في كل مكان وزمان يوجد أولئك الذين يتصيدون الأخطاء، ويقلبون الأمور علي غير حقيقتها، بل وربما يعملون أفهامهم العقيمة، وأحيانا أقلامهم النجسة، لكي يدسوا علي من يكرهون أقوالا مغلوطة، أو يلبسونهم ثوبا علي غير حقيقتهم، هؤلاء هم من مكروا بكل الصالحين. ينصبون لهم الشرك تلو الشرك، حتي يقعوا في صدام مع مجتمعهم، هكذا فعلوا ويفعلون مع كل الأنبياء وكل الصالحين وحتى يومنا هذا.
وفي سيرة السيد المسيح عليه وعلى نبينا السلام، كان فقهاء اليهود يذعنون بالجزية، وهى تؤخذ منهم عنوة عن طريق الالتزام الذي لا يخص الأفراد بالأسماء بل يؤخذ جملة على الأكوار والأقاليم، ولكنهم كانوا ينكرون أداء الجزية من ناحية المبدأ أشد الانكار، ويحكمون بكفر من يجيزها ويشترك في تحصيلها وينبذونه من الجماعة، وينبذون معه من يعاشره ويتحدث إليه، ولهذا دبروا مكيدتهم للسيد المسيح ليسألوه أمام جمهرة الشعب عن أداء الجزية هل يجوز أو لا يجوز ” فأرسلوا إليه تلاميذهم قائلين: ” يا معلم! إنك صادق تعلم بالحق ولا تبالى أحدا لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس. فقل لنا ماذا تظن؟ أيجوز أن نعطى جزية لقيصر أم لا يجوز؟. فكان جوابه المشهور أروني معاملة الجزية! ونظر إلى الدينار الروماني فسألهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟ فلما أجابوه أنها لقيصر قال لهم: اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ، وأسكتهم جوابه لأنهم لا يرفضون العملة القيصرية مع وجود العملة اليهودية، ولو كانوا يستنكرون أداءها حقا لأنكروا كسبها وادخارها، وقد كانوا يكسبونها ويدخرونها.
نعم نجح السيد المسيح أن يخرص هؤلاء، وأن يرد كيدهم في نحرهم ، فمن حفر حفرة لأخية وقع فيها، ومن نصب الكمائن وقع في شرك ما نصب، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، فكون الله لا يسير إلا علي مراد الله الذي جعل الحق شريعة، وأقسم أن الحق ظاهر، وأن الباطل حتما زاهق.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط
الوسومأ.د/ عبدالرازق مختار محمود
شاهد أيضاً
من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!
كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …