محمد السيد طبق
ترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، أي نحو عام (2700 ق.م)، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية ويحتفل به الشعب المصري حتي الآن.
وإن كان بعض المؤرخين يرون أن بداية الاحتفال به ترجع إلى عصر ما قبل الأسرات، ويعتقدون أن الاحتفال بهذا العيد كان معروفًا في مدينة هليوبوليس “أون”. وترجع تسمية “شم النسيم” بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية “شمو”، وهي كلمة مصرية قديمة لها صورتان:
وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.
وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة “النسيم” لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار، وقت حلول الشمس في برج الحمل. فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم – قبل الغروب –؛ ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم.
وفي تلك اللحظة يحدث شيء عجيب، حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.
وما زالت هذه الظاهرة العجيبة تحدث مع مقدم الربيع في الحادي والعشرين من مارس كل عام، في الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساءً، نتيجة سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة الجنوبية للهرم، فتكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثي الواجهة الذين يتبادلان الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران.
وقد توصل العالم الفلكي والرياضي البريطاني “بركتور” إلى رصد هذه الظاهرة، وتمكن من تصوير لحظة انشطار واجهة الهرم في عام 1920م، كما استطاع العالم الفرنسي “أندريه بوشان” – في عام 1934م – تسجيل تلك الظاهرة المثيرة باستخدام الأشعة تحت الحمراء. اهتم المصريون منذ القدم بعيد شم النسيم اهتمام خاص جدا حتى التاريخ المعاصر.