ما من شك أن الحدث الأبرز في هذه الأيام هو كأس الأمم الأفريقية، فقد تعلقت غالبية عيون الشعوب العربية بشاشات كبيرة نصبت في مراكز الشباب، أو في المقاهي، أو افترشت الطرقات في هذا البرد الشديد، نعم دفع الناس بعضا من أمولهم، وهم في أمس الحاجة إليها، لا لشيء إلا بحثا عن عده أشياء فربما:
بحثا عن فرحة يفتش عنها بين الركام الذي علا كل شيء.
بحثا عن شيء يجتمع عليه بعد أن فرقته معظم الأشياء.
بحثا عن منفذ ليصرخ فيه بكل صوته بعد أن خفتت كل الأشياء.
نعم هو يشاهد لنفسه، وبنفسه، وعن نفسه، فلا النني ولا المحمدي ولا وردة ولا حتى كوبر في بداية البطولة هو من يتلقى الانتقاد والصراخ، بل أشياء تكاد تلامس كل شيء حتى الأنفاس، أبدا ليس صلاح ولا علي جبر ولا حتي الحضري من تعلو لهم صرخات الثناء والمديح والدعاء؛ ولكنها الرغبة الكامنة وراء مشاهدة النجاح حتي ولو خرجت تلك المشاهد من رحم الأيام القاسية.
نعم قاسيه تلك البطولة فقد اكتشفنا أننا وقعنا بلا حول ولا قوه أسرى سيطرة رأس المال، فقد خفتت كل الأصوات التي كانت تتحدث عن أن كرة القدم هي المتعة الوحيدة، وينبغي أن لا تحبس عن الجميع، فقد حبست وأخذتها احدى الشركات، وحرمت منها الجميع، واضطر الكبير والصغير بل حتي المؤسسات الرسمية أن تجلس أمام شاشات قد دفعت لها راغبة أو مرغمة من الأموال الكثير، فعلا قاسية هي سيطرة رأس المال.
نعم قاسيه تلك الدورة فقد تعلمنا منها ونحن علي أعتاب نهايتها أن الكثير قد فاتنا ونحن نفتش في الماضي القريب أو البعيد متعللين بأننا أصحاب الفضل في تحرير تلك البلدان، أو أننا من أحفاد بناة الحضارات، بينما هؤلاء يعملون في صمت، وبنفس طويل، وتحت ظروف أشد من القسوة، فخرجت أجيالا لا تعرف تلك الأفضال التي نتحدث عنها، ونشأت تجمعات قادرة على تنفيذ القانون في بلدان مجاورة، وجامبيا خير مثال.
نعم قاسيه وحانية تلك البطولة التي ترسل لنا يوميا برسائل مفادها أن الإرادة هي القاهرة لكل الصعوبات، وأن الدعوات مع من خلص إيمانه وصدق عمله ربما تكون طوَّق نجاة تعين علي الفوز ليس فقط في البطولة الأفريقية، ولكن في كل ميادين السباق.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط
الوسومأ.د/ عبدالرازق مختار محمود
شاهد أيضاً
من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!
كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …