أظهرت إحصائية لوزارة القوى العاملة فى شهر فبراير من العام الجارى، أن عدد المصريين العاملين بالخارج يقدر بنحو 3.5 مليون شخص، لكن إحصائية أخرى صادرة عن الاتحاد العام للمصريين العاملين بالخارج، تقول أن العدد يصل إلى ما يقرب من 6.5 مليون مصرى يعملون فى دول الخليج فقط، منهم 2 مليون فى المملكة العربية السعودية.
خلال الفترة الأخيرة وتحديدا فى العامين الماضيين، بدأت بوادر لأزمة اقتصادية تضرب دول النفط خاصة بعد انهيار الأسعار، الأمر الذى بدأت معه الدول المنتجة للذهب الأسود تقليص الإنفاق الحكومى، حيث أثر ذلك على المؤسسات والشركات الخاصة التى تعتمد كليا على العمالة الوافدة التى تأثرت بدورها بما يلاحق هذه الدول من أزمات.
وفى المملكة العربية السعودية، أصبح السؤال الذى يتردد بين العاملين هناك “هل حان وقت الرحيل؟”، وباتت الكثير من المخاوف تشغل ذهن آلاف العمال الأجانب بالمملكة حاليا، خاصة الوافدين من الدول العربية التى تعانى من مشكلات اقتصادية وسياسية، حيث أصبحت العمالة الأجنبية تواجه العديد من المشكلات منها عمليات الشطب من وظائفهم وتأخير لدفع رواتبهم، بل أصبح الأمر يصل إلى حد امتناع بعض الشركات السعودية عن دفع الأجور.
ووفقا لعدد من البيانات والإحصائيات التى توضح الوضع الاقتصادى الحالى للمملكة العربية السعودية، أصبح هناك العديد من الأسباب التى تهدد وضع كل عامل أجنبى يعمل بالسعودية حاليا، أهمها:
1- هبوط أسعار النفط والذى نتج عنه آثار اقتصادية سيئة تعانى منها المملكة حاليا فيما يخص الفوائض المالية التى كانت تحققها من العائدات البترولية والتى تعتمد عليها بشكل اساسى فى اقتصادها، مما دفعها لاتخاذ عدة إجراءات لترشيد الإنفاق.
2- العجز المالى فى موازنة 2016، وكذلك العجز المتوقع فى موازنة العام المالى الجديد “2017” والمقدر بـ198 مليار ريال، وهو ما قد يدفع المملكة للاستغناء عن الكثير من العمالة الأجنبية ترشيدا للنفقات.
3- اتجاه المملكة مؤخرا لترشيد الإنفاق الحكومى من خلال تخفيض معدل الإنفاق على المشاريع فى كافة القطاعات، وهو ما يصعب على بعض شركات القطاع الخاص الاستمرارية فى التوسع بأعمالها، ويضطرها لتقليص عدد العمالة بها.
4- صعوبة تسريح العامل السعودى والمحصن بأنظمة وزارة العمل، وهو ما يجعل العامل الأجنبى المهدد الوحيد بالترحيل والاستغناء عنه فى القطاعات التى تواجه مشكلات اقتصادية حاليا بالمملكة.
5- السياسات والبرامج التى تتجه إليها المملكة حاليا لتحفيز القطاع الخاص لتوظيف السعوديين، والمعروف بنظام “السعودة”، خاصة أن نسبة العمالة السعودية بالقطاع الخاص لا تتجاوز الـ10% فى حين أن العمالة الأجنبية بهذا القطاع تصل إلى 9 ملايين عامل تقريبا.
6- القرارات التى اتخذتها المملكة مؤخرا، والتى رفعت من كلفة العامل الأجنبى لدى الشركات، مثل زيادة رسوم التأشيرات، إضافة إلى فرض رسوم على التحويلات النقدية التى يجريها العاملون الأجانب المقيمون بالمملكة تبدأ بـ6% فى السنة الأولى للعامل.
وبالرغم من أن هذه الأسباب قد تكون تهديدات مستقبلية للعمالة الأجنبية بالسعودية، إلا أن بوادر هذا الخطر ظهرت بالفعل، متمثلة فى تأخير الرواتب، وهى المشكلة التى أصبح يعانى منها 90% من العمالة الأجنبية الموجودة بالمملكة، خاصة العاملين بالقطاع العقارى، أكثر القطاعات تأثرا بالإجراءات الأخيرة للحكومة السعودية والتى تقتضى بتقليص نفقاتها.
كانت قد أظهرت بيانات رسمية صدرت فى يوليو الماضى، سقوط المملكة العربية السعودية فى هوة الركود للمرة الأولى منذ الثمانينيات، وهو ما دفع الدولة لتخفيض نفقاتها بعد تراجع أسعار النفط، وبسبب نظرا لما تواجهه من أزمة اقتصادية، خاصة فى قطاع البناء والتشييد، والذى يعتمد على مشاريع البنية التحتية التى تمولها الدولة، مما أدى إلى تدهور أوضاع العمال الأجانب، وعدم حصولهم على أجورهم حتى الآن.
ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن عدة جهات رسمية بالمملكة العربية السعودية، هناك الآلاف من العمالة الأجنبية المهددة بالاستغناء عنها، من بينهم نحو 24 ألف فلبينى وباكستانى وهندى ومصرى أيضا، الأمر الذى دفع الدولة مؤخرا لمنح تأشيرات الخروج لعدد كبير من العمالة الأجنبية على حساب المملكة، منعا لتفاقم الأزمة.