الجمعة , نوفمبر 22 2024

ماجدة سيدهم تكتب : ” سعفات المدينة المتآكلة “

مر من هنا ياسيد.. فلا زالت الطرق لدينا غير مدونة في قائمة التعريف ..

مر من هنا ياسيد .. الأطفال يقفون حفاة بعدما خلت أصابعهم من الإشارة ..مختزل الضحك عن الشفاة ..والأيدي عارية من التصفيق ..

مر من هنا ياسيد ..حيث الشجرات لاتعرف أي ثمر يجب أن يبشر المواسم بالمجيء .. والنخلات ارتفعت حتى وصلت إلى رأسها ولم تجد ظلا أو حلوا في العراجين ..

النخلات المستقيمة لا تثير روح الرسامين بخدش اللون في وهم الاستقامة ..لذا يميلونها فوق حكايا البيوت ..يحركونها تلثم ثغر النهر .. بينما تطيع بخجل أمسيات القمر الفاهم والمشرف من أعلى عن كيف يحيك من الضوء ملحمة عدل رغم عتمة الأحراش ..

مر من هنا ياسيد ..اطرق البوابات ..فهنا لايوجد غناء .. والعاصفة تمرح بملابسنا المتهرئة .. وما تبقى معلقا بأجسادنا لازال ينمو فوق أوردة مولعة بالدفق والقدوم السعيد ..

مر من هنا ياسيد ..ف سامريات الظهيرة تكسرت جرار أحلامهن خوفا ..وتبعثر في المضاجع جوع المجدليات عشقا للتقدير ..شغل الطاعون موائد الولاة وطبول الحرب تلهو باللحم الأخضر .. فيما راح الكهنة ينصبون في الزوايا فخاخ الخرافة والنبوءات المجعدة من عتمة الضمير …..

مر من هنا ياسيد ..فالمدينة التى نقطنها مطعون خصرها بالجذام ..كتبها ..موسيقاتها .. مسارحها ..شعائرها.. أخبارها ..حكامها .. أنبياؤها ..لصوصها .. شرفها .. ..العنب رديء هذا الموسم والخمر مغشوش على بطاقات مزيفة بالاستقامة .. ..

مر من هنا ياسيد ..فقد سرقنا السعفات رغم عيون الرقباء المحشوة بالتلصص والعمى..نصنع صعودا من آبار الموت الجاف كي نملك حصتنا في كل الوميض.. ..

.نحن وحدنا بسطاء الحي.. رغم تآكل النهار وضمور أطراف القصيدة لازلنا نحلم ..لازلنا نجدل اليقين ضفائر من أوتار وضحك وتلويحات .. تتنافس بالصياح ..تشير إليك «من هنا ياسيد ..من هنا الطريق إلينا ..»

اضحك ياسيد.. ففي المدن المنتحرة نجيد زراعة التطلع والرقص وأيضا عناق زيتونات المسرة لسعف النخيل .. مختوم بكفوفنا إسمك ..وبأوجاع الاختناق منقوش وجهك اليقيني ..فنحن المطوبون رغم التآكل .ماعاد يرهبنا الفناء ..ببساطة لأننا الحياة

هكذا سعفات المدن التعبى تشير لجموع الأرصفة من أين يسلك السؤال الحائر الطريق إلى أورشليم ..!

شاهد أيضاً

جورج البهجوري بنكهة وطن !!

بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي فنان تشكيلي كبير عاصر كل نجوم الثقافة العربية محيطا وخليجا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.