الجمعة , ديسمبر 20 2024
الكنيسة القبطية
احد الأساقفة

يسوع الذى لا نعرفه (5) .

بقلم : مايكل عزيز البشموري
الجزء الخامس : كهنة البعل
– المطران : كهنة البعل .. وهم رجال الأكليروس الذين لقوا حتفهم على أيدي الخطية ، فدنسوا مذبحك بزناهم …

– يسوع : الجميع زَاغُوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله والخطية معظم قتلاها من الأقوياء .

سحب المطران نفساً آخر من سيجارته و أجاب : نعم ، ولكن ماذا تقول لإساقفتك المولعين بالخمر والنساء ؟

– يسوع : عليهم التوبة وطلب الغفران .

– المطران : لن يستطعوا .. لانهم بالحقيقة مجبرين على فعل ذلك !

– يسوع : وَمَن الذى أجبرهم على ذلك ؟!

– المطران : أطراف عديدة لديها مصلحة فى استمرار الوضع على ما هو عليه .

– يسوع : ومن المستفيد ؟

– المطران : نحن وهم !

– يسوع : أتقصد أنتم الفاسدين .. ( هز المطران رأسه بالموافقة ) وقال يسوع ومن تقصد بـ هم ؟

– المطران : حلفائنا بالسلطة الزمنية .

– يسوع : كيف حدث هذا ؟ ولماذا سمحتم بكل ذلك ؟

– المطران : حدث ذلك منذ زمن ليس ببعيد .. وفى حبرية قداسة البابا المعظم « الأسد المرقصى » .. سأروي لك يا يسوع عن سراً رهيب ، سر لم يعرفه أحد مطلقاً 

– يسوع بإستياء : أسرارك مريبة ورهيبة !

– المطران : هو سر يتعلق بإذعان الكنيسة للسلطة الزمنية ، من خلال تلقيها تهديدات

بفضح سهوات قادتها وإجبارها تغيير إراداتها نحو حقوق شعبها 

لقد نجحت الدولة الأمنية بالتنصت على رجالنا الفاسدين ، وقامت بتسجيل هفوات وساقطات البعض منا ، وإستخدام

تلك المواد المسجلة لإبتزاز قادة الكنيسة القبطية عندما تقتضي الحاجة لذلك .

– يسوع : وهل نجحت الدولة فى مرادها ؟

– المطران : نجحت نجاح منقطع النظير ، وبل وساندت الأساقفة الفاسدين ودعمت البعض منهم للوصول إلى مواقع حساسة داخل كنيستنا ، لينفذوا ما يُمليه عليهم القادة الأمنيين .

– يسوع : وماذا لو رفض أحد الكهنة تنفيذ تعليمات الأمن ؟!

– المطران : لن يستطيعوا فعل ذلك ، فهم ينفذون التعليمات بالإكراه حتى لا تفضحهم الجهات المختصة 

مثلما فعلت من قبل مع الراهب برسوم المحرقى الذى إستخدمت الدولة ملفه الفاسد ونشر فساده بوسائل الاعلام ، لترهيب رجال الكنيسة الذين يسيرون على نفس دربه المنحط .

– يسوع : وما قصة الراهب برسوم المحرقي ؟

– المطران : كان يدعى قبل الرهبنة بإسم « عادل سعدالله غبريال » وبعد الرهبنة حمل اسم “برسوم المحرقي“‏، وهو شخصٌ كان معروفٌ عنه بالذكاء الحاد والقدرة على إدارة الحوار في مجالات مختلفة.

وإلتحق بدير المحرق بأسيوط بعدما تخرج في كلية الهندسة ومكث بخدمة الدير لمدة 13 عاماً‏ ‏،‏ وأصبح راهباً معروفاً لدى رهبان الدير‏ بأنه متخصص في حل المشكلات العائلية‏.

