بقلم شحات عثمان كاتب وَمُحَامْ
ما أروعك وما أجمل أفعالك وتصرفاتك حتى وإن كانت خطئاً فهى عَينُ الصَوابْ وشخبطة سعادتك رسم لدفاتر مُستقبلنا وأحلامنا.
كلمات كثيرة تصنع من الأمر المألوف شيئا خارقاً لنواميس الكون ومن المُعدم سُلطان ومن الراعى إله يُعبدْ وله نَسْجُد ونرجع ونحفد.
التَملُقْ مُصطلح ليس شاذاً فى كل حياتنا وفى كل المجتمعات الشرقية والغربية وظهر منذ قديم الأزل فقد كان مدح السادة والسلاطين والخلفاء والحكام مُنذُ فجر التاريخ البشري .
وبقدر التملق تكون العطايا والوصول الى المراتب العليا والحظوة والوصول الى مصاف الطبقات البشرية فى الحقب التاريخية المختلفة.
ربما لفظ التملق تم تحسينه وتزيينه وتطويرة مثل بقية الالفاظ التى جعلت من الرشوة هدية ومن الإسفاف الى فـن وحرية إبداع ومن السحر الى خفة اليد والبراعة ، فقد أصبح هو أيضا له مصطلحات مثل الإتيكيت والمجاملة والرقى فى التعامل والكثير الكثير من المصطلحات التى جعلت التملق ميزة بشرية يكافئ بها صاحبها .
يثور فى النفس أحيانا التفكير فى طبيعة التملق وعما اذا كان سلوكاً بشرياً مُكتسباً بحكم الخبرات الحياتية والإحتكاك بفئات بشرية معينة أم هو جينات وراثية تنتقل عبر السلالات البشرية فى الدورات الحياتية المختلفة، وهو أمر مُحير بالفعل لكن بالرجوع الى طبيعة المجتمعات نجد إنه سلوك متوارث جيلا بعد جيل يغذية وينميه المجتمع المحيط فقد تعودت الألسن على التملق والتسبيح بحمد تلك الفئات ليل نهار بغية الحصول على المنفعة الدنيوية .
هناك فارق كبير بين الإحترام وإعطاء كل ذى حقاً حقه فى القول والفعل وبين تزيين الأفعال الخاطئة وجعلها صوابا بغرض الحصول على المنافع الشخصية وهنا علينا بالرجوع الى بعض المبادئ الأساسية فى الشرائع السماوية المختلفة التى حرصت على عدم ألتمادى فى تزيين الأفعال السيئة فقد قيل إن الدين النصيحة وقيل إيضاً أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً وذلك بكف الظلم لا تزيينه وأستمرارة وجميعنا نتذكر الفاروق عمر عندما قام بتعيين أحد الأشخاص ليقوم بفعل يتقاضي عليه أجر فما هو هذا الفعل ؟
التهليل والتطبيل والنفخ وصنع الهالة والتسويق الأعلامى، لا والله ما كان لهذا ولا لذاك بل كان التعيين لتذكيرة بالله إن شغلته الحياة وأمورها .
وليس الأمر بالبعيد عندما نتذكر فضيلة الشيخ المغفور له بإذن الله تعالى محمد متولى الشعراوي الذى رأى فى نفسه يوماً عجباً عندما قام أشخاص بحمل سيارته وهو جالساً فيها فما كان منه الإ ان يطلب من سائقه التوقف عند أحد المساجد ويترجل من سيارته ليقوم بتنظيف المراحيض .
هؤلاء اُناس عرفوا أن الدنيا زائلة والتملق فيهم لن يأتى بالخير فأبتعدوا عنه وضربوا لنا المثال فى فن التعامل عند التلاهى والعجب بالنفس من أفعال السحرة والإعلاميين .
من منكم لم يشاهد التغييرات التى حدثت فى شتي البقاع فى الكرة الأرضية وكيف كان هناك أشخص تخنع لهم الرقاب وتخضع لهم الأجساد وتركع لهم الحواس وأصبح مصيرهم السجون وتم الدوس على صورهم بالإقدام بعد أن كانت ذرات تراب الأقدام يتم التمسح بها كالأولياء والصالحين.
كلمة الحق فى وجه سلطان جائر هى أحد الفئات التى تجعل صاحبها تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله من دنو الشمس من الرؤوس ، وكلمة الحق لا تعنى النفاق والتزيين للسئ والمنبوذ ورغم ذلك طاعة ولى الأمر فى غير معصية فرض عين كل شخص يثاب فاعلها ويؤثم تاركها .
فلنعطى الناس حقوقهم ونبذل النصح والإرشاد السليم بعيداً عن الأهواء والنزعات الشخصية فهذا لا يعد تملقاً منبوذا تأنفة الطبيعة البشرية السليمة مثلما يحدث فى الإعلام من تطبيل وتهليل فى كل شاردة وواردة .
والمنصب القيادى يخسر أكثر مما يكسب بإولئك المتملقين فهم يحجبون ضوء الشمس ويحجبون أيضا واقع تم الزج به تحت أقدام منافعهم الشخصية ويجعله راجعاً لرب البرية وهو فى حالة غيبوبة عن واقع تم تزيينه بفعل ساحر أفاك أثيم .
المداهنة أو التملق فى اللفظ والتعبير سلاح ذو حدين قد يكون له فوائد وقتيه تتمثل فى الترقى والترفع والوصول الى مراتب الصفوة ولكن من أضراراها انها سرعان ما تزول عند ضياع الغاية والهدف والمصلحة بتغيير الشخص المُتَمَلَقُ فيه ولا ؤيب فى ذلك فتلك سنة الحياة البشرية فلا كراسي ولا مناصب دائمة ولا أشخاص مُخَلّدِين وختاما ليت قومي يعلمون أن البقاء لله ودوام الحال دوما من المُحال .