“انخفاض الطلب على الاستيراد وانتعاش الاستثمار الأجنبي، دفع الجنيه المصري إلى الارتفاع بنسبة 15% أمام الدولار الأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين”.. هكذا ذكر تقرير مؤسسة (كابيتال إيكونوميكس) البريطانية للأبحاث والدراسات الاقتصادية، متوقعة استمرار هذه القفزة لفترة ما.
وكان الاتحاد العام للغرف التجارية قد قرر التوقف تمامًا عن شراء العملات الأجنبية لمدة أسبوعين، وترشيد الاستيراد لـ3 أشهر، وقصره على احتياجات الأسواق الفعلية فقط من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج للمصانع التي ليس لها مخزون أو بديل محلي، بهدف الحد من الطلب على العملات الأجنبية، والمعاونة في استقرار أسعار الصرف.
وفقًا للتقرير، فإن متوسط أسعار الدولار أمام الجنيه سجل انخفاضًا إلى 16.39 جنيهًا للشراء و16.49 جنيهًا للبيع، طبقًا لمتوسط أسعار العملات بالسوق المصري المنشور على موقع البنك المركزي، بزيادة تخطت الـ15%، مما يجعل الجنيه واحدًا من العملات الأفضل أداءً في الأسواق الناشئة خلال تلك الفترة.
وقال “جايسون توفاي”، محلل الاقتصاد الكلي لدى (كابيتال إيكونوميكس): “هذا الانتعاش ربما يعكس ضعف الدولار الأمريكي خلال الأسابيع الأخيرة، لكن لنا وجهة نظر بأن الجنيه تجاوز قيمته العادلة بعد التعويم”، مؤكدًا أن معظم المقاييس توحي بأن الجنيه مقوّم بأقل من قيمته، فسعر الصرف الحقيقي هو الآن أقل من المتوسط على المدى الطويل وفي أدنى مستوياته منذ 1994 على الأقل”.
وأرجع التقرير الارتفاع الأخير للجنيه إلى عاملين، الأول تدفقات رأس المال الخاص، منوهًا إلى أن ضعف العملة المحلية جعل الأصول المصرية أرخص بكثير، وبالتالي أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، الذين ربما أخذتهم الشجاعة بسبب التحول في السياسات تحت رعاية صندوق النقد الدولي.
ولفت التقرير إلى استحواذ الأجانب على صافي مشتريات الأسهم المصرية تقريبًا خلال الأشهر الماضية، وأنهم قد رفعوا نسبة استحواذهم على أذون الخزانة بمقدار 8 أضعاف في نوفمبر، وذكر “توفاي” أن تدفقات رأس المال اكتسبت الزخم أيضًا بفضل بيع سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار في يناير الماضي.
وأضاف التقرير أن العامل الثاني الذي ساهم في ارتفاع الجنيه هو ضعف الطلب على الاستيراد، وفقًا لمحلل الاقتصاد الكلي لدى “كابيتال إيكونوميكس”، قائلًا: “رغم توقعات البعض بأن تخفيف القيود على سعر الصرف بعد تعويم الجنيه سيؤدي إلى زيادة الطلب على الواردات لتلبية الطلب المكبوت، إلا أن هذا لم يتحقق”.
وبحسب التقرير، تظهر أحدث بيانات أن الواردات بالدولار تراجعت بنسبة 30% في نوفمبر الماضي، مقارنة بنفس الشهر في 2015، مؤكدًا أن ضعف الجنيه جعل الشركات المصرية أكثر تنافسية، كما بدأت الأسر في تغيير أنماطها الاستهلاكية تجاه اقتناء السلع والمنتجات المحلية، لتحل محل الواردات.
وأوضح التقرير أن بعض الشركات المصرية شهدت طلبًا قويًا على بضائعها منذ تعويم الجنيه، وفي نفس الوقت، تشير أدلة المسح إلى أن المصدرين بدأوا الاستفادة من زيادة القدرة التنافسية، لافتًا إلى أن كل هذا من شأنه أن يساعد في تقليص العجز في الحساب الجاري، ويشير إلى أن التعديل اللازم في الجنيه قد حدث الآن.
وتابع: “استشرافًا للمستقبل، نعتقد أنه لا يزال هناك مجال لارتفاع الجنيه خلال الأسابيع المقبلة، فرغم القفزة الأخيرة، لا يزال يبدو أن العملة مقومة بأقل من قيمتها، ومع تشبث الحكومة ببرنامج صندوق النقد الدولي، وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية، فمن المرجح أن تظل تدفقات رأس المال مرتفعة، كما نتوقع تراجعًا أكبر لعجز الحساب الجاري”.
وترى المؤسسة البريطانية الاقتصادية أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي بلغ 14 جنيهًا للدولار مباشرة قبل التعويم، وهو مستوى أكثر ملائمة للعملة، وحتى إذا واصل الجنيه ارتفاعه إلى هذا الحد، فإنه سيظل أضعف من الدولار بنسبة 35% مقارنة بسعر الصرف الرسمي الذي كان معمولًا به معظم الوقت في 2016، والذى بلغ 8.8 جنيهات للدولار.