بقلم / محمد سعيد أبوالنصر
بمجرد أن تتلفظ بهذه الكلمة ، تأتيك النكات من هنا وهناك على الحماة ،فهي مصدر السعادة إذا أحبت زوج ابنتها ،وإذا كرهت فهي العصا الغليظة ،وكرباج الوجع وسوط الألم ،والمشرط القاطع ، والسيف البتار ومستودع الهم ومنتج الصراع ،ولقد وصفت السينما العربية وخاصة المصرية حالة الحماة وأظهرتها بأنها المرأة الشريرة والست المتسلطة وصاحبة المؤامرات والمشاكل، وأحيانا نصاب بنوبة من الضحك لمجرد مشاهدة أفلام الحموات التي تظهر فيها الحماة مخربة للبيوت ، وكم نتذكر المقالب التي قامت بها الحموات من أجل افساد الزواج لأنها تكره زوج ابنتها ، فكيف يتعامل الرجل مع حماته ، لو فكر الانسان في منزلة الحماة الحقيقي ، لعلم أن الشرع قد جعلها في موضع يستلزم منه الاحترام لها
فالحماة هي أم الزوجة التي سعيت للزوج منها ،وهي جدة أولادك ،وهى المرأة المحرمة عليك ،فلا يجوز لك أن تتزوجها لأنك من محارمها بمجرد العقد على زوجتك، لو نظر الرجل لحماته هكذا لاستراح ، ولو نظرت المرأة لحماتها على أنها المرأة التي قدمت لها هذا الزوج على طبق من فضة بعد ما كبر ليتزوجها ويستر عرضها ،وأنها في منزلة أمها لاستراحت ، ولو حدثت بينهما مشاكل فعلى الزوج أن يقرب بينهما ،مع ملاحظة أن حق الأم مقدم على الزوجة ،فهو مهما أحب الزوجة فلا يقدمها على أمه ،إنما يجمع بينهما بقدر الإمكان . والأنسب هنا اتباع الذكاء الاجتماعي وتلطيف الأجواء بقليل من الكلمات المعسولة للطرفين. ولتعلم الزوجة أنها ستصير بعد فترة من الزمن أُما لولد سيكون زوجًا، وستكون حماة، فلتفكر المرأة كيف تتصرف وكيف يكون موقفها من قلب ابنها وقلب زوجته في المستقبل القريب
لماذا نكره حمواتنا ؟
بعض الناس يكره حماته
– لسلاطة لسانها ولتدخلها فيما لا يعنيها .
– في كثير من الأحيان تكون أم الزوج مهتمة بابنها أكثر ما يكون الاهتمام ، فلما يتزوج يجد أن زوجته أقل اهتماما بحيث لا تستطيع زوجته أن ترقى إلى ما كانت تصنعه معه أمه فيرى الزوج أن المائدة أو الطعام الذي كانت تعده له أمه أفضل مذاقا وأقل إنفاقا ومع ذلك لا تحاول الزوجة إصلاح نفسها ولا تغير وضعها قائلة أنا كأمي .
-ذكر الحماة من الزوجة في مواقف متعددة بدون داع وتمجيدها أكثر من اللازم، فأحيانا تُسمع الزوجه زوجها سمفونية مدح متكررة مما يجعل الزوج يكره حماته ،فيأتي رد الفعل العكسي، فزوجته بالرغم من تقصيرها في إعداد الطعام وتنظيم الملابس، تقول أنا مهتمة بك كما تهتم أمي بأبي وتظل تمدحها بدون داع، ولو أن أمها علمتها ما كانت بهذا الإهمال . وبالفعل لو أحسنت الحماوات لكانت كمثل هذه الاعرابية :التي أوصت ابنتها ليلة الزفاف قبيل زواجها فقالت لها :
أي بنية! إنك فارقت الحواء الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه إياك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً.
أي بنية! احفظي له عشر خصال يكن لك ذخراً وذكراً.
فأما الأولى والثانية: الصحبة له بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: التعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه. فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
أما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، لأن الاحتفاظ بالمال من حسن الخلال، ومراعاة الحشم والعيال من الإعظام والإجلال.
أما التاسعة والعاشرة: فلا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.
ثم اتقي- مع ذلك- الفرح بين يديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التذكير.
وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراماً.
وكوني أكثر ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما يكون لك مرافقة.
واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت.
فهل تفعل الحموات مثل ما فعلت هذه الأعرابية لتكون ملاك الرحمة أم ستظل القنبلة الذرية
كيف يتعامل زوج الابنة مع حماته :
زوج الابنة بمجرد العقد على الابنة أصبح محرما على الأم “الحماة ” على التأبيد وأصبحت الحماة محرمة عليه “فتعامله كما تعامل ابنها ، لكن العلماء اختلفوا في القدر الذي يصح للمرأة أن تظهر زينتها أمام محارمها
فذهب الحنفية :إلى جواز نظره إلى الرأس والوجه والصدر والساق والعضد، ويحرم عليه النظر إلى ما بين سرتها وركبتها وظهرها وبطنها، وعرَّفوا البطن بأنه ما لان من المقدم، والظهر ما يقابله من المؤخر.
وذهب المالكية -كما في منح الجليل-: إلى أنه لا يجوز له النظر إلى جميع جسدها غير الوجه والأطراف من عنق ورأس وذراع وقدم، لا ظهر وصدر وثدي وساق، ويجوز لمس وجهها وأطرافها إن لم يخش اللذة.
وذهب الشافعية: إلى أنه يجوز له النظر إلى جميع بدنها، ما عدا ما بين السرة والركبة، وقيل: ما يبدو في المهنة فقط.
وذهب الحنابلة إلى أنه لا يجوز للرجل النظر إلى محارمه من النساء، إلا ما يظهر من المرأة غالباً.
قال ابن قدامة في المغني: “ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستتر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما”. ا.هـ
ولعل هذا المذهب هو الأوجه عندي فلا يجوز للمحارم النظر إلى ما سوى ذلك، وهذا إذا لم تخش الفتنة ، فإن خشي المحرم الفتنة حرم عليه النظر إليها. ويجب التنبه إلى أن المحرمية لا تحل ما حرمه الله من التلذذ ، بل التلذذ بالمحارم أشنع من التلذذ بالأجنبيات.
الوسوممحمد سعيد أبو النصر
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …