مقطع من رواية
انضمّت أمّ علاء إلى صباحيّة النّساء اليوم. هذه أوّل مرّة تنضمّ لنا. بعد ثرثرة، وضجيج غنّت لنا أغنيّة قد تكون هي من ألفّها. لم نسألها لكنّنا بكينا جميعاً، وكأنّ الحياة تبدأ من هذه اللحظة.
قالت.في أغنية ندب:
مكسور خاطري منّك يا زمن. . . مكسور
من أول لحظة خلقت فيها . . . قصيت جناحي
وصرت ضلع مكسور
أمي ناحت يومها للصّبح
وبيي يروح ويجي محزون
وكان العزاع الكل
، وزعوا فيه صحون الفرح
من يومها وأنا بقولالنعم.
واللا ما عرفت قول.
. . .
الأغنية طويلة لن نكتبها كلّها. تكمل أمّ علاء حديثها، تستمع النّساء بخشوع.:
ليلة أمس لم أنم. كنت أستعرض أين يقع الخلل في شخصيتي. بعد أربعين عاماً من الفشل اكتشفت السّر. السرّ هو في خضوعي لرغبة الآخرين. مع أنّني أحبّ أمّي ، لكنّني لا أعفيها من صفة الجهل. من كثرة خوفي على مشاعرها أصبحت ممسحة لكلّ نذل لئيم، لم يشفع لي ذلك حتى نبذني الرّخيص، وكان عليّ أن أرميه في سلّة القمامة.
أنا لست أمّي. أحمل دموعها، وقهرها، لكنّني لا أحمل ذلك الرّعب من الرّجل، ولا أعلّم ابنتي على مفهوم العار الاجتماعي، فكلّ البشر يجرّبون الحياة.
هل تعرفون أوّل شرط لنجاح المرأة في زواجها؟
السّر سهل وبسيط. أن تكون صاحبة تجربة، وكلّما كانت تجربتها أكبر، كلّما كان واردها أكثر. ألا تلاحظون معي أنّ بعضهنّ يفرش لهنّ أزواجهم الأرض بالزهور ؟من هنّ؟ أترك الجواب لكنّ. صمتت أم علاء، بدأت النّسوة تردّ عليها. نعم أم ثورة تشتم زوجها، بينما يحضنها. يقال أنّه لولاها لم يكن له شأن. كانت رفيقة الوزير، وابنه وصديقه، وأحياناً تبقى حتى الصّباح مشغولة، وزوجها واثق منها، ومؤمن بها لذا ينام ملء جفنيه قرير العين.
تتدخّل أم علاء: لم تدعنني أكمل. فقط كلمتان أرغب أن أقولها لكم. عندما يقول لكم طفلكم لا. لا ترغموه أن يقول نعم. لأنّه يتعلم الزّيف فيقول نعم، بينما يفعّل كلمة لا.
الجميع يصمت. ثمّ تبادر إحداهن. استعدّت للتوّ شريط حياتي. رأيتني لا أحترم نفسي، وأمّي لم تكن تحترم نفسها. لقد ورثتها.
تجيب إحداهنّ: جميع النّساء لا يحترمن أنفسهن مرغمات لأنّهن محرومات من الحقوق في بلادنا، يخفن على أولادهن، وعلى المعيشة، ولكنّني منذ اليوم سوف أترك الحرّية لأولادي في أن يقولوا: لا.
مكسور خاطري يا زمن مكسور. . .