تنظر اليوم لجنة الصحة مشروع قانون لممارسة العلاج الطبيعي ، يقترح المشروع السماح للمعالجين الطبيعيين بمناظرة المرضى والعمل منفردين بمراكزهم و تشخيص المرض و كتابة الدواء …
مرة أخرى قبل الدخول في تفاصيل المناقشة يهمني أن أؤكد كامل الإحترام للزملاء المعالجين الطبيعيين ، لأنهم جزء أساسي و هام من الفريق الطبي ، و التعاون بين الأطباء و بينهم و بين باقي أفراد الفريق الطبي أساسي لصالح المريض ، و لصالح المريض أيضا لا يجب أن نتغاضي عن إنه لا يمكن أن يسمح لغير الطبيب بالكشف على المريض ، و لا تقرير خطة العلاج و لا كتابة الفحوص و لا كتابة الدواء ..
الزملاء المعالجيين الطبيعيين يؤكدون أن دراستهم تطورت جدا ، و أصبحوا يدرسون أمراض باطنية و جراحية و علم عقاقير و كل ما يدرس بكلية الطب ، و هنا يجب أن نوضح أن التمريض أيضا يدرس كل هذه المواد ، و لكن ماهي زاوية و جرعة الدراسة ؟ فقط دراسة الطب كاملا بما فيها الدراسة الاكلينيكية في المستشفيات الجامعية ، التي يقضي طالب الطب بها 3 سنوات كاملة قبل التخرج ، بالاضافة لسنة الامتياز بعد التخرج ، فقط هذه الدراسة هي التي تعطي للطبيب حق كشف جسم المريض و تقرير خطة العلاج و كتابة الأدوية كممارس عام ، أما من يتجه للتخصص فسيكون عليه أن يبدأ رحلة طويلة جديدة تستمر من 4 إلى 6 سنوات بعد أن يقضى سنة على الأقل كممارس عام .
الزملاء المعالجيين الطبيعيين يطالبون بالعمل منفردين و التشخيص و العلاج منفردين “في حدود تخصصهم” و لكن من يحدد أن هذا العرض “ألام الظهر مثلا” هي في حدود تخصصهم ؟ الحقيقة أن نفس العرض من الممكن أن يكون ألام بسيطة في العضلات ، أو إنزلاق غضروفي أو ناتج من ورم خبيث ، أو من إحتقان بالحوض ، أو إلتهاب بالكلى أو … لذلك لا يسمح للطبيب بالتخصص قبل دراسة كاملة للطب ، لأن ترابط الجسم ، و تداخل الأعراض أكبر من أن يسمح لمن يدرس جزء من الطب بأن يتمكن من التشخيص و العلاج ..
و أنا عندما أفتح هذا المجال أؤكد أن ما يدفعني ليس الدفاع عن بضعة مئات من الزملاء أطباء الطب الطبيعي ، اللذين يحاول الزملاء المعالجين الطبيعيين منعهم من العمل في تخصصهم ، ببساطة لأن هناك مجالات عمل أخرى كثيرة أمامهم ، و لكن ما يدفعني هو خوفي و رعبي على المرضى في مصر من الظاهرة الحديثة ل “تقطيع الطب” ..و هي الظاهرة التي أرها خطيرة جداعلى المرضى .. يدفعني رعبي أن يسمح لكل من درس أجزاء من الطب لمدة 4 أو 5 سنوات بعيدا عن المستشفيات الجامعية ، و بعيدا عن تأهيل حقيقي كامل ، بالعمل منفردا و التشخيص و العلاج ..
يبدو أن الكلفة العالية لإنشاء كليات الطب الخاصة ، لأنها مرتبطة بتواجد مستشفيات جامعية لإستكمال الدراسة و التدريب الاساسي لطلبة الطب ، تدفع من يريد الاستثمار في مجال التعليم الطبي لفتح كليات العلاج الطبيعي و المهن الصحية التي يتم حاليا تغيير اسمها للمهن الطبية ، وأصبح إقناع الأهالي و الطلبة بأن هذه الكليات تخرج أطباء ، و الحرب بكل السبل لذلك ، جزء أساسي من الترويج لهذا الكليات ، و لهذا البزنس الذي يدر الملايين و المليارات.
مرة أخرى كامل الإحترام و التقدير لكل الزملاء من لعلاج الطبيعي ، اللذين لا نستطيع أن نعمل بدونهم ، أما حق المريض في أن تتم مناظرته و علاجه من أطباء مؤهلين تأهيلا كاملا ، فهذا حق لا يمكن أن نتنازل عنه ، و نحن ندعو كافة نوابنا المحترمين بلجنة الصحة بمجلس النواب ، أن يتشبثوا تشبث مبئي واضح ، بحق المريض أن يتم تشخيصه و وضع خطة علاجه ، و الإشراف على علاجه ، بواسطة الطبيب المؤهل لذلك ..
الوسومأسامة صابر منى مينا نقابة الأطباء
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …