بقلم المحامي نوري إيشوع
النفاق والكيل بمكيالين لدولةٍ يرتفع فوق أراضيها أكبر تمثال للحرية! وهي أكبر دولة تُصّدر القتل إنما حلتْ، دولة،
تفضحها سياساتها، الداخلية منها والخارجية.
دولة عظمى، كالولايات المتحدة الأمريكية، تنادي بالحرية وتتغنى بتمثالها
وتريد نشر الديمقراطية في دول العالم وهي التي غزت وأفرغت ألاف الأطنان من أسلحتها الفتاكة
على أراضي تلك الدول، فدمرت بناها التحتية وقتلت الآلاف من أبناؤها تحت شعارها المزيف.
دولة تستحق بجدارة حمل إسم عالم اليوم، عالم، عدوه اللدود، الأمن والأمان, كابوسه المرعب العدالة والمساواة
صانعة تمثال الحرية الأصم، تقشعر أبدانها، من الأستقرار والتعايش السلمي تحت خيمة الوطن على إختلاف العقيدة
واللون والجنس والعرق! تدك مضاجعها الوحدة والتضامن، يقوض أركانها، أزيز أسلحتها المزعجة، التي لم يعد
تحتمل تخزينها في ملاجئ مغلقة وهي بشوقٍ، لإطلاق سراحها لتثبت للعالم مدى فعاليتها التدميرية، أسلحتها التي
تطلقها لخرق الصدور وتدمير الدول وقتل الشعوب.
دولة تعشق الظلم والإضطهاد وتحمي ممارسيه، ترعى الإرهاب وتحارب به دول آمنة، كما يحصل في إفغانستان
وليبيا وسوريا والعراق، التي فتحت معسكرات الموت فوق أراضي دول كانت بالإمس القريب مثالاً للآستقرار،
لتدريب مئات الآلاف من المرتزقة من مختلف الجنسيات وإرسالهم الى سوريا، لنشر الموت والفوضى بين مواطنيها
وسرقة البسمة عن أفواه أطفالها وقتل شعبها الآمن!
دولة عظمى، أمريكا، دولة الحرية الإسمية، تقمع على أراضيها المظاهرات السلمية ضد البطالة وتشد الخناق على
الأحرار في العالم، أسقطت أنظمة, كنظام حسني مبارك في مصر, وقلدت السلفيين والمتطرفيين زمام السلطة، فزاد
عدد الفتيات القبطيات المخطوفات وزادت محاولات الإعتداء على المقدسات الدينية للأقباط، ناهيكم عن الأتجاه نحو
إعلانها دولة إسلامية, أحكامها الشريعة الإسلامية, بقطع يد السارق، و تكون المرأة وسيلة لإشباع حاجة الرجل
وتربية الاولاد والخدمة البيتية وكان آخر نتائج هذه الديمقراطية, قيام أحد أعضاء البرلمان برفع الآذان أثناء
الجلسة!
نتيجة هذه السياسة العدوانية التي تمارسها أمريكا، فقد العالم الأمل في الحياة المستقرة، فقدنا كبشر الأحساس بالعلاقة الإنسانية التي من المفروض ان تجمعنا، حتى أوروبا بلاد الحرية كما كانت تدعى (القارة العجوز)، خلعت هذا الثوب الطاهر وجرفها تيار إمريكا الى القتل وإتباع سياسة اللاعدالة، سياسة اللامساوة، سياسة تجويع الشعوب وتجريب آلاتها الحربية على الأبرياء العزل.
إن الذي يثير الدهشة والإستغراب، ظهور بعض أعضاء ما يسمون أنفسهم بمجلس إسطنبول على شاشات التلفزة ومن على منابر دول، تاريخها أسود في العدوانية والخيانة، دول باعت نفسها لأعداء الإنسانية، هولاء الأعضاء يتغنون بنشر الديمقراطية وإطلاق الحريات. أقول لهم : من هي الدولة التي سوف تكون مثالكم الأسمى بنشر الديمقراطية والحرية في سورية؟
هل هي إمريكا، دولة الديمقراطية والحريات؟ وهي التي قسمت العالم الى معسكرات ودمرت بلدان وشتت شعوب وقتلت آلاف الألأبرياء, أم هي تركيا، وريثة الدولة العثمانية؟ التي أرتكبت أكبر مجزرة في التاريخ بقتل ملايين الأرمن ومئات الآلاف من السريان و المسيحيين أبان الحرب العالمية الأولى (الفرمان) لا لجرائم أرتكبوها بل إنهم لم يؤمنوا بما كان يؤمن به المارد العثماني، تركيا التي حكمتكم أربعمائة وخمسة وعشرين سنة (أربعة قرون و ربع القرن) وأعدمت آلاف من الثوار بوضعهم على الخازوق, تركيا التي تستولي حتى تاريخ هذه الساعة على أراضي ومقدسات غيرالمسلمين وتمارس بحقهم أفظع جرائم التفرقة الدينية والعنصرية، تركيا التي لا تحرك ساكنا وهي ترى بأم عينها تعديات الكيان الإسرائيلي على الأقصى ومحاولاته تهويد القدس، تركيا التي تربطها علاقة قوية جداُ ومعاهدات عسكرية مع هذا المحتل.
أم ديمقراطية السعودية، التي تمنع ممارسة غير المسلمين لشعائرهم الدينية, السعودية التي تحكم بالموت على كل من لا يعلن الولاء للسلطة الحاكمة, السعودية التي تجبر الناس بالعصا للذهاب الى الصلاة، السعودية التي أعلنت تسليحكم لقتلِ أخوة لكم وتدمير وطنكم، السعودية، الدولة الوحيدة في العالم التي تنفذ حكم الإعدام بقطع الرأس بالسيف بعد صلاة الجمعة وفي الشارع العام أمام المارة! أم قطر، التي فتحت شواطئها لآلة الحرب الأمريكية، قطر التي منها إنطلق الطيران الأمريكي بشن حربه على العراق وأغرقته بآلاف الأطنان من قنابل الموت، هل تتوقعون من الذي غدر بوالده أن يكون ديمقراطياً و وفياً لكم؟
الى متى تحتفظون بغشاوة الغباء والخيانة على عيونكم؟ الى متى تبقى بصائركم عمياء وبصيرتكم تعلوها غيمة الديمقراطية المزيفة والحرية التمثالية المحرفة؟ فإذا كان هؤلاء مثلكم الأعلى وكانت تلك ديمقراطيتكم وحريتكم؟ فخذوها وانعموا بثمارها التي تفوح منها رائحة الموت وأتركوا لنا ديمقراطيتنا وحريتنا على علاتها!
تمثالكم عرته رياح الكذب والنفاق والتآمر، فظهرت كل عوراته ولن يسترهٌ كل قماش العالم.
في 07/03/2017