بقلم: عبداللطيف مشرف
الأم هي مصدر الأمان، الأم الفرحة التي تبقى في داخل القلب مشتعله عند رؤيتها بعد غياب، الأم كلمة لها معنى كبير، ولا يشعر بها ألا من افتقد هذه النعمة، الأم هي رفقة العمر الحقيقية من المهد إلي اللحد، الأم من تحزن وتبكى بكل صدق من أجل حزن وهم أبنائها، هي الحلم والدافع الصادق لجميع أولادها، هي النصيحة التي تخرج بأخلاص من أجل أن ترى نجاح أبنائها، لكى تفرح فرحة لا تساويها الدنيا وما فيها، ولكن الأم لا تحتاج إلى عيد فحقها مهما فعل الإنسان لا يساوى ألم حمل وولادة، لا يساوى دموع عند مرض، لا يساوى قلب يحترق عند الغياب، فكل يوم للأم عيد، وبرهم موصول في كل الأيام لا بيوم بعينه، ولكن يبقى السؤال، كيف يمر العيد الأن على أمهات مصر…………؟
يمر العيد على أمهات مصر بلون حزين ويوم مرير، وقلب يحترق، وعيون الدموع لها رفيقة درب، يمر العيد على الأمهات في وطن ينزف ألم، ما بين أم فقدت ولدها تحت التراب، وما بين أم ترى أبنها قعيد أو فاقد عيونه أو قدمه أو ساقه من أثر رصاصة غادرة، وأم تنتظر على باب السجن من أجل أن ترى ولده المعتقل حتى ولو مدة خمسة دقائق حتى تروى عطش الحنين إليه وتضم يده، وأم تنعى أبنها الشهيد أو أبنتها. أصبح الألم والجرح في كل شبر فيك يا وطن،الجميع يعرف من الجانى ولكن الكل صامت، لأنه لا يقدر على المواجهة، ولا يمتلك غير الدعاء وهو أقوى أمام فئة تمتلك تلك الرصاصة والسهم الذي أصاب قلوب الأمهات.
وإن لم تكن الأمهات ممن فقدوا أولادهم أو ممن تزورهم في معتقلهم، أو ممن تنظر إلى كسرات وحسرات ابنها القعيد وفقده ذاته ومستقبله من أجل أن يرى وطن بطعم العزة والكرامة له ولأبنه وأحفاده، أصبح هو الضحية لطموحه ونيته الصادقة، ودموع أمه الخفيه تقتله من داخله، فهناك أمهات يقتلها الفقر والحاجة، من تسمع صريخ أولادها من الجوع، من تسمع أمنيات الصغار بأن ترى الفراخ واللحم، ما بين أم تشق الجلباب من ضيق العيش، ما بين أم تتطالب بمأوى لأن الرصيف يأويها هي والصغار.
وطن كسر الأمومة مبكراً، وطن أصبح عيد الأم به دموع في العين وحسرات في القلب وأمنيات أمهات أن ترى أبنها الشهيد ولو لحظة من أجل أن تقبله لأنها لم ترى جثته، ما بين أمنيات أمهات تتمني أن تجلس مع أبنها ولو ساعة خارج معتقله وتحضنه حضن الأمان، ما بين أمنيات أمهات أن ترى مأوى ولو غرفة تأويهم بدل من أن يكون البرد والرصيف مأوهم، ما بين أمنيات أمهات أن تلبى نداء الصغار بأن يأكلوا فراخ أو لحم، هكذا أعياد أمهات مصر في ظل وطن قتل شبابه، في ظل وطن كتم صوت الحق، في ظل وطن رضا الفقر والغربة لأولاده……
اسئلوا أمهات أكثر من ألفين معتقل ومختفى قسرى من الشباب، اسئل أمهات الشباب اللى أرتوا أرض وطنى بدمهم، علشان قالوا أمانيهم أنى نفسى أكون أنسان، أسئلوا أمهات الشباب اللى بيحضروا كل أسبوع في محكمة شكل حتى يلمحوا أبنائهم أكبر وقت ممكن، سيجيب الجميع لا ننتظر عدالة الأرض بل في أنتظار عدالة السماء.
