الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود

وتدق الأجراس طلقني شكرًا .

على أجراس تعديل قانون الطفل تخرج علينا ليل نهار علي شاشات الفضائيات بعض الحسناوات، وبعض الناشطات، وكثير من المسترجلات بعضهن ترتدي رداء الواقعية والرغبة في الإصلاح، وأخريات خرجن إلي تلك البرامج، وهن حبلي بتحارب من الفشل الأسري الشنيع، ولسان حالهن يقول: فليكن كلنا فاشلات.
نعم خرجت وقد أعدت العدة لبث سمومها وكراهيتها المقيتة لزوجها الخائن، أو استعراض كراهية أهل زوجها الحمقى، أو عرض تجربتها العفنة، خرجت لتصدر إلينا أن تفكيك الأسرة وحرمان الأبناء من آبائهم وبعدهم عن ذويهم هو الأصل، وأن الانتقام هو سيد الموقف، وتلبيس الزوج ثوب الذل هو الهدف، وللأسف وجدت بعض هذه الأصوات ضالتهن في أفران التوك شو المشتغلة بتعرية المجتمع، والعازفة يوميا علي أوتار السلبيات؛ لتملأ ساعات من الهواء نحن في أشد الحاجه إليها لنبني مجتمعا خارت قواه، وتفتت أوصاله، وتفككت روابطه، وسادت في ربوعه قيم الفهلوة، والتكاسل، والتكسب بدون وجه حق.

إذا نظرنا إلي محاكمنا وجدناها عامرة بملايين القضايا فبعض الإحصائيات التي أظهرتها الأمم المتحدة تشير إلى أن حالات الطلاق في مصر وصلت إلى 20 حالة في الساعة الواحدة، ما يزيد عن 170 ألف حالة سنوياً، ووفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء، سجلت مصر حالة طلاق كل 6 دقائق خلال عام 2013، أي 240 حالة طلاق يومياً. ووفقاً لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء، وصل عدد المطلقات عام 2014 إلى مليونين ونصف المليون.

هذه الملايين الكثيرة من القضايا تعني أن وحدة المجتمع وهي الأسرة قد علاها الكثير من الانهيار، وإذا تعمقنا في أسباب ذلك، وجدناها في جلها أسبابا أقل ما توصف بالتافهة والحقيرة، فهو طلقها؛ لأنه مكث يداعب بروفايله، وهى تركته وذهبت لصورها علي انستجرام، وآخر قذفها خارج حياته؛ لأنها مالت بالقول في هاتفها، وهي لفظته؛ لأنه غازل في منامه رفيقه عمله، وأخري لأن أمه قاسية، وآخر لأن جارته جميلة، وأخري لأنها ضاقت عليها الحياة، وآخر لأنها تنفق في غير محل، وعلي هذا المنوال من المشاكل اليومية يوجد الملايين، وبأقل مجهود وبرفقة من السماحة، وبحكم من أهله وحكم من أهلها يريدا إصلاحا كانت كل تلك الملايين مكانها الطبيعي عِش التوجيه الهادئ، الذي استقر علي وقع التجارب.

أما وحالنا هكذا، ودكاكين التفرقة عامرة، فبدلا من أن يظهرن ناصحات ناقلات لخبراتهن؛ لدعم الاستقرار؛ والتماسك والحرص على أسرهن في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، بدلا من ذلك خرجن علينا وهن يحملن شعارا واحدا طلقني شكرًا، فقد كرهن الحياة، وضعفن عن تحمل المسؤولية، وخارت القوى عن المساهمة في البناء، والنتيجة أسره مفككة، وأطفال أقل ما يوصفون بأنهم الضحية، التي ربما سوف تحمل أحزمة ناسفة، وأفكارا بالية، وقيما منحلة، وتقاليد فاسدة.
لا أستثني أحدا من تحمل المسؤولية، كلنا شراء فالرجال والنساء ووسائل الإعلام، وكامل المجتمع مدعون للحفاظ علي الأسرة، وتدعيم تماسكها من أجل مجتمع متماسك يسعي؛ ليجد له في المستقبل موضع قدم ، ويتحول الشعار من طلقني شكرا إلى شعار: مازال رصيدكم يسمح باستمرار الحياة، ما زال لديكم العديد من الفليكسات لشحن المودة، مازالت باقتكم عامرة برصيد من الماضي يتيح لكم التواصل، والاستمرار بكفاءة.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.