وفي إحدى الأعوام بدأ الرهبان يقدمون ضده شكاوى متتالية بسبب تصرفاته الغير أخلاقية مع النساء

والفتيات الذين كُن يترددن على زيارة الدير‏، وهو أمر لا يليق بمكانة الرهبان المتبتلين 

وقد تمت مواجهته بكل ما أثير ضده من اتهامات وكانت اعترافاته تتلخص في عدم التزامه

بواجبه تجاه الرهبنة،‏ التي من أهم سماتها الطاعة والبتولية والفقر الاختياري 

وأنه بدلاً من أن يصبح سبباً في بركة وشفاء الكثيرين‏،‏ أصبح يجلب لهم المصاعب 

ومع مرور الوقت ازدادت الشكاوى ضد هذا الراهب بعد إكتشاف فضائحه الجنسية واستغلال رتبتة الدينية بإيقاعه وتغريره بالنساء

وإجبارهن على ممارسة الجنس معه .

– قام المطران بسحب نفساً عميقاً من سيجارته الكوبية الفاخرة ، ثم أطفائها فى المطفأة سريعاً ، وإستكمل حديثه عن نزوات الراهب الفاسد وقال :

« فى إحدى المرات دعاة زوج إحدى السيدات إلى منزله للتبرك به، وراح الراهب يتردد على منزل الأسرة وتوطدت العلاقة بينه وبين زوج السيدة تدريجياً، وبدأت زيارته تطول من عدة دقائق إلى ساعات ثم أيام، حتى إن زوج السيدة خصص له غرفة بالشقة ليقيم بها عندما يحل على الأسرة للزيارة

وقد ذاع صيت الراهب المخلوع في المنطقة، وأخذت السيدات يترددن عليه للحصول على البركة، وراح يُمارس هوايته الدنيئة ليعبث مع الفتيات والنساء ، ويُقال أنه مارس الجنس مع سبعون امرأة ، وفى ذات يوم، خرجت السيدة وزوجها لقضاء بعض الأمور وعندما عادا إلى منزلهما اكتشفا إختفاء 4.5 كيلو من الذهب من خزانة المنزل، حيث كان يمتلك الزوج محل مجوهرات

ولم يشك الزوجين للحظة واحدة في أن يكون الراهب المحروقي هو اللص الذي استولى على المجوهرات ، وبدأت الشكوك تتجه صوب اتجاهات أخرى ، كانت كلها بعيدة تماماً عن الراهب الداعر

وقد لجأ زوج السيدة الساذج إلى الراهب « برسوم » ليطلب منه مساعدته في كشف اللصوص واستعادة المجوهرات المسروقة منه ، خاصة وأن الرجل كان معروفاً عنه قدراته الروحية الخاصة .

وقد اغتنم الراهب الفرصة، فأوهم زوج السيدة أنه سوف يعيد له الذهب المسروق، وبدأ يمارس أعمالاً خدع بها السيدة وزوجها وجعلهما يثقان في قدراته، ثم بدأ في تنفيذ خطته للنيل من السيدة، حيث طلب من زوجها السفر إلى مدينة الإسكندرية لإلقاء قطعة من القماش في البحر، على ألا يعود إلى منزله إلا بعد أن يصرح له بذلك 

وفي غياب الزوج راح الراهب يتحرش بالسيدة ويحاول الإيقاع بها والنيل منها، وعندما نهرته ورفضت الاستجابة له، راح يمارس أعمال السحر الأسود على طفلها الصغير حتى شعرت الأم بمرض طفلها.

وتحت التهديد، أقام الراهب علاقة جنسية مع السيدة، قبل أن يتوعدها بالانتقام من الطفل إذا أبلغت زوجها بما بدر منه ، لم يكتفِ الراهب المشلوح بذلك وحسب ، بل راح يطارد السيدة في غياب زوجها وممارسة الجنس معها 

حتى فاض بها الكيل، فأخبرت زوجها بأن الراهب له أغراض دنيئة فيها وفي بنات العائلة خاصتهم ، فطرده الزوج من منزله .

وقد دعا الاسقف رئيس الدير المحرق إلى عقد مجمع من أساقفة رؤساء الأديرة السبعة للنظر في أمر هذا الراهب .

