تفعل، ماذا تنتظر؟ من أخ أو أب هتك عرض أبنته أو أخته داخل سجون الوطن هل يفرح ويرقص ماذا يفعل، أنت من دعوت للإرهاب وصنعته من أفعال مرفوضه شرعا وسياسة وإنسانياً، انت من شرد وقتلت وهجرت وحرقت، فصنعت بكل هذا وطن ممزق يخاف شبابه من السير بين جوانبه لا يثقون بالعمل داخله لأنهم فى أقل من لحظة من الممكن أن يقتل أو يعتقل أو يضيع مستقبله رغم شهاداته العليا التى لا تعترف بها يا وطنى، يا من غيبت العدل وحكمت فينا لصوص وجهلة لا يفقهون غير الحل الأمنى، على الجميع أن يقف وينظر فى تلك الكلمات ليرى كيف الوطن ضيع سيادته وحول شباب فى سن الأمل والعطاء إلى أداة مفخخه إلى شباب يكره الحياة ويقبل على الموت لعل يجد فى الموت رحمة من تشرده وضياع مستقبله، فننظر كيف حولنا طاقات وابداعات إلى حزام ناسف يقتل أبرياء بذنب دولة يحكمها الغباء، يحكمها السلاح والرصاصة، فأقصى وأفضل الحلول هو الحل الأمنى، يأتى العيب على الدين وكلهم عيوب، وهم من صنعوا المسمى بأفعالهم وظلمهم، فالدين الإسلامى برىء منكم ومن كل من يقتل نفس بغير حق، ويقتل ذمى فهو خصيمه النبي يوم القيامة فهذا الدين أذا أردت أن تعرفه.
العفن فى فكر من يحكموا والفكر الفاسد والضال يصنعه المأجورون من الأعلام، فاليهود والمسيحيون عاشوا كل معانى العدالة والتسامح ووصلوا لأعلى المناصب وتقربوا من الحكام مكانة ومكان فى ظل الدولة الإسلامية ، فالعيب ليس فى المنهج العيب من يظلم ويقتل الرأى والفكر، ويأتى بفشله وظلمه ويضعه فى الدين فالدين برىء من يقتل ويظلم أو يدمرأو يمنع صوت حق أو يحرق جثث أو يقف فى طريق عدل وتقدم من أجل طموح شخصى، فهنا سيادة دولة متعلمة عادلة تؤدى إلى نهضة ورقى وتقدم، وسيادة دولة ظالمة جاهلة تؤدى إلى إرهاب بل تصنعها بأيديها حتى تظل تحكم، فالدين برىء وانتم الجناة الحقيقيين.
الوسومعبد اللطيف مشرف
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …