عندما تختل الموازين، وتنحرف الاتجاهات، وتحدث الهزات العنيفة في كل يحمي تماسك المجتمعات، ويصبح انعدام التوازن هو الثبات، والانحراف هو الاستقامة، والفشل نموذج النجاح، ويصبح الاتساق في عدم الاتساق هو المقياس والمعيار، وينقلب هرم القيم وتسود ثقافه الفهلوة، والبكش، ويصبح الشعار ( اللي تغلبه العبه ) يتحول الجميع وبقدره قادر، وفي لمح البصر، ودون مقدمات، ولا مؤهلات يتحولون جمعيا إلي ذلك النموذج الفج وهو الواعظ الأكبر المنزوع من كل القدرات.
فالإعلامي الجاهل والأحمق، يتحول إلي منظر لقيادة الوطن في مرحلة التشكيل، ويرتدي بكل أريحية ثياب الواعظ الأكبر، والمدير الذي يتحول إلى الأمنجي ويعمل مخبرا علي زملائه ويتباهى بذلك، ويرتدي ثياب حامي عٌري الوطن هو أيضا الواعظ الأكبر، والتاجر المحتكر الذي باع ضميره من أجل حفنه من الأوراق البالية عندما تناقشه تجد نفسك أمام الواعظ الأكبر، والمعلم الذي قصر في واجبه؛ لأن الدولة قصرت في حقوقه هو أيضا يحمل في جعبته أسانيد الواعظ الأكبر. وصاحب الصناعة لذي دلس في صنعته واضر بجودته يرسل لنا من الإعلانات والدعاية ما يدلل على أنه الواعظ، أما الساسة الذين يجيدون القفز علي كل الحبال، وبسرعة تفوق الخيال يملكون ذات لسان الواعظ الأكبر.
كلنا وبدرجات متفاوتة، وفي أوقات مخصوصة، وأحيانا لا إراديا نجلس وبأريحية علي مقعد الواعظ الأكبر، نسطر ونفند ونسوق الحجج البالية في التوقيت الخطأ، علي مسامع غائبة عن الوعي؛ بغيه هدف أعمى، ومكاسب رخيصة وزائلة، تضر النفس وتهزم الوطن.
لا نجاه لنا جميعا في هذه الأيام إلا عندما نري أنفسنا كما هي، وكما نُلقي الآخرين بعيوبهم جهارا، ينبغي أن نتقبل بل ونسعي ونقدر من يهدي إلينا عيوبنا.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط
الوسومأ.د/ عبدالرازق مختار محمود
شاهد أيضاً
تفاصيل الحكم النهائي الصادر في حق القاضي قاتل زوجته “المذيعة شيماء جمال”
أمل فرج أصدرت محكمة النقض المصرية، الاثنين، حكمها النهائي بإعدام المتهمين أيمن عبد الفتاح، و …