الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
حنان ساويرس

هذا من استحق أن يكون المسيح مسيحه !!

بقلم الكاتبة / حنان بديع ساويرس
على خلفية ما صرح به أحد الأباء الكهنة بميت غمر في محاولة منه إقصاء شعب كنيسته عن الذهاب لكنائس البروتستانت وحرمان من يحضر إجتماعاتهم من التناول .. وختم كلامه .. مسيحنا غير مسيحهم وإيماننا غير إيمانهم !!!
فبالصدفة أو ربما يكون ترتيب إلهى أننى شاهدت الفيلم الأمريكي الحربى Hacksaw Ridge

“هاكسو ريدج ” وهو من إخراج ميل جيبسون إنتاج عام 2016 فقد شاهدت الفيلم في نفس توقيت

إنتشار فيديو الأب الكاهن والذى كان حديث الساعة 

وقصة الفيلم مأخوذة عن قصة حقيقية لجندى أمريكى يُدعى desmond Doss “ديزموند دوس”

ولد بولاية فيرجينيا في 17 يناير 1919 ، وتوفى 23 مارس عام 2006 عن عمر يناهز 87 عام 

وقعت أحداثها أثناء الحرب العالمية الثانية بعد أن إنضمت الولايات المتحدة الأمريكية للحرب

وفى عام 1942 تطوع الأمريكي دوس لجبهة القتال بالجيش الأمريكي وهو من طائفة السبتيين ” الأدفنتست “

وهم طائفة بروتستانتية مُتطوعاً كمُسعف لينقذ الجنود المُصابين قدر إستطاعته أي كعمل خيرى وليس كمُقاتل !!

وبدأ التدريبات بالفعل في كتيبته وأتى اليوم الذى وجب عليه أن يتسلم سلاحه

ولكنه رفض أن يتسلمه !! وبدأ رؤسائه في مُناقشته لماذا يرفض حمل سلاحه ، فقال لهم أننى تطوعت

للجيش برغبتى كى أسعف المُصابين وليس لأقتل نفوس فأنا أتمسك بوصية الرب الذى قال ” لا تقتل ”

فبدأ قائد كتيبته في إضطهاده ومُعاقبة الكتيبة بأكملها بسببه مما أدى إلى هجوم زملائه في الكتيبة عليه

وإنتهاره وتعييره بالجُبن تارة وضربه ضرب مُبرح تارة !!

وبعدها قاموا بمُحاكمته عسكرياً الى أن كان الحكم في النهاية لصالحه بأن يعمل في الحرب كمُسعف

وليس كمُقاتل ، وفى عام 1944 بُعثت كتيبته لساحة الحرب في معركة جوام وشارك فيها دوس كمُسعف

دون أن يحمل سلاح ، فكان سلاحه هو إنجيله الذى لم يكن يحمل سواه بل لم يفارقه لحظة واحدة

أصيب خلال المَعَارك ثلاث مرات، دافع فيها عن زملائه المُحاربين بكل شجاعة وإخلاص 

وفى عام 1945 شارك في معركة أوكيناوا وخلالها حاولت كتيبته إحتلال الجزيرة التي سُميت

” مُرتفع المنشار ” وبعد أن تسلقوا المُرتفع واجهوا القوات اليابانية العنيفة

فأصيب عدد كبير من جنود الكتيبة بإصابات بالغة حيث تفرقوا في أنحاء الجزيرة خلال أيام معدودة

ورغم تقهقر وإنسحاب الجنود الأصحاء إلى موقع كتيبتهم وإنقطاع الغطاء النارى عنه إلا أنه بإصراره

وإيمانه أستطاع أن ينقذ من المُصابين 75 جندي بعد إسعافهم وإخراجهم من الجزيرة إلى كتيبتهم

فكان طوال الليل يُخاطر بحياته لإنقاذهم لعدة أيام

بل الأدهى أنه أنقذ عدد من الجنود اليابانيين بعد أن قام بإسعافهم .. وكان يُحدث الله

ويقول له كما جاء على لسانه شخصياً في حوار له كنت أنقذ جندى

وأقول يارب ساعدنى أن أنقذ واحد آخر وبعد أن أنقذه أكرر رجائى إلى الله مرة آخرى إلى أن إستَطَعت

إنقاذ واحد تلو الآخر إلى أن وصل عددهم 75 جندي .. فقد تعرض “دوس” للموت المُحقق

أكثر من مرة لكن كان الله سنداً جباراً له ، فأنقذه كل مرة من الموت بأعجوبة وكم ظهرت عناية الله لدوس

ولم تتخلى عنه قط .. فحقاً كان رجل الله فلم يخذله الله .

شجاعته لم يكن لها مثيل وهو من وُصِمَ بالجُبن عندما علموا برفضه حَمل السلاح .. لا لم تكن شجاعة

بل كان إيمان .. بل كان حب لله وللبشر .. بل كان إصرار على حفظ الوصية

وتنفيذها دون الخوف من الموت ومخاطر ما قبل الموت ، وهو الذى تطوع في الجيش بمَحض إرادته

لينقذ نفوس من الموت لا ليقتل نفوس خلقها الله

تعرض للموت والإصابة عدة مرات وهو أعزل دون سلاح يدافع به عن نفسه إيماناً منه أن الذى نهاه

عن قتل إنسان قادر أن يحرسه ويحميه ويعينه في إسعاف الجنود سواء من جيشه الأمريكى

أو من جيش العدو اليابانى !!

