بقلم صفوت سمعان
أنه الصيدلى نجم محمود معوض الذى عاش داخل معبد الكرنك وبين أعمدته قبل أن ينقلهم عبد الناصر الى مكان لصيق بالمعبد اسمه نجع أبو عصبه ، ولنشأته فى ذلك المكان تأثر بعظمة الفراعنة وحضارتهم وأيضا بالفكر التنويرى
فعندما كان عضو بالحكم المحلى للمحافظة كان معارضا شديد البأس لما يمرره الأعضاء والمحافظ من قرارات تمس المواطن العادى ، ولذلك كانت مرحلة تطوير الأقصر تتطلب إقصائه عن الحكم المحلى كمعارض
فعندما تمت انتخابات المحليات الجديدة تم إسقاطه وسحب أصوات من كتله التصويت الخاصة به لصالح آخرين
وهو نفس ما تم مع المرحوم رشدى أشعيا
كان كاتب صحفى اسبوعى يستخدم أسلوب نقد وهجوم غير مباشر ضد تصرفات وأحيانا فساد المسئولين ، واستخدم تعبيرات ظريفة وكانت تصل للمسئول مباشرة ولا يفهمها إلا المسئول و المحيطين به وسببت له مشاكل وعداوات مثل سيد هوهو…فلان العرسة …وسيد واكل ناسه … وفلان صاحب جبلاية القرود …وفلان النسناس الواكل على كل الموائد ….الخ
كان يؤمن بالتجربة الديمقراطية الليبرالية رغم المحيط حوله يعج باليمين ،ولكنه لم يضع نفسه رهنا لأى أفكار
تتعلق بالإقصاء ، بل كان شديد العداء لمن يتبنى فكر الإقصاء ، لم يكن على الإطلاق يحمل أى كراهية لأى كائن
حتى مع المختلفين معه وحتى مع الذين خانونه وكانوا مصدر ألم له من الذين يدعون أنهم أصدقائه .
وهو وضع غير مفهوم لكثيرون الذين يرون أن المشاعر الطيبة تقابل بالمشاعر الطيبة والمشاعر العدائية تقابل بالمشاعر العدائية
فحتى مع محافظ الأقصر لم يكن له أى كراهية أو عداء بل كان يتصل به دوما بالرغم من انه اصدر قرارا بهدم وإزالة صيدليته ولما اعترض على هدمها تم تقديمه للنيابة بتهم الاعتداء على وكيل المحافظ ،ووصلت الضغوط إلى غلق عيادة زوجته وأضطر أخيرا للرضوخ للضغوط وتم تسويتها بالأرض.
ومنذ تاريخ إزالة صيدليته شهدت حياته انحدارا كبيرا من الناحية الاقتصادية وبعدها بسنوات الناحية الصحية
فمنذ شهور عديدة أصيب بجلطة أثرث بشدة على صحته وواصلت النزول حتى لم يقوى على الحركة
ولكن روحه كانت بكامل نشاطها بينما كان على العكس جسده يتهاوى، فكل من يقابله لم يكن يعرفه
وكان الأصعب على نفسيته بعد أن أقعدها المرض أن قل عدد الذين يقابلهم فلقد كانت صيدليته قبله لكل المحبين له
ولكنه يوم الأحد مع أول شعاع شمس من بداية سنة 2017 قرر الرحيل ذلك الفارس النبيل الذى أنهكه المرض
وترجل عن حصانه ليسلم سلاحه لآخرين ويودع الدنيا وما فيها وذهب لمكان حيث لا تعب ولا مرض ولا حزن
نودعك يا دكتور نجم محمود معوض ونعلم أن كثيرون يحبونك ويفتقدونك وكم كان يؤلمهم مرضك
ولكن هذه إرادة الله الذى جعلك تستريح من أتعابك والآمك التى نادرا ما أفصحت عنها لأحد حتى من المقربين
منك فقلد قررت أن لا تحمل الآخرين الشعور بالآمك فقد كنت تعلم أنك تمضى أخر فصول رحلة النهاية
ولكنك كنت تشعر من حولك أنك ستعيش سنوات طوالا .
كم سنفتقدك يا نجم ومشاعر الحزن والألم مازالت تسيطر علينا كلما نفتكرك وكلما نرى صورتك وتاريخنا الطويل
فى الصراع لأجل وطن حر فأنت لم تترك يوم فى ثورة 25 يناير وإلا نزلت حاملا الأعلام كطفل صغير فرحا بلعبته الجديدة …
تحياتى إلى روحك الخالدة