محمد السيد طبق
لم يعرف العرب القهوة قبل القرن السادس عشر الميلادي. ويعود اكتشافها العربي إلى مشايخ الصوفية اليمنيين. ويرجح البعض أن الصوفي العدني أبو بكر بن عبد الله العيدروس كان من أوئل مستخدميها.
انقسم علماء اليمن بين محلل ومحرم لشرب القهوة وراى من حرموها انها مسكرة ومنافية للمروءة.
انتقلت القهوة من اليمن إلى مكه عبر التجار والحجاج اليمنيين. وقد تحدثت كتب التاريخ عن “واقعة مكه”
عام 1511م عندما ضبط ناظر الحسبة مجموعة تشرب القهوة في جوار الحرم مما أثار جدلا فقهيا ادى الى تحريمها واعتبارها خمرة مسكرة فصدر الأمر بجلد بائعها وشاربها وطابخها وشاريها!
بل اخترع الفقهاء احاديث ونسبوها للرسول على شاكلة:
قال رسول الله (ص) من شرب القهوة يحشر يوم القيامة ووجهه أسود من أسافل أوانيها”!
وقد اضطر الناس الى شرب القهوة في السر. وكانت العامة تهاجم لمقاهي وتحطمها باعتبارها
خمارات وأماكن للرذيلة.
وتفنن الفقهاء في تحريم القهوة واماكن شربها فقالوا انه لا يجلس في مجالس القهوة إلا أرذال الناس
وانها مضرة بالصحة ومذهبة للعقل وخارمة للمروءة وقالوا انها تساعد على السهر مما يؤدي الى إضاعة صلاة الفجر.
ومن اليمن الى مكة ثم الي مصر
ظهر مشروب القهوه في مصر في رواق الطلبه اليمنيين بالأزهر الشريف فكان يرتشف بعض صوفيي اليمن رشفات من القهوة لتساعدهم على الدراسة والاستيقاظ والذكر، وشيئًا فشيئًا انتشر أمر القهوة بين دارسي الأزهر الشريف ومن هنا كان ميلاد دخول مشروب القهوة إلى مصر في العقد الأول من القرن السادس عشر.
قوبلت القهوة بمعارضة شديدة من قبل رجال الدين والطبقات المتشددة – كما كان الحال في مكة أيضًا .
وفي عام 1572 قام أحد فقهاء المذهب الشافعي وهو الفقيه أحمد بن عبد الحق السنباطي بحملة عنيفة ضد المشروب الجديد عندما طرح عليه أحد السائلين سؤالاً حول شرب القهوة :
“ما رأيك في المشروب الذي يدعى قهوة والذي يزعم بعضهم أنه مباح رغم ما ينجم عنه من نتائج وعواقب فاسدة؟”
فأفتى بتحريمها وبالتالي قامت ردود فعل سلبية عليها وعارضها المجتمع بشدة.
استمرت معاداة القهوة ومحاولات تحريمها بضراوة؛ ففي منتصف عام 1572 أدت خطبة أحد الأئمة الموالين الفقيه احمد السنباطي عن القهوة إلى هياج شعبي ضدها.
لكن التاريخ يؤكد أن عدوى التحريم أصابت عموم القاهرة، حين هاجم فقيه متشدد اخر القهوة ومن يشربونها على المنابر وهو ما دفع المستمعين له لتحطيم المقاهي لتعيش القاهرة حالات شغب من أجل القهوة
وفي نهاية عام 1572 صدرت فتوي مفاجئه بالقاهرة – في مطلع شعبان 968 هـ/ 1572م يقضي بمنع المنكرات والمسكرات والمحرمات، وبغلق أبواب الحانات والخانات، ومنع استعمال القهوة والتجاهر بشربها، وهدم كوانينها وكسر أوانيها
ولتنفيذ هذا الحكم كما يصف الجزيري: “كان العسس على الفحص وبيوتها وباعتها شديدًا جدًّا، وضربوا وأشهروا وهدموا البيوت وكسروا أوانيها المحترمة الطاهرة التي هي مال لرجل مسلم..
تدخل تجار البذور والبن و منتجي القهوه و البائعين وارسله وفد الي الشيخ احمد السنباطي يطلبوا الرجوع عن الفتوه .. فكان رده …
ما دام القهوه تؤثر في العقل ايجابا او سلبا فهي حرام !!
قامت معركه حامية الوطيس بين مؤيدي الشيخ و فتواه و بين التجار
و مؤيديهم من البائعين ..
مات احد مؤيدي التجار .. فهرب الشيخ ومؤيدوه الي مسجد .
حاصر التجار المسجد من كل جانب … وجائهم خبر وفاة شاب اخر منهم وخبر اخر يؤكد ان هناك شاب في خاله خطره .. الي ان اصيبوا بصدمه عندما علموا بموته
فقرر التجار الاستمرار في محاصرة الشيخ ومؤيدي فتوي القهوه حرام شرعا في مسجدهم
اشتركت اهالي القتلي في الحصار وبقدوم الليل ارسلوا احدهم لاحضار بطاطين و عمل صوان باعمده لتقيهم البرد … و نكايه في مؤيدي الفتوه قام التجار و وزعوا مشروب ساخن .. كان قهوه بدون سكر !!
استمر الحصار ثلاثة ايام مع استمرار حالة الفوضي و الشغب حتي وصل امر الاصطرابات لامر السلطان العثماني مراد والذي قام بتعيين مفتى جديد .
وهو والذي استصدر فتوى جديده بعدم حرمة شرب القهوة ..
اعتبر التجار ومؤيدي شرعية شرب القهوه ان هذا التغيير انتصار لهم ولارواح شهداء القهوه … و سمي مشروب البن بالقهوه التركي
انتقلت هذه العاده من حدث الي عاده عند اهالي تجار البن في القاهره ومنها الي كبار الاعيان
ومنها الي اقاليم مصر
فكان كل ميت يقام له صوان ويشرب المعزيين القهوه الساده وحتي هذة اللحظة