فهل هذا الرجل البروتستانتى لا يستحق لقب قديس بجدارة ؟!!
فهل هذا الرجل البروتستانتى مسيحه غير مسيحنا الأرثوذكسى ؟!!
تكريما لعمله الكبير توج بجائزة الشرف على يد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية هارى

ترومن في أكتوبر 1945 … فالرجل توج في الأرض من البشر فما بالنا بتتويجه السمائى !! .. فألا يستحق؟!!

فأرى أن هذا الرجل المُسالم هو من أستحق أن يكون المسيح مسيحه .. فهو من عرف من هو المسيح

حقاً دون تعصب .. فهو من أسعف العدو قبل الصديق ونفذ الوصية الصعبة علينا جميعاً الا

وهى كما قالها السيد المسيح ” أحبوا أعداءكم .. باركوا لاعينكم .. صلوا إلى مبغضيكم .. الرجل لم يَكتفِ بمحبة العدو فحسب

وهو الذى كان من حقه قتل العدو دفاعاً عن النفس لأنه ببساطة في حرب ، في ساحة قتال

وكل شيء مُباح في الحرب ، فإن لم يَقتِل عدوه فَسَيَقُتله عدوه .. لكنه بذل نفسه من أجل العدو قبل الصديق 

لكن الطامة الكبرى أننا لسنا في ساحة حرب أو في حالة دفاع عن النفس ويخرج علينا رجل دين مُعلناً

أن مسيح الطائفة الأرثوذكسية غير مسيح الطائفة البروتستانتية ؟!!

وبالمناسبة أنا أرثوذكسية صميمة ودرست بالكلية الإكليريكية ودرست مادة اللاهوت المقارن على يد قداسة البابا شنودة الثالث .

آخيراً .. سؤال أطرحه عليكم .. ما تصوركم لمكانة هذا الرجل الآن عند المسيح

فهل هذا الرجل الذى ينتمى لطائفة السبتيين التابعة للبروتستانت ذهب للسماء أم ذهب للجحيم

لأنه بروتستانتى؟!! فإن كان ذهب إلى الجحيم لأجل طائفته بعد كل ما فعل من خير غير عادى

وتمسكه بالوصية .. وبالطبع مستحيل أن يتخلى الله عنه لأن هذا ضد عدل الله

وحاشا أن يكون الله غير عادل فيلقى به بجهنم رغم كل ما فعله لمجرد أنه ينتمى لطائفة البروتستانت 

غير مُبالِ بالمخاطر والإصابات والرعب وهو الذى كان يستطيع أن ينقذ نفسه

ويهرب مع من هربوا من الجنود الغير مصابين ولكنه فضل الموت أعزل حتى ينقذ نفوس من الهلاك

فربما بسببه مد الله في أعمارهم حتى ينالوا فرصة للتوبة أي أنقذهم من الموت مرتين

الموت الأرضى والموت الأبدى … وما تصوركم على سبيل المثال لأرثوذكسى لا يصنع رحمة

ويرتكب المعاصى والخطايا

فهل هذا هو من سيذهب الفردوس لأن كل مؤهلاته أنه أرثوذكسى ؟!!

هل هذا يعقل أن مسيحنا الواحد نقسمه حسبما يحلو لنا وحسب تطلعاتنا .. هل نمزق جسد المسيح

هل المسيح يرضيه هذا الكلام الساذج .. هل المسيح هو إله لطائفة بعينها دون غيرها

هل المسيح العادل سيهلك هذا الرجل البروتستانتى الذى صار حسب الوصية حباً في المسيح

ويكتشف بعد ذلك أنه مرفوض من المسيح لأنه فقط بروتستانتى ..

هل يعقل ما وصلنا له من تعصب نشكو منه الآخر عندما نعانى من تعصبه ضدنا فنتعصب

نحن ضد بعضنا البعض .. فالمسيح مسيح لمن يعرفه وينفذ وصاياه في مخافة وإتضاع دون كبرياء وتعالى 

ألم يقل السيد المسيح ليوحنا عندما قال له

يا معلِّم رأينا واحدًا يُخرج الشيَّاطين باسمك،
فمنعناه لأنه ليس يتبعنا.
فقال له يسوع: لا تمنعوه،
لأن من ليس علينا فهو معنا …
فالمسيح مسيح المحبة والسلام والعطاء .. مسيح الإنسان الذى يفعل ما مشيئته

فليس لنا سوى مسيح واحد … مسيحنا إله الكل … يحب الجميع ومن يستحقه هو كل صانع سلام

كما صنع هو وليس كل من يصنع الفُرقة .. من يستحقه أن يكون المسيح مسيحه

كل من يجول يصنع خيراً كما كان يفعل هو.. من يستحقه هو كل من يهدأ ولا يعلو صوته بإهانات

وجرح مشاعر الآخر ليربح النفوس كسيده الذى جاء من أجل جميع الأمم وكيف كان يعامل السامريين

فإن رابح النفوس حكيم ..

من يستحقه لابد أن يكون وديعاً مُتعقلاً مثله والذى قال عنه الكتاب “لا يصيح ولا يصرخ

ولا يسمع أحد في الشوارع صوته ، قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مُدخنة لا يُطفئ .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.