كانت عدالة السماء أن الجميع يأن من الجوع والفقر، بأن الجميع يذوق حسرات أمهات تدعى ليل نهار على الظالم، فكانت عدالة السماء انهيار الأقتصاد رغم ما يملكونه من سلطة ومساعدات، فكانت عدالة السماء أن يصبح الفشل رفيق رغم كل ما يملكونه من سلطات، فكانت عدالة السماء أن تنهار العملة وبأيديهم، فكانت عدالة السماء أن من نزل يرقص من الفقراء والأغنياء أمام اللجان، هو من يشق الجلباب على ضيق عيشه، وعدم قدرته على توفير قوت يومه له ولأولاده، فماذا دعوتوا أمهات الضعفاء، يليت اعلم ما بينكم وبين الله، حتى يجعل الله الوطن قطعة من القماش الدائب الذي يسهل تمزقه بكل سهولة.
اسئلوا أم عبد البصير عبد الرؤوف طالب الهندسة بالأكاديمية البحرية كيف العيد وأنت تنظر إليه بالبدلة الحمراء وأنت لاتدرى لماذا هذا مصيره؟ وماذا فعل من أجل أن ترى في حياتك هذا المنظر، اسئلوا أم أحمد حسن طالب حقوق عين شمس كيف تمر السنين بدون أحمد ولم يعاقب من قتله إلي الأن، اسئلوا أولاد شيرين بخيت الأم المعتقلة لماذا تصرخون ليل نهار، ما هي الحياة وانتم صغار بدونها، اسئلوا والدة صهيب عبد الكريم ما الذي تشعر به عندما ترى صورته كيف يكون العيد، اسئلوا والدة كريم حمدى ضحية قسم المطرية وهو المحامى كيف ترى العيد وابنك تحت التراب والجناة أحرار؟ ، اسئلوا والدة لطفى إبراهيم ابن محافظة كفر الشيخ كيف العيد؟ ، اسئلو أم الخطيب وهو الميت الحى كيف ترى العيد وابنك يموت ببطىء أمام عيونك في سجن؟ ، اسئلوا أم أحمد صبحى المعتقل وهو الصغير كيف العيد وانت داخل المحاكم؟ .
هل تريد يا وطن المزيد من الضحايا؟ فأننا لو سردنا لنحتاج الأف من الصفحات كي أذكرك بأولادك الذين أصبحوا تحت التراب، أو ممن يموتوا في سجونك، أو ممن فقدوا مستقبلهم وذاتهم، وممن فقدوا كرامتهم، ليه يا وطن أصبحت فيك الأم اللى أجمل بسمة ورسمة في الحياة، أصبحت أنت اللى كسرها ومخلى دمعتها ليل نهار على خدها، ليه خليتها تدعى عليك، بدل ما تدعيلك بنية خالصة، ليه خلية الجرح بيمشى بجوارى وأصبح رفيقى في شوارعك، ليه خليت الفقر صديقى في كل قرى ونجع وبيت، ليه حولت عيد الأم لسرادقات أحزان، مش كفاية يا وطن جرح وألم وفرقة وظلم، دا الكل بيحبك بس للأسف عصابة بتحكمك.
كان نفسنا نقولك كل سنة وأنت طيبه بس مش قادرين لأن الجرح سكن خلاص جوانا ومنتظرين بريق أمل حتى ولو لحظات وسيأتى ونحن في أنتظار عدالة وحق يعود عما قريب، عدالة تشفى قلوب جميع الأمهات.
الوسومعبداللطيف مشرف
شاهد أيضاً
خالد المزلقاني يكتب : أوكرانيا وضرب العمق الروسي ..!
مبدئيا أوكرانيا لا يمكنها ضرب العمق الروسي بدون مشاركة أوروبية من حلف الناتو وإذا استمر …