واستمر الاجتماع لمدة ثمان ساعات وانتهى بالموافقة الإجماعية على تجريد الراهب برسوم المحرقي من الكهنوت ورجوعه مرة أخرى إلى اسمه العلماني وهو عادل سعدالله غبريال وكذلك حرمانه من دخول الدير

ولو حتى للزيارة » .

 ارتجف يسوع فجأة بعد سماعه قصة الراهب الفاجر ، وبدأت تنزف يديه من موضع أثار جروحه بالمسامير ، وظهر

فى حاله إعياء شديدة ، وقد لاحظ المطران حالة الإعياء التى يُعانيها المسيح ، وكأنه يُصلب من جديد – هنا – صّرخ

المطران قائلاً : « يا إلهى .. يسوع ينزف » ، فأمر بجلب الأطباء والممرضين سريعاً لإيقاف نزيف يسوع السجين 

فدخل المسعفين يُداوون جروح المسيح .. قال المطران مؤنباً نفسه وهو ينظر نحو يسوع الساقط على الارض بشفقة :

« لماذا ذكرت قصة هذا الفاجر اللعين أمام المسيح ؟ إنه يُشعر بالآلآم الصلب عندما يعلم بهلاك الخطاة .. آآآه يا يسوع .. آآآآه يارب .. إنك لا تشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا ( قالها بتنهد ) …. ثم تسائل المطران فى نفسه :

« يا تُرى ماذا سيحدث ليسوع المسكين عندما يستمع لباقى فضائح أساقفته الساقطين ؟ »

هل يعلم بأن قصة الراهب الفاجر ما هي إلا مجرد « قرصة ودن » قامت بها الدولة لمساومة قادة الكنيسة حول حقوق شعبهم ، فى مقابل سكوت الدولة عن فضائح هؤلاء القادة .. كم انت مسكين يا يسوع ؟ 

لقد أخبرتك بأن لا تأتى لهذا العالم المليئ بالتفاهات والحقرات ، ولكنك لم تُصغى إلىَّ .. ابتسم المطران وعلّت علي وجهه نظرات من الحزن على يسوع المتآلم : أحقاً أتيت ليكون لهم غداً أفضل ؟! أحقاً جئت ليعيشوا بكرامة ؟!

ألا تعلم بأن هذا الشعب إذا عاش مكرماً فهذا يعني بأننا سنعيش مُحتقرين ، وإذا عاش هذا الشعب مُهاناً فسنعيش نحن مكرمين ومبسوطين ، فمَن ذَا الذى سيلتجأ إلينا إذا كان حراً كريماً ؟ من ذَا الذى سيركع تحت أقدامنا ويُقبل أيدينا الملطخة بدماء الأبرياء سوى المعدمين والفقراء من شعبك ؟ 

يا يسوع .. يا مخلصى .. مملكتك ليست من هذا العالم ، أما نحن فمملكتنا من هذا العالم ، ولن نمضي من العالم

إلا بعد التمتع بشهواته وملذاته .. فنحن هنا الأسياد ، وشعبك هم العبيد .. وبينما يتمتم المطران فى نفسه تلك العبارات نظر يسوع نحو عينيه مباشرتا .. جاءت نظرته إليه مثلما نظر لبطرس تلميذه الذى أنكره ثلاث مرات 

نظرة مليئة بالعتاب .. بالحزن .. بالحب .. بالآلم .. قال يسوع بكلمات متلعثمة حزينة : ماذا فعلتم بكرمى ؟ 

ماذا فعلتم بخرافى .. لقد سمحتم للذئاب بأن تنهش لحم خرافى .. تركتم الأقوياء يلتهمون الأبرياء 

علاّم تتحدث فى نفسك … تعجب المطران من أقوال يسوع السجين واجابه :

يا يسوع .. يا فاحص القلوب والكلى .. أرجوك بأن تستريح قليلاً الليلة ، وغداً سأروي لك باقى الأسرار الرهيبة .

للحديث بقية

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.